معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

تساؤلات حول المقاطعة.. والسيد نصر الله يجيب
26/02/2020

تساؤلات حول المقاطعة.. والسيد نصر الله يجيب

خاص العهد

أثارت دعوة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطاب ذكرى القادة الشهداء لهذا العام حول مقاطعة البضائع الأميركية، جدلًا واسعًا على الساحة اللبنانية. تحدّث السيد نصر الله عن تفعيل سلاح المقاطعة في سياق الدعوة الى "جبهة مقاومة شاملة وكبرى ومتنوعة ومتعددة في مواجهة الشيطان الأكبر والاستكبار الأمريكي الطاغي والمستبد". وفي بلد تتحوّل فيه الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية الى جزء من المناكفات السياسية، كذلك تحولت الدعوة الى المقاطعة.

ثلاثة أنماط من الردود كانت سائدة على الأقل بعد الخطاب. النمط الأوّل يرتبط بأيتام الحلف الأمريكي في لبنان، وهؤلاء عادة ما يعمدون بعد كل كلمة للأمين العام لحزب الله الى "تقيّؤ" ما لديهم من سخافات ولغة تسطيحية لأي فكرة يتطرق اليها. هؤلاء، جريًا على عادتهم، تناولوا القضية من منظور تافه يتناسب ومستواهم الفكري، فعمدوا الى تسخيف الدعوة ونتائجها، ومحاولة الايحاء بأن الأميركي كما بضاعته، قدرٌ محتوم على الأمّة لا مفرّ منه.

النمط الثاني يرتبط بالذين تلقفوا الدعوة بحماسة، وعملوا على مواقع التواصل الاجتماعي على تفعيلها والتنظير لها.

أمّا النمط الثالث، فيرتبط بمجموعة ممن كانت لديهم أسئلة مشروعة حول "كيف نقاطع؟"، وما هو "الهدف المرجوّ من المقاطعة؟"، أو "ما هي قدرتنا على التأثير في الاقتصاد الاميركي على كبر حجمه؟"، و"كيف يمكن التخلي عن أمور أساسية لا بدائل لها غير ما ينتجه الأميركيون؟".

تساؤلات حول المقاطعة.. والسيد نصر الله يجيب

وبغض النظر عن خلفيات المتسائلين عن أهداف المقاطعة وجدواها والقدرة على المضي بها، لا بد من التذكير بأن دعوة السيد نصر الله هذه لم تكن الأولى، بل هي تذكير بما عمل على ترسيخه في الوعي العربي منذ سنوات. منذ العام 2003 على الأقل، كان السيد منظّرا لفكرة المقاطعة. وخلال مشاركته في مؤتمر مقاطعة البضائع الأميركية والصهيونية الذي أقيم في دمشق ذلك العام، تحدث السيد نصر الله بكلام يمثل رداً على أسئلة يطرحها كثير من الناس اليوم حول قضية مقاطعة البضائع الأميركية.

وفي ما يلي أسئلتنا المفترضة وأجوبة سماحة الأمين العام لحزب الله التي اقتطفناها من خطابه في مؤتمر المقاطعة في دمشق نهار الجمعة 31 كانون الثاني/ يناير 2003:

1 -  من أين نشأت فكرة مقاطعة البضائع الأميركية؟

"من غير الطبيعي أن يكون هناك سلاح بين يديك وتلقيه في بداية المعركة ولا تستخدمه حتى نهايتها وأنت بحاجة الى استخدامه. حتى الأميركيون عندما يعادون بلدًا يحاصرونه ويقاطعونه ويضغطون على كل دول العالم لتقاطع منتجاته ولمقاطعته سياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا وغير ذلك. هذا السلاح سلاح مشروع ومتعارف وطبيعي، ونحن كأمة اليوم عندما نلجأ الى هذا السلاح انما نلجأ الى أمر بديهي ليس بحاجة الى نقاش أو استدلال.

تساؤلات حول المقاطعة.. والسيد نصر الله يجيب

منذ ان اطلق هذا العنوان، كانت الانتفاضة المباركة في فلسطين هي التي دفعت الأمة الى تبني شعار أو خيار من هذا النوع. وقد حصلت نقاشات كثيرة جداً في مؤتمرات وعلى شاشات الفضائيات وفي وسائل اعلام مختلفة حول جدوى هذا الخيار.

من يقرع طبول الحرب ويحمل راية الحرب هو الادارة الاميركية، أفلا يكون هذا كافياً لتصنيف الادارة الاميركية وقواتها على أنها في خانة العدو؟ مهما هربنا من المواجهة، نحن اليوم في مواجهة العدوان الاميركي كأمة شئنا أم أبينا، وسنجد أنفسنا في ساحة المواجهة، نحن لسنا الذين بدأنا الحرب ولسنا من سيبدأ الحرب بل هم سيفرضونها على هذه الأمة، وبالتالي هم الآتون ولسنا نحن الذاهبين".

2 - هل دخلت فكرة مقاطعة البضائع الأميركية في زواريب السياسة الداخلية؟

"التفكير في هذه النقطة من زاوية الأزمات الخاصة والداخلية هو الذي يؤدي ببعض الأصدقاء المخلصين الى الاشتباه بالموقف. والتعاطي مع الهجمة الاميركية على الأمة انطلاقاً من مشاكلنا وحساباتنا الداخلية هو الذي يلقي بنا في الأخطار الاستراتيجية القاتلة.. يجب أن نفهم أننا أمام معركة وساحة مختلفة وأمام صراع حساباته مختلفة ونتائجه وأهدافه مختلفة، وبالتالي يجب تجاوز كل مشاكلنا وأزماتنا قدر الاستطاعة".

