معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

٨ تقنيات عملية في مواجهة حرب الحصار!
01/04/2021

٨ تقنيات عملية في مواجهة حرب الحصار!

مريم كرنيب

يعيش اللبنانيون واقعًا اقتصاديًا صعبًا ومأزومًا جدًا، في ظل انهيار سياسي، إضافة الى تضليل اعلامي واسع يستهدف بيئة المقاومة، وإن كنا نعتقد إيمانا ويقينا أنّ النصر آتٍ حتما. فانغلاق الأبواب ينبئ باقتراب كسرها، وتضايق حلقات الحصار يوشك أن يكون انفكاكها.. لكن من الآن وحتى ذلك الوقت القادم يقينًا، ما هو تكليف كل واحد منا؟ وكيف نتجاوز هذه الحرب ونبقى أحياء إنسانيًا ونفسيًا وذهنيًا بأقل الأضرار الممكنة؟
هي مجموعة من التقنيات العملية التي تساعد في تحقيق الصمود والثبات وتساهم في اقتراب النصر في مواجهة سياسة الخنق:

1. الصبر: فهو نِعمَ السبيل على مقاومة النائبة، وكسر سورتِها، كما يعبر العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي (قدّس سرّه)، ويوضح أنّ على الإنسان الموحّد إذا نابته نائبة ونزلت عليه مصيبة أن يتحصّن بالصبر، حتى لا يختلّ ما في داخله من النظام العبودي ولا يتلاشى معسكر قواه ومشاعره، ثم ليتوكل على الله ربه الذي هو فوق كل سبب، راجيًا أن يدفع عنه الشرّ ويوجه أمره الى غاية صلاح حاله، والله سبحانه غالبٌ على أمره. فالصابرون هم القائمون في النوائب على ساق لا تزيلهم هجمات المكاره، وغيرهم المنهزمون عند أول هجمة ثم لا يلوون على شيء.

2. شدّ الأحزمة: أو ربطها، حيث إنّ هذا المفهوم مرتبط بتحديات اقتصادية غير مألوفة مما يتطلب من كل فرد منا تغيير السلوك الإنفاقي حسب المعطيات الحالية والمستقبلية. فقد حان الوقت لتبني هذه الثقافة السلوكية وتعميمها بما يعني الخروج من مرحلة الصدمة والدخول في مرحلة التكيف مع هذه الأزمة الاقتصادية وتحدياتها الكبيرة، مما يستدعي التقشف والترشيد والتدبير في المصروف، التي هي أصلا جزء من الثقافة الإسلامية التي تدعو الى عدم الاسراف والتبذير. واليوم تعني أن نضطر للاستغناء عن الكماليات والالتزام بالحاجات الضرورية. وفي هذا السياق الابتعاد عن محاولة تخزين هذه الحاجات الضرورية حتما.

3. الدعوة الى التماسك: الابتعاد عن نشر الرعب الذي يخدم أهداف العدو الذي يريد من كل حربه خلخلة جبهتنا وتشتيت قوتنا ومعنوياتنا. ويكتسب مفهوم التماسك أهمية كبيرة في حالات النزاع والظروف الهشة. فالمجتمع الذي يعزز الروابط القوية بين أبنائه يتمتع بقدرة أكبر على مواجهة الأزمات. كما يساعد على مواجهة اهتزاز قيم الأفراد، والتداعيات المتأتية عن نقص إشباع حاجات الأفراد والشعور بالتهديد.
إضافة الى السعي للإعلاء من قيمة العمل الجماعي وزيادة التضامن والمسؤولية الجماعية، والسعي الى المبادأة في اقتراح الوسائل التي تمكّن من حل المشكلات وتحقيق الأهداف.

4. التكافل الاجتماعي: نحن اليوم اذاً في حالة حرب، ولا يمكن لنا أن نتصرف إلا وفقًا لذلك، والتكافل والتضامن الاجتماعي هما من أهم ما تطلبه المرحلة. والدعوة هنا ليست فقط لتعزيز هذا التكافل وزيادته فقط، بل لنشره وتعميمه لما له الأثر البالغ في مواجهة الحرب النفسية واعلام التوهين والكذب والفبركة. فنعم لتعميم ثقافة التكافل والصدقة التي تساهم في رفع المعنويات ونشر الوئام والحب بين الناس. وهنا يمكن أن تنتقل العدوى بين المتبرعين لتعزيز التكافل ونشره أكثر وأكثر.

