معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

تقسيط إصابات
15/02/2020

تقسيط إصابات "عين الأسد": "كل شي بوقته حلو"

محمود ريا

لم يحصل في تاريخ العالم أن استمر مفعول صاروخ باليستي أكثر من شهر، فيجرح ويجرح ويجرح، وكل يوم يزداد عدد "ضحاياه"، بشكل أثار العجب لدى الخبراء العسكريين والمتابعين الدبلوماسيين.

فمن المعروف في العلم العسكري أنه يمكن إحصاء عدد الإصابات في أي انفجار فور حصول الحدث، وربما يأخذ الأمر بعض الوقت لحصر الأضرار وجمع الأشلاء وتقديم التقارير، ومن ثم إعلان النتيجة.

وربما يبقى هناك "مفقود" أو غير معدود، فيظهر بعد يوم أو يومين، أو أسبوع أو أسبوعين، فيُعلن عنه، ويضاف إلى عدد الإصابات فيكون ذلك استلحاقاً لرقم ثابت، وزيادة لعدد معروف، فتنتهي المسألة عند هذا الحد، ويسجل الرقم في صفحات التاريخ.

أما ما حصل مع صواريخ إيران التي أطلقت على قاعدة عين الأسد في غرب العراق، فإنه أعجوبة الأعاجيب، وقد أدهش البعيد والقريب، نظراً لخرقه كل قواعد المنطق، وافتئاته على جميع القوانين العسكرية.

كيف يمكن لضربة "بسيطة"، يخرج بعدها رئيس أقوى دولة في العالم ليقول إن "كل شيء على ما يرام"، أن تبدأ خسائرها بـ "صفر إصابة"، وتنتهي حسب آخر إحصاء رسمي، وزعته وزارة الحرب الأميركية، بأكثر من مئة إصابة؟

طبعاً، نحن هنا نتحدث عن الإحصاءات الرسمية، التي تصاعدت من صفر إلى عشرة إلى خمسة وستين إلى مئة، ثم إلى مئة وتسعة.. و"الحبل على الجرّار".

والملفت في الموضوع أن ما يدعيه البنتاغون الأميركي هو إصابات بارتجاج في الدماغ، أي الإصابات التي لا يمكن التحقق منها بشكل دقيق ومباشر، ما يشير إلى إبقاء الموضوع في إطار الغموض والتكهنات، بعيداً عن الاعتراف الذي يؤدي إلى تحقيق ومن ثم تحميل المسؤوليات وتطبيق العقاب.

أما في غير الإحصاءات الرسمية، فيمكن الإشارة ـ فقط الإشارة ـ إلى الجنود الأميركيين الذين قُتلوا فجأة ـ ويا للصدف ـ في ألمانيا وغانا وأفغانستان والعراق وغيرها من أنحاء العالم، مباشرةً بعد ضرب قاعدة عين الأسد، لتستعاد تجربة الأميركيين والصهاينة الذين "يقتلون جنودهم" انتحاراً وغرقاً وفي حوادث طرق ومشاكل جانبية وغيرها من التبريرات، كي لا يعترفوا بكونهم خسائر مباشرة لضربات أعدائهم، وذلك تهرباً من دفع أثمان هؤلاء القتلى في السياسة والأمن.. والأهم في الاستراتيجيا.

سينكشف المخبّأ، بلا شك، وسيظهر ما حاول الأميركيون التغطية عليه، ولن تبقى ضربة عين الأسد بلا آثار، كما يظن الأميركي أنه نجح في تقليل آثارها.

سيظهر العدد، وستظهر الخسائر، وسيظهر العار الذي ركب رأس الجيش الأميركي، فلا شيء في هذا العالم يمكن إخفاؤه الآن. وإن لم يعترف الأميركيون سيتحدث غيرهم. إن لم يواصل الأميركيون "تقسيط" عدد الجرحى وأعداد القتلى، سيأتي يوم ـ قريب حتماً ـ وسيتم فيه تلاوة الأسماء والرتب، وستكون الصور فاضحة المستور ومذلة الجبابرة.

متى؟ إن غداً لناظره لقريب، والوقت المناسب آتٍ، وستكون صاعقة الكشف أكبر من عاصفة الضرب، فلماذا الاستعجال، بينما "كل شي بوقته حلو"؟

لقد صرخت أمهات الجنود، وصرخ آباؤهم، سائلين عن أبنائهم المختفين، ولكن آلة الإعلام العملاقة استطاعت إخفاء أصواتهم، فكيف سيكون الوضع عندما تظهر الحقائق وتنتشر الوقائع ولا يعود هناك إمكانية للاختباء وراء جملة "كل شيء على ما يرام"؟

فلننتظر.

عين الأسد

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل