نقاط على الحروف
حملة التضليل حول "التفاوض غير المباشر": الجهل والخبث وجهان لنفاق واحد
ليلى عماشا
إن كانت الحروب، كلّ الحروب، تمرّ بمراحل من الهدوء النسبيّ بين معركة ومعركة، أو وقف إطلاق النار المؤقت بين اشتباكين، فإن الحرب الإعلامية التي تُخاض ضدّ كلّ ما يمتّ إلى المقاومة وأهلها بصلة، لا تتوقّف برهة ولا تترك مناسبة أو حدثًا لا تستغله وتجعل منه متراسًا تطلق عبره نار الحقد والخبث والتضليل. بالأمس، شاهدنا جولة من تضليل متعمّد وحفل مزايدة حول فكرة "التفاوض غير المباشر"، حيث اجتمع شتات من دعاة التطبيع والمصابين بوهم الحياد وكسالى المواقف وغيرهم كي يشكّكوا بماهية هذا التفاوض ويضعوه في خانة التواصل مع العدو، لا وبل يعتبروه تطبيعًا يتعفّفون عنه وينتقدونه كما لو أنّهم أهل جبهة ترفض التسويات.
في البداية، ما هو "التفاوض غير المباشر"؟
التفاوض غير المباشر هو استراتيجية تفاوضية تقوم على التفاوض مع طرف بشكل مباشر بهدف التأثير على سلوك أو فعل طرف ثالث. وغالبًا يكون الطرف الأول والطرف الثالث بحالة عداء، أما الطرف الثاني، الذي يتم معه التفاوض المباشر فهو يلعب دور الوسيط.
في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، شهدنا عشرات المرات من اعتماد هذه الإستراتيجية لا سيّما في إطار عمليات تحرير الأسرى عبر التبادل.
الهدف من وضع هذا التعريف هو القول إن مَن زايدوا بالأمس ربما يجهلون معنى التفاوض غير المباشر. ولا ضير من تعليمهم، علمًا أن قليلًا من احترام الذات وعقول الآخرين يحتّم على الإعلاميين والشخصيات العامة بذل القليل من الجهد المعرفي أو على الأقل البحث عن معاني الكلمات ودلالاتها قبل نقدها أو تبنّيها، كي لا يقعوا، كما وقع الكثيرون بالأمس، في خانة "الجهلة" وكي لا ينفضح خواؤهم على الملأ.
وحين نقول "ربّما" فهذا يعني أن احتمال جهلهم الحقيقي بمعنى "التفاوض غير المباشر" ليس الاحتمال الوحيد الذي دفعهم إلى هذه النوبة من هستيريا المزايدة على أهل المقاومة والنفاق حول كلّ ما يتعلق بخطوطها الحمراء ومنها التطبيع أو التفاوض المباشر مع الصهاينة. لأن لو سلّمنا جدلًا أنّ الجهل وحده هو الدافع، لكان وقع اختيارهم على فئة تحتمل أن يُزايد على أهلها في موضوع العداء للصهاينة، وليس على من يشعلون الجبهات حبًّا بالأرض، ولا على الفئة الأكثر جذرية في النظر إلى الصراع العربي - الصهيوني. ببساطة، كان المشهد يُلخّص بما يلي: مجموعة مكوّنة من أفراد يملؤون ساحات الكلام المجانيّ بآرائهم التطبيعية والتي تصل حدّ المجاهرة بالخيانة، هالهم أن يُبحث موضوع ترسيم الحدود البحرية عبر استراتيجية التفاوض غير المباشر، فما كان منهم إلّا أن تداعوا إلى رشق البيئة التي بذلت أرواحًا ودمًا وأعمارًا من تعب كي تحفظ للجميع، حتى الكارهين، حقّ الحياة أوّلًا، وحقوقًا كثيرة منها أن يدلوا بآرائهم في تفاوض غير مباشر يحفظ حق لبنان بصون حدوده البحرية كندّ، وليش كطرف ضعيف!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024