نقاط على الحروف
جامعة الفقراء والخطاب الإعلامي العنصري
د.علي مطر
يهدف التضليل الإعلامي (الكذب مصطلح أدق) إلى عكس الوقائع وقلب الحقائق، ويسعى إلى التلاعب بعقل المتلقي عبر الترويج لمعلومات لا ترتبط بالواقع ولا تمت للحقيقة بصلة، كل ذلك من أجل التوصل في نهاية المطاف إلى تكوين رأي عام وإصدار أحكام مضللة في قضية ما، والمؤسف أن الأخبار الزائفة تنتشر بصورة أسرع كثيراً من تلك الأخبار الحقيقية.
في لبنان هناك وسائل إعلام معروفة بعنصريتها تمتهن الكذب وتستخدم بشكل دائم أسلوب التضليل لدس السم في العسل، ما يجعل المرء يتوهم حصوله على الحقيقة من خلال هذه الوسائل، والخطير هو أن صناعة الكذب تؤدي مفعول السم السياسي والفكري، لأنها تقوم على تزييف هذا الواقع، وإعادة صناعته بمؤثرات الجهة التي تقف خلفه، من خلال تضخيم التفاصيل في سياقات تربك عقل المتلقي.
كُلُّ مرةٍ نكون أمام حدث، على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاجتماعي أو حتى الاقتصادي أو العلمي، تسارع هذه الوسائل الإعلامية إلى استخدام عدّة العنصريّة الجاهزة لتحوير الحقائق وتزييفها بالكذب المتعمد. المشكلة الأكبر لا تكمن في تزييف الحقائق فقط، بل في التفكير العنصري والخطاب الطائفي الذي تستخدمه تلفزيونات وصحف معروفة. هذا التحريض البغيض يتم استخدامه ضد طائفة بأكملها واتهامها بالفساد كما فعلت صحيفة "النهار" وقناة "mtv" ومواقع الكترونية كالكتائب وغيرها، حيث استغلت "الخطأ التقني" الذي حصل في امتحانات الدخول الى كلية الطب في الجامعة اللبنانية، لتصوب على طائفة بأكملها وتحرض ضدها وتشوه صورتها بشكل يخالف الدستور اللبناني والقوانين التي ترعى حرية الصحافة.
في مقال لها عن الموضوع، تتهم صحيفة "النهار" الطائفة الشيعية كذباً بالاستئثار بكلية الطب، إضافةً إلى كلية العلوم ورئاسة الجامعة، لتعتبر أن هذا الاستئثار أدى إلى إفشال امتحانات الطب، معتبرةً أن هذه المباراة مخيبة ومشوبة بمختلف أنواع المخالفات الإدارية والأكاديمية والتنظيمية. وتستكمل الصحيفة تهمها الزائفة للطائفة الشيعية بشكل عنصري وتحريضي، لتقول إن المذاكرة جرت حصرًا في أجواء من الهيمنة الطائفية.
وكما "النهار" قامت"mtv" (ما غيرها صاحبة السرقات من مالية الدولة عبر التخابر غير الشرعي) بإعداد تقرير تحدثت فيه عن محسوبيات ومصالح حزبية، ومثلها فعلت وسائل إعلام أخرى محسوبة على الفاسدين في هذا البلد، لتقوم باتهام طائفة كاملة بشكل بغيض جداً، فيظهر أن هناك هجمة ممنهجة على الجامعة اللبنانية ورئاستها من قبل مجموعة وسائل إعلامية بات خبزها اليومي الكذب وتزييف الحقائق وتضخيم كل حدث.
لم تنتظر هذه الوسائل أي توضيح من الجامعة اللبنانية حول ما حصل، بل سارعت إلى التجني على طائفة بأكملها وليس على الجامعة أو رئاستها فقط، مستندة بذلك إلى أخبار نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي، دون أن تكلف نفسها أدنى عناء للبحث عن الحقيقة، والتحقق مما حصل، لكي تجنب نفسها الكذب والاتهام العنصري والطائفي، إلا أن ديدنها هو هذا العمل لكي تحقق أهدافها السياسية الرخيصة.
الجامعة اللبنانية ورداً على الحملة الممنهجة من الافتراءات والمغالطات التي طالت الجامعة اللبنانية على خلفية صدور نتائج مباراة الدخول الى الكليات الطبية أصدرت بياناً أوضحت فيه للرأي العام حقيقة ما حصل بشكل تفصيلي لكي تقطع على هؤلاء حبل كذبهم وتكشف مخططهم الرئيسي القائم على تشويه صورة قوى سياسية تنتمي للطائفة الشيعية وبالتالي تشويه صورة الطائفة بأسرها، حيث لفتت الجامعة إلى أن "الخطأ" الذي حصل هو محض تقني يتعلق بمادة اللغة الفرنسية، ومن ثم القيام بمعالجته بشكل سريع عبر تدارك الخطأ الذي حصل وزيادة الطلاب الناجحين.
ووفق إحدى الطالبات الناجحات من الطائفة الشيعية ـ غير المنتمية لا حزبيا ولا سياسيا ولا تربطها علائق قربة بأي نفوذ والتي حققت نتيجة مميزة هي 18 من 20، تقول لموقع "العهد" إنها جدت وتعبت ودرست بشكل مكثف لكي تنجح وتحصد علامة الدخول، إلا أنه وبعد أبلاغها بالنجاح تم الاتصال بها لأخبارها بتعليق النتائج، ومن ثم وبعد ذلك تم إبلاغها أن الأمر كان خطأ تقنياً وتمت معالجته، هذه الحالة واحدة من حالات تؤشر إلى عدم التدخل الطائفي بهذا الأمر إنما جهد وتعب طلاب استطاعوا ان يحصدوا النجاح، لكن الوسائل الإعلامية المعروفة بحقدها وعنصريتها وخطابها المسموم بخلفياتها الطائفية والتحريضية على الجامعة اللبنانية من خلال حملات سابقة تسعى دائماً لاستغلال اي حدث من أجل صناعة الكذب.
وهنا تطرح أسئلة عدة، لماذا التهجم دائماً على الطائفة الشيعية في ما يتعلق بالتوظيف أو اي امتحانات رسمية؟ فيما لا تقوم هذه الطائفة بالعمل المماثل حيث يتم توقيف نتائج في مباريات دخول لوظائف من أجل العنصر الطائفي؟ ولماذا يتم الحديث بنفس طائفي دائم من قبل هذه الوسائل التي لطالما طالبت بشكل مزيف بالمداورة والدولة والمدنية؟ ولماذا هذا الخطاب العنصري المستخدم في كل حدث صغيراً كان أم كبيراً؟ أسئلة كثيرة تطرح عن الخطاب الإعلامي الطائفي البغيض الذي تستخدمه وسائل إعلامية باتت معروفة الأهداف والأساليب.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024