معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

16/12/2019

"قدمنا الدم.. والحبر عليكن"

ياسر رحال

اعتدنا في علاقاتنا أن لا نقارب الحديث المالي في المهنة الا في حال تجاوز ميثاق الشرف الإعلامي، كما اعتدنا عدم التشهير بالمؤسسات التي تعاني من مشاكل مالية لاعتبارات ترتبط بطبيعة السوق الإعلاني وضعف التمويل سيما وأن الإعلان هو المدخول الوحيد الذي يساهم في دعم الإعلام في المؤسسات غير الحزبية التي تحترم نفسها اولا وتحترم جمهورها.. تالياً.

الاثنين 16 كانون الأول / ديسمبر 2019 خرجت صحيفة "النهار" بنصف صفحة أولى بيضاء، ووضعت شعارًا باللغة الإنكليزية وكأنه موجه إلى ممول أجنبي يقول: "The newspaper that donated blood is now asking you to #donateink"، وترجمته: "الصحيفة التي قدمت الدم تسألكم اليوم تقديم الحبر".

هذا الأسلوب بطلب الدعم مفهوم من صحيفة عريقة وهي من أقدم الوسائل الإعلامية المطبوعة في لبنان وصاحبة تاريخ في السياسة اللبنانية والتابعة لدار نشر أنتجت العديد من الكتب وصاحبة أضخم أرشيف للمعلومات والصور، وهو ليس جديداً، لكن ما هو غير المفهوم هو أين ذهبت كل الأموال التي كانت تهبط على "النهار" وتحديداً من الفترة التي دخلت فيها أكثر من شخصية سياسية على خط الشراكة فيها، وتأسيسها لأكثر من جائزة ومشروع جانبي؟

"قدمنا الدم.. والحبر عليكن"

وأين ذهبت مردودات المؤسسات التي "فرخت" على جانب "النهار"، سيما وأنها كانت تعمل على أكثر من جبهة؟ وهل حقاً بات جمهورها صغير العدد بحيث لم تعد تطبع الا بالمئات؟

أما السؤال الأكبر فهو إذا كانت "النهار"، وهنا أسمح لنفسي بوصفها بالمؤسسة الكبرى، تعاني من ضائقة مالية، فكيف لصحيفة ناشئة مثل "نداء الوطن" وفي مدة شهرين أن تصدر ستين عدداً بدون وجود لإعلان واحد على صفحاتها؟

ألا تستحق هذه المفارقة الوقوف عندها؟

هل باتت بعض الصحف تحصل على تمويل بالقطارة وأخرى بالسيول؟

وهل بات الممول يبحث عن مؤسسات حديثة بدل الاعتماد على مؤسسات "هرمة"؟

وهل باتت "نداء الوطن" أكبر جمهورًا من "النهار"؟

وماذا يدور في فلك الإعلام التابع لتحالف الضغط على لبنان وفرض العقوبات عليه كبديل عن الحرب التي لم تعد "تردّ حقها" كما يقال؟

كل هذه الاسئلة تستدعي الوقوف أمامها، والبحث في أسبابها.

إعلام يملك تمويلًا غير محدود، وإعلام يستجدي الحبر، والطرفان في مقلب سياسي واحد. وحتى يظهر الخيط الأبيض في هذه المفارقة، كلُّ الدعم لحرية الإعلام ولإخراجه من أتون الإفلاس الذي يضرب البلاد ومؤسسات تجارية منتجة بسبب الحرب الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على لبنان رداً على مواقفه من القضية الفلسطينية والنزوح السوري وحرصه على سيادته على أرضه ومياهه ونفطه مقابل العدو الصهيوني.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل