نقاط على الحروف
الى السفيرة شيه ومديرها بومبيو: اللبنانيون أرادوا وصوّتوا
ميساء مقدم
في الرابع من آذار/ مارس لهذا العام، نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن "مصدر مقرّب من السفارة الأميركية" قوله إن السفيرة الجديدة في لبنان هي بمثابة "توأم الرئيس دونالد ترامب في لبنان"، إذ ستكون أكثر تشدداً وحزماً في علاقاتها مع القوى السياسية ولا سيما المقربة من "حزب الله"، ولن تكون دبلوماسية الطابع كسابقتها. وأكّد المصدر أنّ السفيرة دوروثي شيه "تحمل أجندة خاصة تتضمّن الكثير من الشروط القاسية التي على الحكومة اللبنانية أن تلتزم بها".
كلام المصدر المقرّب من السفارة الأميركية مهم جدًا في سياق فهم التحركات المكثفة للسفيرة الجديدة خلال شهر نيسان/ أبريل الجاري. أزمة وباء كورونا واجراءات التعبئة العامة في لبنان لم تمنع شيه من التنقل بين القيادات الحزبية ليلًا، من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الى رئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط. وإن كان البعض يضع عن "حسن نية" زيارات السفيرة الأميركية في اطار الجولة العادية على السياسيين بعد تسلمها مهامها في لبنان، الا أن تكثيف اطلالاتها الاعلامية من قناة الى أخرى، ومن صحيفة الى موقع الكتروني فمؤتمر صحفي، لا يشي بالبراءة.
ففي الخامس عشر من الشهر الحالي عنونت قناة "MTV": السفيرة الأميركية في أوّل لقاء تلفزيوني لها: "مستعدون لمساعدة لبنان اقتصاديًّا إنما أين الإصلاحات؟"، في ايحاء بأن "ملائكة" أميركا حاضرة لانقاذ البلاد وتقديم يد العون لولا "شياطين" الحكومة التي لا تعتمد "الاصلاحات". لكنها لم توضح في حديثها عن أي نوع من "الاصلاحات" تبحث الادارة الأميركية لاعطاء "الرضى" عن هذه الحكومة؟
لقراءة المشهدا كاملًا، لا بد من متابعة سلسلة اللقاءات الاعلامية للسفيرة. في اليوم التالي للمقابلة على قناة "MTV"، أجرت "LBCI" مقابلة مع شيه، تحدثت فيها السفيرة عن تعقيدات في العلاقة وقلق أميركي: "علاقتنا مع الحكومة اللبنانية معقدة ومتعددة الأوجه فهناك الكثير من القلق في واشنطن حول الطريقة التي تم بها تشكيل هذه الحكومة وما إذا كانت ستؤكد حقًا استقلالها كحكومة تكنوقراط، لذا، اتخذت حكومتي قليلاً من نهج "الانتظار والترقب" وإنهم يقيمون هذه الحكومة، ليس فقط بناء على الكلمات، لكن ايضا على أفعالهم". الحديث عن "الاصلاحات" اذا هو الشغل الشاغل لشيه، مع أجواء من "القلق" تعيشها الادارة الأميركية، حول أداء الحكومة، هل هو أداء تكنوقراط أو أداء سياسي! القلق الأميركي طبيعي ومبرّر دون شك وهو يأتي في سياق موضوعي لسياسة دولة "عظمى" كأمريكا، حيال بلد صغير بحجمه، يقع على الضفة الأخرى من المحيط!
لليوم الثالث على التوالي، في السابع عشر من الشهر الحالي، لم تشأ السفيرة الأميركية الانقطاع عن "الرأي العام" اللبناني. صحيفة "نداء الوطن" كانت المنبر هذه المرّة: "ينبغي على حكومة حسان دياب ألا تكتفي بإعداد أوراق ومشاريع قوانين، بل عليها ان تحقق تغييراً حقيقياً وتنهي الفساد والهدر، فالاصلاحات والمساءلة والشفافية هي مفتاح الدعم الأميركي"، قالت السفيرة، مضيفة: "من شأن الإصلاحات المتعلقة بمكافحة الفساد، والمتعلقة بالجمارك وبالشفافية المصرفية أن تخدم الشعب اللبناني على أفضل وجه وأن تقضي على نفوذ "حزب الله" في هذه القطاعات". هنا يبلغ التدخل العلني مداه في الشؤون التفصيلية الداخلية. لا مواربة ولا توجيهات مبطنة. بدأت السفيرة شيه تملي تفاصيل "الاصلاحات" التي تريدها دولتها من الحكومة، حتى تفتح لها باب "النعم" الأميركية: "شفافية مصرفية"، و"جمارك"، و"نفوذ" حزب الله.
ليس التدخل الأميركي في الشؤون اللبنانية أمرًا جديدًا، بل هو قضية جدلية تحتمل الكثير من الأخذ والرد، كذلك تزلف قوى لبنانية ورضوخها للاملاءات والرغبات الأميركية، ليست بالأمر الجديد أيضًا. لكن ما بات فاضحًا، هو كثرة التزلف الاعلامي واستجرار التدخل من خلال أسئلة "صحفية" تحمل بذاتها اهانة للسيادة اللبنانية. فتجد مثلًا في صحيفة "نداء الوطن" عبارات من قبيل: "وعما إذا كانت الحكومة تتحرك لتنفيذ مطالب الشعب اللبناني، قالت السفيرة الأميركية.."، و"عما اذا كانت تعتبر حكومة دياب مستقلة وتعمل على الطريق الصحيح، قالت..". في ذهن هؤلاء، فإن "الرضى" وختم "الاستقلال" لا يؤخذ الا من السفارات، ولا يكون الا من خلالها.
لم يتوقف نشاط شيه هنا، حيث إن مسار "المراقبة" سيكون طويلًا ومضنيًا على الادارة الأميركية. في التاسع من الشهر الحالي، تحدثت لموقع "النشرة"، وقالت "ما زلنا نراقب جهود هذه الحكومة لفرض إصلاحات حقيقية وذات مغزى".
وبعد جولاتها المكوكية على "الاعلام" اللبناني، عقدت شيه أخيرًا مؤتمرًا صحفيًا في الجامعة الاميركية في بيروت يوم الثاني والعشرين من نيسان/ أبريل الجاري، أعلنت فيه عن "تقديم مساعدة جديدة بقيمة ثلاثة عشر مليونا وثلاثمائة الف دولار أميركي ($13,300,000) للحدّ من انتشار فيروس كورونا في لبنان". 13 مليون دولار فقط من دولة "عظمى"، استدعت أن تعقد السفيرة الأميركية مؤتمرًا صحفيًا تمنن فيه لبنان وشعبه.
التتويج لمسار شيه، جاء من مديرها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، عبر صحيفة "النهار"، التي نقلت عنه في 23 نيسان/ أبريل الجاري تأكيده أن "لبنان يشكل بصراحة تحديا كبيرا في الشرق الاوسط وقد طلبنا من الحكومة اللبنانية ان تحترم ارادة الشعب اللبناني". بومبيو الذي تطاول غير مرّة على المقاومة في لبنان، والتي حاز نوابها على أعلى نسبة من الأصوات التفضيلية في الانتخابات النيابية الأخيرة، كرّر تطاوله هذا عبر "النهار"، قائلا: "انه أمر غير طبيعي أن تمارس منظمة متهمة بالارهاب نفوذا في الحكومة يضر او يؤثر سلبا على الشعب اللبناني. فلبنان بلد لديه تقليد طويل من العمل الديموقراطي، وهذه الديموقراطية هي ما يطالب به الشعب اللبناني. وبمقدار ما تظهر الحكومة تجاوبا مع مطالب الشعب عندئذ، فان التحديات المالية التي يواجهها لبنان اليوم هي أمر سنأخذه بجدية والحاح كبيرين ولن نقدم المساعدة نحن فقط بل سنبذل جهدنا من اجل ان تفعل بالمثل دول في المنطقة وكذلك دول اوروبية نحن على تشاور مستمر معها. سنكون هنا من اجل دعم لبنان حين تظهر الحكومة والقيادات اللبنانية استعدادا للتجاوب مع ما يطالب به الشعب اللبناني".
هكذا اذاً، يستخدم الأميركيون عبارة "تنفيذ ما يريده الشعب" في اشارة الى ما يريدونه هم من الحكومة. ويمارسون في ذلك سياسة ابتزاز علنية ليست الولايات المتحدة بغريبة عنها. لكن، لا بد من تذكير بومبيو، وسفيرته شيه، أن الشعب اللبناني قرر ممثليه، واعطى ثقته لمن يمثل ارادته، واذا كانت الادارة الاميركية تفضل دس رأسها في التراب والتغاضي عن التمثيل الشعبي للمقاومة في لبنان، فإننا هنا في معرض أن نضع أمامها، اليوم، وفي كل يوم، نسبة التمثيل الشعبي لنواب المقاومة، وفقا لأرقام الانتخابات النيابية الأخيرة، ونقول: هذا ما أراده الشعب اللبناني فاستريحوا.
ـ النائب أمين محمد شري: 22.961 صوتًا تفضيليا
ـ النائب السابق نواف الموسوي: 24.379 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب حسين جشي: 23.864 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب حسن فضل الله: 39.722 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب محمد رعد: 43.797 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب علي فياض: 27.460 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب أنور جمعة: 15.601 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب ايهاب حمادة: 18.404 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب علي المقداد: 17.321 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب ابراهيم الموسوي: 16.942 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب حسين الحاج حسن: 15.662 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب الوليد سكرية: 6.916 صوتًا تفضيليًا
ـ النائب علي عمار: 13.692 صوتًا تفضيليًا
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024