معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

القصير... أرض العابرين إلى الحُسنَيَيْن
18/05/2020

القصير... أرض العابرين إلى الحُسنَيَيْن

 ليلى عماشا

 القصير، المعركة الحاضرة في القلوب وفي العيون، احتلت المشهد الافتراضي في الذكرى السابعة لحصولها.. وجوه من استشهد من العاشقين ورائحة الذين عادوا وبقوا مجهولين في الأرض ومعروفين في السماء تملأ القلوب بفيض من عزّ وامتنان، وبكاء.

من ڤيديوهات الفجر الذي أذّن فيهم أنّ حيّ على النصر إلى صوت القذائف حين احتدم النزال، ومن صور بقيت من أقمار ذهبوا للحرب وانتصروا للحبّ وللحياة إلى الوصايا والكلمات التي رافقت المعركة منذ الطلقة الأولى، تسمّرت قلوبنا أمامهم، تمامًا كما تسمّرت يومها، حين كانت أعراضنا وبيوتنا في رأس "بنك الأهداف" لدى التكفيري وأسياده.. جلسنا نحدّق في تفاصيل الوجوه، في ما تقوله الضحكات، ونصغي بكلّنا إلى كلّ حرف أو طلقة.. نبكي تارةً وتارةً نخبر أطفالنا أنّ أبطال هذه المشاهد صانوا كلّ ما فينا.. حموا بيوتنا وتكفلوا بردّ الوحش عن أسوار شرفنا وعزّنا.

"القصير" اسمٌ لا ينساه الإرهابيون في كلّ الأرض.. فصدى الالتحام هناك كان يتردّد في كلّ أروقة الشرّ من الرياض إلى واشنطن، وما بينهما من ذيول وأوباش وأدوات.. اسمٌ ما زال يلطّخ إمكاناتهم وتجهيزاتهم واستعداداتهم ومشاريعهم بعار الهزيمة على يد رجال من طينة الرضوان وبأسه، على يد جيش من شهداء يوفون الحب والحماية حتى لمن لم يستحق، ويقاتلون العالم كلّه في قرية أُعدّت مساحاتها لتكون بوابة دخول واستقرار الجماعات الإرهابية إلى قلب البقاع.. "القصير" حكاية مكتوبة بالدم وبالضحكات وبالعزم وبالدمع وبالفراق وبالعز وباليقين..
حكاية بدأت قبل أزمنة كثيرة، بدأت منذ اختار أهل العشق أن يصونوا الناس من شرّ شياطين الأرض.. وإن حاول البعض تغطية المعركة تحت مسمى "اقتتال طائفي"، فهذا البعض يعلم قبل غيره أنها معركة الحبّ ضد ثقافة القتل والسبي والاستعباد.. هذه الثقافة التي استخدمها الأمريكي كأداة حين أيقن بهزيمة وفشل ذراعه الصهيونية.

ومعركة الحبّ تعني ثقافة الحياة، المصطلح الذي أُفرِغ من مضمونه وتمّت تعبئته بتفاهات وشعارات كاذبة، فيما هي حصرًا ثقافة من اختاروا بكلّ ما أوتوا من طهر أن يذهبوا في الدفاع عن حياتنا جميعًا حدّ وهب حياتهم للحقّ، مستبشرين بالنّصر، وبأمان صنعته دماهم ونثرته عطرًا وشرفًا، وتعني حصرًا أصحاب تلك الوجوه الحافلة بالطيبة والتي تنضح منها فطرة لم يلوّثها عبث المتفذلكين وخطابات المنافقين ومفاهيم الفارغين..

هنا، في الضاحية، القصير حضور لا يخبو توهجه مهما تكدست السنين وتعدّدت أسماء المعارك والانتصارات، ففي كلّ شارع أثر لقمر مرّ قبل أن يمضي إلى الشهادة.. في كل بيت اسمٌ يجمّل الحكايات التي تتناقلها القلوب، بعضها نعرفه كلّنا وبعضها خفيّ لم يزل..

سبع سنوات، وما زالت العين تحدّق بشغف بكلّ مسار المعركة، والقلب يشرد ناحية الصور، يزهو بمعرفة عيون مرّت من هناك، ويباهي بأسماء يحفظها جيّدًا، ويتلوها بين نبض ونبض دمعًا وحمدًا وحبًّا.. سبع سنوات، والقصير بوابة كلّ الأرض إلى أرض مطهرة من رجس الشر والارهاب.

الارهاب

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل