نقاط على الحروف
خالد الصفيّان.. بروفة النظام السعودي لسحق القطيف!
سناء إبراهيم
مدهشٌ حجم المفارقات في مسيرة محافظ القطيف خالد الصفيان. مع بدء العام الجديد 2020، انطلقت رحلة إقلاعه من المنصب، الذي شغله لسنوات عدة، سنوات كانت حافلة بالمهام إلا أنها لم تكن مهام "محافظ" بقدر ما كانت عمليات وشاية وتجسس وتدخلات خارجة عن المألوف في خصوصيات أهالي المنطقة الشرقية، بغية الانتقام من أبنائها ومحاولاتهم للتعبير عن رأيهم والانتفاض على واقعهم المظلم والاستبداد المستشري الذي يواجهونه من السلطة التي ترسم مخططات تهجيرهم وتشريدهم.
بدأت رحلة الصفيّان مع القطيف، وعيّن محافظاً عليها، منذ عام 2013، خلفاً للمحافظ عبدالله العثمان. في تلك السنة، جاء تكليفه بموجب قرار أمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وحينها بدأت المهام والعمل المشبوه للمحافظ الجديد، الذي استكمل مسيرة من سبقوه من المحافظين. وقد تم تعيينه بحكم علاقته ومعرفته بأحوال القطيف لكونه شغل مناصب عدة في القطيف، وشغل منصب وكيل لمحافظة القطيف مرتين قبل أن ينصّب محافظا عليها. اشتغل الصفيان بجد لتنفيذ مسلسل استهداف المنطقة الشرقية، فكان أهالي القطيف عرضة لممارسات التنكيل الممارسة والتي كان المحافظ أساس في تدبيرها، وتسييرها خدمة لسيناريو النظام القائم على الانقضاض على القطيف وأبنائها، بغية القضاء على محاولات انتفاضهم ورفضهم لواقع الاستبداد السلطوي الواقع عليهم.
على امتداد سنوات عمله، لم يكن للصفيان إنجاز على مستوى عمله، بقدر ما كانت إنجازاته عبارة عن تدخلات في شؤون الدين والأرض ومحاولة تنفيذ مخططات تعود عليه بفوائد ومكاسب خاصة، وحقق منافع من المشاريع البلدية التي تبغي الاستفادة من موارد المنطقة عبر تجريف أراضي والاستيلاء على أخرى، ولعل تنفيذ الاجتياح العسكري لـ "مسوّرة العوامية" كان من أبرز الفوائد المالية الأخيرة التي كان قد حصل عليها، فالجريمة التي حلّت بالمنطقة لعب الصفيان دور بارز في تنفيذها وتسهيلها.
محافظ القطيف خالد الصفيان، حافظ على نهج النظام السعودي في تعامله مع أهالي المنطقة التي أبت أن تخنع وتخضع لسياسات الإذلال والارتهان، وثار أهلها على كل أنواع وأشكال الظلم، فاستغل سلطته ومنصبه واتخذ من المنصب الشكلي أداة أكثر من عسكرية لفرض شروط وقيود على القطيف، فما كان أمامه أي حاجز حتى من التدخل في الشؤون الدينية، وحاول مراراً أن يفرض آراءه وخلفها آراء السلطة في تبديل وجهة المنطقة لكنه دائماً ما كان يفشل.
الصفيان الآتي من محافظة ومنطقة غير القطيف ولم يكن من أبناء جلدتها، ـ على غير ما يجب عرفياـ، له سجل حافل بالمساوئ والانتهاكات التي ارتسمت في مسيرته، إذ تشهد خطب الجمعة على أعداد المحاولات التي كان يلعبها من أجل التدخل في محتوى الخطب، وتدخل في شؤون المنطقة الدينية ولعل ما كانت تلاقيه الشعائر والإحياءات في المناسبات لخير دليل على الانتهاكات، فقد عانى القطيفيون ولا يزالون من ممارسات النظام بحقهم وبحق ممارساتهم وشعائرهم الدينية، فكان المحافظ أول من حارب الهوية المحلية لأهالي القطيف وحاول مرارا وتكراراً استبدالها، لكن تشبث الأهالي بأرضهم وهويتهم كان حجر عثرة أمام مخططات السلطة وأذرعها.
الصفيان..محافظ برتبة عميل
لم يفوّت المحافظ الذي استولى على المنصب منذ عام 2013، الفرصة لاستكمال جرائم النظام، فالشهداء الذين كانوا يرتقون بفعل رصاصات غادرة من عناصر الأمن، أو الذين ارتفعوا تحت سياط التعذيب سيف الإعدام، كانوا عرضة للإساءة اللفظية من قبل المحافظ، وتلك الإساءة كانت تمتد لتطال وجهاء وشرفاء القطيف، الذين لم يتمكن من إخضاعهم، وإخضاع الأهالي والعوائل من خلفهم بكل المنطقة.
على أكثر من مستوى، قاد المولود في "رأس تنورة" أدواته في القطيف لتطويع أهلها، إلا أنه مُني بالفشل، فالمنبر الحسيني وإحياء الشعائر الحسينية لا يمكن لشخصية أن تبدل بمضمونه وأساسياته، وهو ما جهد من أجله الصفيان، الذي تعمد مراراً أن يفتعل أززمات من الأمر، حتى منعوا أهالي المنطقة من إحياء شعائرهم الدينية خاصة في عاشوراء، إذ تمارس سياسة التضييق على كل مظاهر الحزن لمنع إقامتها.
في العام 2011، كانت انطلاقة الحراك السلمي في القطيف، الانتفاضة الشعبية التي رفعت شعارات سلمية وطالبت بالحقوق الأساسية للمواطنين أرّقت السلطة. أرق كان له الفتيل الأول في مد كافة خيوط الانقضاض على محركات الثورة وأدواتها وعناصرها، وكان الصفيان له دور فعّال في محاولات القضاء على الحراك بحكم معرفته بأحوال القطيف، وفق ما يكشف مصدر أهلي خاص في حديث مع موقع "العهد الإخباري"، ويبين سعيه للقضاء على الحراك، كانت من خلال التوجيهات التي كان يصدرها إلى وجهاء القطيف وخطباء المساجد، بتوجيههم بما يتناسب وسياسات النظام".
ويضيف المصدر أن الصفيان كان يتحكم بزمام أمور الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والثقافية التي كانت تقام، وكان هناك إعدادات لفعاليات خاصة تحت مزاعم "توعية الشباب"، وأنشطة كانت تهدف للرسم على الجدران بغية محو الشعارات التي كان يحتضنها الحراك، منبهاً إلى أن عملية طلاء الجدران وطمس شعارات الثورة، كان يأمر بها الصفيان هربا من فضائح مخططاتها، إذ أن الجدران كانت تحمل أسماء وعبارات ثورية صريحة لعمل المحافظ وتكشف خبث تحركاته ضد الأهالي.
في حديثه لموقع "العهد"، يقول المصدر الأهلي الخاص، إن الصفيان كان يعيّن أعوان له، ينفذوا مخططات الوشاية بحق نشطاء الحراك السلمي، كما أن كان في عداد حاشيته أقلام مأجورة من بينها محمد التركي حيث كان يجبر المواقع المحلية على نشر أخبار معينة، كما كان يصدر بيانات بإسم أهالي المنطقة ويجبر بعض الوجهاء على توقيع على بياناته ومن بين الوجهاء عمدة تاروت عبدالحليم كيدار.
يرحل الصفيان المتورط في قضايا فساد في المشاريع البلدية من منصب محافظ القطيف، ويعيّن مكانه وكيل محافظة القطيف فلاح سلمان الخالدي، تتبدل الأسماء، والنهج الاستبدادي لنظام آل سعود وأدواتهم يتواصل، ويتواصل بوجهه صمود أهالي القطيف الذين يأبون الخنوع والخضوع أمام محاولات السلطة الانتهاكية، التي انطلقت منذ بدء استيلائهم على القيطف، التي تعاقب عليها نحو20 أميراً ومحافظاً، كان أولهم عبدالرحمن بن سويلم، منذ عام 1331 للهجرة.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024