3 - ما هي الجدوى المرجوّة من سلاح المقاطعة؟

"النقاش حول الجدوى دائمًا يطرح كما حصل في مسألة المقاومة في لبنان، وكما حصل في مسألة الانتفاضة. في قضية المقاومة منذ العام 1982 قيل إن هذا خيار جنوني وصبياني وغير واقعي. حتى السنوات الأخيرة والأشهر الأخيرة كان هناك نقاش في جدوى المقاومة. وأذكر بعد ان أطلق ايهودا باراك وعده بالانسحاب في 7 تموز/يوليو من لبنان وكانت المقاومة تواصل عملياتها كان البعض يقول: ما جدوى هذه العمليات فالرجل التزم بالانسحاب وعلينا توفير هذه التضحيات وهذه الدماء الى حين تحقق الانسحاب! عندما يناقش البعض في الجدوى ينظر دائمًا الى السلبيات في الوقت الذي يقوم فيه بتخفيف الايجابيات.

تساؤلات حول المقاطعة.. والسيد نصر الله يجيب

في مواجهة مشروع الغزو المتعدد الأبعاد يجب استخدام كل الأسلحة المتاحة والمتوافرة بين أيدينا، ومن الخطأ ان نقول إن سلاح المقاطعة لا جدوى منه وجدواه محدودة وهذا لا ينفع، وهذا لا يجدي.

قلة الجدوى من استخدام سلاح ما في أي ساحة وفي أي ميدان ليست مبرراً لترك هذا السلاح، وخصوصاً اذا انتبهنا إلى أنه في مسألة المقاطعة الاقتصادية بالتحديد اذا لم نقاطع يعني أننا نساهم ولو بنسبة قليلة بتقوية العدو الذي يجتاح البلاد ويريد السيطرة على أمتنا. يجب ان نتحدث في موضوع المقاطعة في اطار هذه المواجهة الشاملة.
حتى لو لم يكن في هذا السلاح أي جدوى اقتصادية وانما له نتائج سياسية ثقافية وتربوية وسياسية واعتراضية فهو من أفعل الأسلحة التي يجب أن نستخدمها، وبالتالي لا داعي لان نتعب أنفسنا كثيرًا باحصاءات ودراسات لنبني عليها نتيجة، هذه النتيجة يجب أن تكون محسومة بمعزل عن الاحصاء والأرقام، ويأتي لاحقاً منطق الاحصاء والأرقام لاقناع من يصر على ضرورة ان يكون هناك جدوى اقتصادية. دلوني على امتين تصارعتا وتبقي احداهما ابوابها وأسواقها مفتوحة أمام الأمة الأخرى. هذا الأمر لم يحصل في  التاريخ، والمسألة لا تحتاج الى تحقيق وبحث علمي في الجدوى الاقتصادية، وبطبيعة الحال هذه الدولة اعلنت الحرب علينا فمن الطبيعي ان نقاطعها".

4 - هل لدينا القدرة على المضي في هذا الخيار؟

"ما أدعو اليه أن لا نركز كثيرا على سلبيات المقاطعة، علينا أيًا تكن هذه السلبيات أن نضعها في خانة التضحيات التي تستلزمها عملية المواجهة، وهذا هو السياق الطبيعي.

نحن كشعوب يجب أن نحسم خيارنا، فإما أن نستسلم ونبحث عن لقمة عيشنا سواء جاءت مجبولة بذل أم لا، وإما أن نأخذ خيار قبول التحدي والمواجهة، وبمعزل عن إمكاناتنا وقدراتنا، من يكون في موقع المقاومة هو الشعوب التي تهاجم والتي ليس لديها وقت وخيار ومجال لتجلس وتحصي ما عندها، يجب أن تواجه بما عندها، وهذا هو منطق المقاومة تاريخيًا ومن الطبيعي ان نختار المواجهة، وأي سلاح وحتى لو كانت جدواه قليلة يجب استخدامه بالمنطق الذي تكلمت عنه".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الـ BDS نموذجاً

حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها هي حركة فلسطينية ذات امتداد عالمي تسعى لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة وتعمل من أجل حماية حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
إنجازات حققتها:
ـ أشار تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد الإسرائيلي خلال العام 2014 بنسبة 46% مقارنة مع عام 2013. وعزت إحدى مُعِدّات التقرير هذا الانخفاض للعدوان على غزة ونمو حركة المقاطعة BDS.

ـ كشف معهد التصدير الإسرائيلي أن الصادرات الإسرائيلية في عام 2015 انخفضت بنسبة 7%.

ـ في عام 2015، كلفت حملات المقاطعة شركة "فيوليا" الفرنسية خسائر فادحة فاقت قيمتها 20 مليار دولار، مما أجبرها على الانسحاب بالكامل من كل مشاريعها الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي، وخاصة في القدس المحتلة.

ـ حذّرت وكالة موديز، إحدى الوكالات العالمية الرائدة في التصنيف الائتماني، من أن "الاقتصاد الإسرائيلي قد يعاني في حال اكتساب حركة مقاطعة إسرائيل BDS زخما أكبر".

حملة مقاطعة البضائع الاميركية

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل