نقاط على الحروف
1979.. فإذا هي تلقف ما يأفكون
أحمد فؤاد
لسنوات وعقود طويلة، زرعت الولايات المتحدة في الرقعة العربية بكاملها الخنوع والتسليم والذل، لسنوات طويلة خلت كنا أمة مهزومة، بكل ما تحمله الهزيمة من أمراض ونواقص وانكسار.. حتى خرج الكريم، في ذكرى أعز من أن تفوّت، لينقض أهرام العار التي أسرت النفس العربية طويلًا جدًا.
بكلمات بليغة، عميقة المدى والدلائل، سيسجلها التاريخ كعنوان جديد تمامًا، فجر سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، قنبلته المدوية، في وقت ظنت فيه واشنطن وأزلامها أن لا فكاك لرقابنا من التبعية، ليطوي عهدًا كاملًا، ويفتتح زمنًا جديدًا، زمن لن تسبى فيه زينب(ع)، ولن يقبل شريف العبودية للسيف.
تولى الحد الأقصى من الضغط الأميركي صناعة الحد الأقصى من إرادة كسر كامل شروط التبعية الاقتصادية والسياسية، التي فرضتها قواعد اللعبة كما وضعتها واشنطن، ووّلّدت العزّة، في خطاب السيد وكلماته، وضعًا ارتقى بسمو وقوة بالغين إلى الانتقال لمدار جديد بالكامل.
فجأة لم يعد لقانون قيصر على سوريا وجود، وفي لحظة حضر الغاز وتجهزت الكهرباء من مصر وعبر الأردن، وعلى لسان موظفة أميركية هي سفيرتها بلبنان.
أزمة المحروقات، التي نفذ السيد فيها أمره ووعده، الصادق في كل مرة، حين أطل سماحته على جمهوره المقاوم، لمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس قناة المنار، حينها تعهد بتأمين المازوت في الجمهورية الإسلامية في حال فشل الحكومة في تأمينه، وهو ما حققه بخطاب ذكرى عاشوراء، وإعلان انطلاق سفينة نوح المنجية، أو الوعد الصادق.
اختار السيد الموعد الأكثر من رائع لتوجيه ضربته لقلب المخطط الأميركي وصانعيه، ليثبت أن الدم الزكي هنا صنع ويصنع وسيصنع المعجزات، ليمنع تحوّل المواطن اللبناني إلى محتاج على أرضه، وليقطع اليد التي تمنع وتخزن وتسمسر في معاناة الناس وآلامها، وصولًا للتجارة في الموت ومنع الوقود عن المستشفيات، ليكتب إجابة ما الذي قدمه حزب الله للبنان، كدولة وشعب، بغير من ولا تفضل.
كتب خطاب الأمين، بجانب كسر شروط الحصار المفروض على لبنان وسوريا، الشرط الناقص لمن يبحث عن سيادة، لا كرسي، من يخطط للحياة في مجتمع كفاءة الإنتاج وعدالة توزيع الناتج على الكل لا طبقة المحظوظين، الخط الفاصل بين أنصاف الدول والدولة القوية القادرة على حماية مقدراتها ودفع الحاجة عن شعبها، الإرادة والإيمان كانت دائمًا المنهج القادر على عبور عقبات الطريق الشاق، مهما كانت وعورة الظرف، أو تربص العدو.
ولأن صدق كلمات السيد ليست محل شك، سواء من عدو أو محب، والجميع وأولهم الصهاينة يعلمون أنهم سيلاقون ما وعدهم سيدنا حقًا، وفي أوانه المرسوم والمخطط، يتبقى موقف الجمهورية الإسلامية، التي كانت حاضرة دائمًا في قلب الصورة النابض، فاعلة ومقدمة وشريكة في معركة وجود ضد الأميركي والصهيوني، وضد خونة الدين والشعوب من أتباع كل فاجر.
منذ العام 1979، عام الثورة المباركة، وإيران تقدم للشعوب العربية اليد ممدودة دائمًا، لسوريا كما العراق، وللبنان كما لليمن، في كل موقف كانت سياسة الجمهورية الإسلامية حاضرة ضد كل يزيد جديد، وناصرة لنهج الحسين، في ترجمة حقة وإيجابية لاستعادة عاشوراء والمشاركة فيها بالروح واليقين.
قدمت إيران، وبتوجيه مباشر من ثائر العصر الإمام الخميني السلاح لليد العربية المقاومة، في وقت كانت أموال البترول العربي لا تحيد عن فنادق أوروبا وأسواق الولايات المتحدة، إلا لتصنع الفتنة وتفجر شلالات الدماء العربية في مسلسلات اقتتال لا تنتهي، تراهن على كل الأطراف ضد كل الأطراف، المهم أن يبقى السلاح بعيدًا عن الصهاينة.
قدمت الجمهورية الإسلامية للشعوب العربية المثل بثورتها الفريدة على الشاه، ولا تزال تقدم الطريق الثالث بين الشرق والغرب لمن رغب أو ألقى السمع وهو شهيد، ودفع الدم الزكي في كل إيران ضريبة الخروج من عصر "شرطي أميركا"، إلى عصر قِبلة الأحرار والداعم الأول لحركات المقاومة ضد الشيطان الأميركي.
وافتدت إيران بدم أغلى القادة، الجنرال الشهيد قاسم سليماني، حيث شاء الله أن يلقى الجنرال ربه شهيدًا في بغداد، وبجانب رفيقه المجاهد الحاج أبو مهدي المهندس، القيادي بالحشد، في رسالة تعيها أذن واعية، على ارتباط المصير ووشائج القربى التي تجمعنا على قضية واحدة، هي الجهاد ليوم نصلي فيه بالقدس وراء السيد.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024