5. التذكير بالتاريخ الأصعب الذي مرّ علينا وأنّ المقاومة مرت بما هو أسوأ بمراحل مما يجري الآن، وقد انتصرت، وبعد أن صبرت ظفرت. والشواهد والحوادث كثيرة جدا في هذا المجال. وما على كلّ واحد منا إلا أن يختار واحدة أو أكثر من قصص البطولات والانتصارات لنقلب الساحة الافتراضية رأسًا على عقب ولتضج هذه الساحات بأخبار البطولات وقواعد النصر بدل اليأس والإحباط.

6. النأي عن أي نقاش لا يخدم القضية ولا يساعد في رفع المعنويات وخاصة على وسائل التواصل. وها هو السيد القائد علي الخامنئي يوصي بذلك: "أيها الشباب الأعزاء، مقابل سعي العدو الى زرع اليأس، استخدموا الفضاء الافتراضي لخلق الأمل، للتّواصي بالصبر، للتّواصي بالحق، لخلق البصيرة، للتّواصي بتجنب الشعور بالإحباط والكسل، وأمثال ذلك".

7. التعامل مع المشاعر السلبية بطريقة حكيمة: عادة ما نمارس ٣ طرق في التعامل مع المشاعر السلبية:

a) القمع: مما يجعلها تظهر لاحقا عن طريق الانفعال والمزاجية والتوتر في عضلات الجسد وأمراض مختلفة.
b) والتعبير عنها فانه يزيد من المشاعر السلبية ويعطيها طاقة، وينتج عنه تدهور في العلاقات ودمارها.
c) أمّا الهروب عبر تجنب المشاعر من خلال الإلهاء، فهو تقنية خاطئة وغير مجدية ومجهدة، وتؤدي الى فقدان تدريجي للوعي وكبح النضج وخسارة للإبداع والطاقة والاهتمام.

اذاً ما الحل؟ يقدم بعض الباحثين المتخصصين في هذا المجال تقنية مثيرة جدًا للاهتمام: وذلك عبر إدراك شعور ما والسماح له بالظهور  والمكوث معه والسماح له أن يأخذ مجراه دون تغييره، والتركيز على التخلص من الطاقة التي تكمن خلفه. بمعنى أبسط أن نسمح لأنفسنا أن نشعر (الغضب - الخوف - القهر) دون مقاومة أو هروب أو خوف أو حتى ادانة الشعور أو تهذيبه. عند ذلك سيتلاشى تأثيره السلبي ونرتاح من ثقله.

8. وأخيرا، لا تتوقفوا كثيرًا عند من "يفر من المعركة". فهذا الإمام علي "ع"  يكتب الى سهل  بن حُنَيف الأنصاري وهو عامله على المدينة في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية: "أمّا بعد، فقد بلغني أنَّ رجالًا ممّن قِبَلكَ يتسلّلون الى معاويةَ، فلا تأسف على ما يفوتُك من عددهم، ويذهبُ عنك من مددهم، فكفى لهم غيًّا، ولك منهم شافياً، فرارهم من الهدى والحق، وإيضاعُهُم (أي إسراعهم) الى العَمى والجهل، وإنّما هُم أهل دنيا مقبلون عليها، ومُهطعون إليها قَد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه ووَعَوه، وعَلموا أنّ النّاس عندنا في الحق أُسوةٌ، فهربوا الى الأَثَرَة (أي الى طلب منفعة النفس وتفضيلها على غيرها بالفائدة)، فبُعدَا لهم وسُحقًا.
إنّهم - والله- لم ينفروا من جَور، ولم يلحقوا بعدل، وإنّا لَنطمعُ في هذا الأمر أن يُذلّل الله لنا صَعبَه، ويُسهّل لنا حَزنَه، إن شاء الله، والسلام".
ولنتذكر دائما "إنما النصر صبرُ ساعة"، ومن صبر ظفر!

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف