نقاط على الحروف
هبة الأوكسيجين .. والهوى المعاكس غربًا
سعد حمية
حتى الأوكسجين في لبنان لا بد أن يُسيس! ومع أن انقطاعه يمكن أن يودي بحياة آلاف المرضى في غرف العناية المركزة جراء جائحة "كورونا"، إلا أنه للأسف ـ هنا في لبنان ـ هناك من أعلن أنه لا يريد الأوكسجين من سوريا وبتوجيه من الرئيس بشار الأسد لأن هواه مختلف واتجاهه معاكس ومتغرب عن تاريخه كما أنه منفصل عن الجغرافية اللبنانية، وتطلعاته لطالما كانت باتجاه أعالى البحار غرباً... وغرباً من دون أن يعلم أنه لا بد عائد شرقاً مهما كانت الظروف.
ربما لو اكتفى البعض بالشكر لياقة وتفهم الضرورات الصحية والانسانية التي استدعت طلب مساعدة عاجلة من سوريا، وتلبية أسرع من قيادتها، لمر إمداد الأوكسيجين عادياً، وانعشت نسماته علاقة الأخوة التي لم يزل البعض يتنكرون لها، ويصرون على ارتكاب خطيئة القطيعة مع الشقيق إرضاء لإدارة البيت الابيض تارة وخوفاً من عقوباتها تارة أخرى!
ليس خافياً أن خلفيات الهبة بالنسبة للقيادة السورية واضحة، فهي هبت لإنقاذ حياة آلاف المرضى من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين في المشافي اللبنانية بمبادرة انسانية تفرضها علاقات الأخوة وحسن النية بين البلدين، وهي تأكيد جديد على أن سوريا حافظ الاسد سابقاً وسوريا بشار الأسد حالياً، لطالما كانت في الأزمات والشدائد إلى جانب لبنان بالرغم من محاولة بعض الجهات اللبنانية التنكر لها أو الطعن بظهرها، وذاكرة اللبنانيين لم تنس يوماً وقوف سوريا إلى جانبهم في محطات كثيرة نورد بعضاً منها لانعاش ذاكرة الجيل الجديد وتبصرة لهم كي لا ينجح الراغبون بتشويه العلاقة بتكريس الحديث عن الوصاية والاحتلال وما إلى هنالك من أراجيف:
ـ سقوط شهداء وجرحى للجيش السوري خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982
ـ دعم المقاومة في لبنان خلال عدوان تموز عام 1993
ـ دعم المقاومة في عدوان عناقيد الغضب عام 1996
ـ دعم المقاومة في عدوان تموز عام 2006 واستقبال النازحين اللبنانيين إلى سوريا طيلة العدوان.
ـ إمداد لبنان بالكهرباء وبأسعار مخفضة لسنوات طويلة، وقد توقف استجرار الكهرباء عام 2020 خوفاً من عقوبات قانون قيصر الاميركي على سوريا.
ـ تصريف المنتجات الزراعية اللبنانية في عز مواسم الانتاج في سوريا .
ـ المساهمة في إعادة الإعمار عبر مد لبنان بالترابة والحديد ومحولات الكهرباء الجاهزة.
ـ استقبال اللبنانيين في المشافي السورية والتعامل معهم معاملة السوريين.
ـ دعم مواقف لبنان في الأمم المتحدة أمام الغطرسة الصهيونية.
ويجمع لبنان وسوريا معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق وهي لم تزل سارية المفعول على رغم تدهور العلاقات عقب عام 2005 وهناك أيضاً عدد من الاتفاقيات المجمدة، ولم تفلح الدعوات المتكررة في اعادة تفعيل هذه الاتفاقيات لما فيها من مصلحة للبنان خصوصاً في ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية الراهنة.
وإلى ما تقدم، لا يمكن إغفال أن جزء كبيراً من اللبنانيين وأبرزهم حزب الله وقفوا إلى جانب سوريا في محنتها منذ عام 2011 وقدموا التضحيات الجسام واختلطت دماء مجاهدي الحزب مع دماء الجيش السوري على امتداد سوريا، وتمكنوا بتكاتفهم من الانتصار على الإرهاب ودحره وهزيمة الدول التي كانت وما زالت تؤيده أو تسانده.
وغني عن القول إن الرافضين لهبة "الاوكسيجين السوري" هم من سيسوا هذه المبادرة بـ "عراضتهم الدعائية المكشوفة" وزعمهم أن الرئيس الأسد بحاجة لـ"التعويم" أو "التوظيف المفاجئ لعدم التمكن من إفراغ سفينة أوكسيجين" أو الحديث عن "مبادلة الأوكسيجين باللقاحات" متناسين أن لبنان وسوريا نفسٌ واحد من رئة واحدة، وأن دمشق وإن أدار لها البعض الظهر ستبقى أبوابها مفتوحة للبنان في السراء والضراء.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024