نقاط على الحروف
عن "المنار" ودروب المقاومة التي آمَنَت بها وانتصَرَت معها
شارل ابي نادر
شاءت الظروف أن أبدأ مسيرتي الإعلامية كمتخصص في الشؤون العسكرية، من على شاشة قناة "المنار"، وبالتحديد في موضوع كانت تواكبه القناة حول إحدى المعارك ضد الإرهاب في الجرود الحدودية الشرقية، بين غرب القلمون في سوريا من جهة، وشرق مناطق عرسال وبعلبك وبريتال في لبنان من جهة أخرى، لتكون المناسبة فرصة استثنائية وغالية لمتابعة مسار المعارك إعلاميًا، بمواجهة الإرهاب في لبنان والمنطقة، وفي بعض المواجهات الأخرى ضد العدو الإسرائيلي، من على شاشة المقاومة "المنار" بداية وأولًا، ولاحقًا وثانيًا، من على شاشة قناة "الميادين"، القناة الشقيقة لقناة "المنار" في تغطية ورعاية المقاومة.
رعاية وتغطية المقاومة، لم تحصرها "المنار" في تغطية ورعاية مهمات وأدوار حزب الله فقط، فـ"المنار" رأت في المقاومة كل طرف أو فصيل في لبنان أو في الإقليم، التزم خيار الدفاع عن أرضه وكرامته وعرضه، ضد العدو الاسرائيلي والارهاب، وضد أي عدوان مهما كان مصدره، والمقصود هنا، مقاومة أبناء اليمن - الجيش واللجان وحركة "أنصار الله" - ضد تحالف العدوان الذي شن حربًا ظالمة ومدمرة على بلادهم وأرضهم ومؤسساتهم. ومن هنا، يمكن رسم مسار عمل ودور "المنار" أثناء تنفيذها لمهمتها المقدسة في تأمين المواكبة الكاملة لدروب المقاومة، من لبنان الى فلسطين المحتلة الى اليمن الجريح.
هذه الدروب الشاقة ولكن المقدسة، والتي آمنت بها "المنار" بكافة كوادرها وإعلامييها ومراسليها، قدمت في سبيل هذا الايمان، ومواكبة للحدث في أرض المعركة، بالإضافة للجهود الضخمة وللسهر وللتعب والعرق، الكثير من الدماء ومن الشهداء، ولم تكن مواكبتها فقط اعلامية لنقل الصورة والحدث، بل كانت مواكبة مقاوِمة وجهادية، وفي أغلب الأحيان كان لما نشرته من مشاهد أو صور أو تقارير من أرض المعركة، من الناحية الأمنية والعسكرية، تأثير أشبه بتأثيرات أسلحة نوعية دقيقة، أصابت من العدو مقتلًا.
كان لقناة "المنار" دور أساسي في تسليط الضوء على أهمية وحساسية ما تقوم به المقاومة في كل من لبنان وفلسطين واليمن، خلال كافة المواجهات والمعارك، العسكرية - الميدانية، السياسية والاجتماعية، والتي خاضتها فصائل المقاومة في الدول المذكورة. وفيما واكبت القناة تلك الفصائل المقاوِمة في كافة ظروف وتفاصيل ومراحل المواجهات، في الدفاع والهجوم، في الخيبات وفي الانتصارت، استطاعت أن تفوز بطعم الانتصار الذي حققته المقاومة في كافة ساحات المواجهة، وبشرف المساهمة مع تلك الفصائل، في فرض أكثر من معادلة، وشكلت من خلال دورها الإعلامي الحربي، نقطة ربط بين مثلث المقاومات الذي فاجأ العالم بقدراته وثباته وصموده (حزب الله - انصار الله - المقاومة الفلسطينية في غزة).
قد يجد البعض في التعبير شيئًا من الخيال (مثلث المقاومات الذي فاجأ العالم)، وقد يجده البعض الآخر للمزايدة أو ما شابه، ولكن في الحقيقة، يمكن القول وبحقٍ، إنه مثلث المقاومة الذي فرض نفسه بمواجهة العالم: حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن والمقاومة في غزة، والذي جعلت "المنار" من مسيرة أطرافه ودورهم ومسار عملهم الميداني والعسكري، شغلها الشاغل ونقطة تركيزها ومثابرتها وسهر كوادرها وإعلامييها.
عاشت المنار مع حزب الله تجربة خطر المواجهة وفرحة الانتصار، لا بل فرحة مسارات من الانتصارات ضد الإرهاب، وضد العدو الاسرائيلي قبل وخلال تحرير لبنان من الاحتلال عام 2000، وبعد ذلك في مواجهات عدوان تموز عام 2006، والانتصار على الجيش الأقوى في المنطقة، والذي كان يقال عنه "لا يُقهر".
في سوريا، عاشت أيضًا "المنار" مع حزب الله ومع الجيش العربي السوري، ملحمة الانتصار التاريخي في الحرب الكونية التي شنت على سوريا، فكانت خير رفيق لأبطال المقاومة في أصعب المعارك والمواجهات.
أنصار الله
أيضًا، عاشت "المنار" مع الجيش اليمني ومع حركة "انصار الله"، أكثر من ست سنوات من الحرب المدمرة والحصار، ضد تحالف إقليمي من أغنى الدول في المنطقة وأكثرها امتلاكا لأحدث الأسلحة والقدرات العسكرية، تحالف مدعوم من مجموعة كبيرة من الدول الغربية، بكل انواع الدعم، المباشر وغير المباشر، وفي النهاية، فازت "المنار" مع أبطال اليمن وكانت خير من أضاء على مسيرة هؤلاء الأبطال (الفقراء) والذين فازوا على أكثر من نصف الاقليم والعالم.
مع المقاومة الفلسطينية في غزة، خاضت "المنار" أيضًا معركة أبناء القطاع المحاصر وكل فلسطين المحتلة، وكانت القناة صوت وصورة المقاومين المحاصرين في قطعة أرض صغيرة، والذين استطاعوا تركيع العدو بعد أن فرضوا عليه أكثر من معادلة لم يكن يصدّق يومًا أنه يصل إليها، وكانت "المنار" شاهدة بأم العين كيف أن الكيان برمته كان مشلولًا، جراء استهداف المقاومة الصاروخي الممنهج والمنظم والمدروس، والذي تجاوز وأفشل أكثر منظومات الدفاع الجوي والقبة الحديدية تطورًا في العالم.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024