نقاط على الحروف
إلى الجرحى.. مع الحب!
ليلى عماشا
يوم الجريح.. وحده لفظ الكلمة يسكب في الروح فيضًا من وجع جميل، من امتنان لا يُنطق إلّا دمعًا في رسالة، ومَن أَولى من الجرحى برسالات الحبّ الذي تحويه ضلوعنا في كلّ مرّة يلفّنا العزّ أو نسمع فيها حكايات الحرب ونشهد فيها ما جرى أو نتخيّل ما كان سيجري علينا لولا الرجال الذين صانوا بالدم بيوتنا وأعراضنا..
هم الشهداء الأحياء العائدون إلى حبّات عيوننا، مدجّجون بالجرح وبغبار السواتر، ذاكرة ناطقة..
هم اللطف الذي حلّ على قلوب بيوتهم، تركوا في المعركة دمهم وربّما أجزاء من أجسادهم قربانًا يصل التراب بالسماء..
هم الذين كادوا يصلون الشهادة لولا حكمة إلهية أرادت أن يطيلوا مكوثهم في الدنيا زمنًا إضافيًا..
هم حاملو أمانات الأنفاس الأخيرة لكلّ من لم يعد، وهم الذين نزفوا مع دمهم قطعًا من قلوبهم مضت برفقة صديق فاز بالشهادة على مقربة منهم..
هم السرّ الذي لا يذاع ولكن يفيض سحره من أصواتهم، من حيائهم، من عتبات ألمهم العالية، من قدرتهم على استعادة لحظات الإصابة وكتمهم لكلّ ما تلاها من أوجاع..
هم أهل العشق والجرح علامتهم وهم الذين عادوا من معركة ما غادرتهم يومًا، لذا تراهم يستعجلون الشفاء كي يعودوا إليها، وبجعبتهم ندوب جرح سابق وطلقات معتّقة في خوابي قلوبهم وشوق..
مَن الجرحى؟
رجال يعيشون بيننا وقد لا نتعرّف على السرّ الذي تحويه أعينهم.. جيران كنّا نظنّ غيباتهم سفرًا أو رحلات.. أقارب يهدون إلينا أدعيتهم المصحوبة بأنين يكتمونه عنّا كي لا نجزع.. أبناء لفّت أمهاتهم الدمع بالدعاء قرب سرير المستشفى ومسّدت مواضع جروحهم بالكثير الكثير من الرّجاء ومن العزّ، وأباء عادوا إلى أطفالهم وما استطاعوا إلى احتضانهم سبيلًا إلّا بعد دهر من العلاج..
مَن الجرحى.. رفاق يردّدون أن لم يروا إلّا جميلًا.. ولا يوجعهم بتر أو فقد عين أو ألم مزمن بقدر ما يوجعهم حزنهم أن تأجّل موعد التحاقهم بأهل السماء.. أبناء الرضوان الذين اشتاقوه حدّ المرارة ومشوا في دربه وأخّرهم الجرح عن الوصول..
هي رسالة حبّ.. حبّ نقيّ كدمهم، كوجعهم، كتفانيهم في الإيثار، كطهر حديثهم المطعّم بالبأس وبالضحكات التي تخفي ما تخفيه من حكايات السواتر..
وهي رسالة امتنان منّا جميعًا، نحن الذين لا نستطيع إلى التعبير عن الإمتنان سبيلًا، فيسعفنا الدمع الذي يبرّر تلعثمنا بالنطق وبالكتابة.. وهي أمنية نوضبها في علب القلب، أن نكون على قدر ما بذلتم لأجلنا الجميع، حتى الذين حُرموا نعمة تقدير هذا الحبّ.. ببساطة، هي كلمات نريدها وردة تضمّد جرحًا، أو تحاول .
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024