معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

نتنياهو يروّج: ايران تسيطر على لبنان
04/02/2019

نتنياهو يروّج: ايران تسيطر على لبنان

جهاد حيدر

ليس أمراً عابراً أن يجمع نتنياهو 40 سفيراً من الأمم المتحدة، من أجل جولة على الحدود الشمالية مهد لها بمجموعة مواقف ترتكز الى المفهوم الذي يشكل ركنا أساسياً في الاستراتيجية الدعائية الاسرائيلية، وهي أن ايران تسيطر على لبنان. ما الذي أدلى به نتنياهو ولماذا في هذا التوقيت، وما هي أهدافه وفي أي سياق تندرج؟

حرص نتنياهو على تحريف التصور السائد عن مشاركة حزب الله في الحكومة، بالقول خلال كلمة تمهيدية أمام السفراء الاجانب، أن الكلام بأن لدى "ايران أذرع كثيرة واحدة منها حزب الله الذي انضم الى الحكومة اللبنانية، هو توصيف مُضلِّل"، زاعماً أن "حزب الله يسيطر فعلياً على الحكومة اللبنانية، ومعنى هذا الامر أن ايران تسيطر على الحكومة اللبنانية".

من الواضح أن موقف نتنياهو هو جزء من خطة أوسع لها سياقها وأهدافها المدروسة. ويهدف من وراء ذلك الى محاولة تأليب الرأي العام الدولي على ايران التي تدعم دول وشعوب المنطقة في مواجهة العدوان الاسرائيلي، خاصة وانه يستخدم عبارات تستقطب الوجدان العالمي من قبيل أن ايران تريد تدمير "اسرائيل" .. (بالطبع إن ايران تدعم الشعب الفلسطيني في تحرير ارضه وعودة لاجئيه الى وطنهم الأصلي).

على خط مواز، هدف نتنياهو الى محاولة الضغط على لبنان عبر المزج بين حزب الله والحكومة اللبنانية. ويأتي ذلك في سياق المساعي الاسرائيلية التي تسعى الى تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية تعاظم قدرات حزب الله وأي تطور أمني. ويريد بذلك ايضاً القول إن لبنان بات قاعدة ايرانية متقدمة في الصراع ضد "اسرائيل"، وهو ما يمنحه شرعية الاستهداف الواسع. وهو يمهد بذلك الطريق أمام الدعوة الى ضرورة فرض عقوبات على كل لبنان.

لم يتبلور هذا التوجه الا بعدما فشلت كل المساعي والجهود والخيارات البديلة طوال السنوات والعقود الماضية ضد حزب الله. لكن مشكلة "اسرائيل" أن حزب الله راكم قدرات نوعية صاروخية كانت وما زالت قادرة على حماية لبنان وانتاج ردع متبادل.

في السياق نفسه، قدَّم نتنياهو "اسرائيل" كقاعدة أمامية للمعسكر الغربي في المنطقة، مشيراً الى أن "اسرائيل" لا تدافع عن نفسها فقط في مواجهة حزب الله وايران، بل "ايضا عن جيراننا والسلام العالمي". ويأتي ذلك ترجمة لاستراتيجية معتمدة منذ تأسيس الحركة الصهيونية عام 1897م، وحول ذلك يكتب نتنياهو في كتابه مكان بين الامم"، أن هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية سبق أن طلب من القيصر الالماني فيلهلم الثاني، الرعاية الالمانية للحركة الصهيونية، انطلاقا من مجموعة عوامل من ضمنها أنها "تقع على مفترق طرق لألمانيا، وتفتح أمام القيصر الطريق الى الهند".  وفي مقام آخر من الكتاب، يذكر نتنياهو ايضا أن حكومة لويد جورج البريطانية تبنت وعد بلفور وايدته في فرساي، لسببين لا يختلفان كثيرا عن التبريرات التي يطرحها كثير من الاميركيين لدعم "اسرائيل" اليوم، فقد اعتقد لويد جورج أن تأييد فكرة انشاء وطن قومي لليهود، يخدم المصالح البريطانية، وشأنه شأن القيصر الالماني، رأى هو ايضا، اليهود قوة يجب أخذها بعين الاعتبار، اذ ان تحالفا مع أمة يهودية في أرض "اسرائيل"، تتواجد في محاذاة قناة السويس، وتشرف على الطريق البرية الى الهند سيكون بالنسبة لبريطانيا ثروة ذات اهمية على مدى الايام".

في نفس هذا الاطار، يواصل نتنياهو الترويج لـ"اسرائيل" كقوة اقليمية تشكل سداً أمام التهديدات المحدقة بالمصالح الغربية في المنطقة. ويهدف ايضا الى محاولة التأكيد على الدور الوظيفي لـ"اسرائيل"، والذي بسببه اكتسبت حماية ودعم دوليين. ولذلك هو يكرر هذا المفهوم على الدوام في مناسبات مختلفة. وتتم على الدوام ملاءمة هذا المفهوم مع المتغيرات السياسية، الذي يلخص البعد الدولي في اقامة "دولة "اسرائيل ودورها الوظيفي الاقليمي.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف