نصر من الله

الخليج والعالم

أميركا أمام معضلة التطرّف من ذوي الخلفية العسكرية
03/01/2025

أميركا أمام معضلة التطرّف من ذوي الخلفية العسكرية

نشر موقع ذا هيل (The Hill) تقريرًا أشار فيه إلى أن المشتبهين الاثنين الرئيسيَين في الهجومَين اللذين حصلا في الولايات المتحدة في يوم رأس السنة خدما في القوات العسكرية الأميركية، ما يؤكد على "المخاوف المستمرّة إزاء التطرّف في صفوف القوات المسلحة والذي يواجه المسؤولون صعوبات في استئصاله"، وفق تعبيره.

وأشار الموقع إلى أن المُشتبه بالوقوف وراء عملية الدهس في مدينة New Orleans التي أدّت إلى مقتل 14 شخصًا المدعو شمس الدين جبار كان من المحاربين القدامى، بينما الرجل الذي قيل إنه وراء انفجار شاحنة "Tesla" خارج أحد فنادق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في Las Vegas المدعو Matthew Livelsberger كان جندياً في الجيش.

وأضاف الموقع بأن الهجومَين يعززان التساؤلات حول عدد "الراديكاليين والمضطربين" بين المحاربين القدامى والجنود الحاليين، وما إذا كانت مساعي البنتاغون للتعرف على "المعتقدات المتطرّفة واستئصالها تنجح". كذلك نقل عن هايدي بيريتش
(Heidi Beirich) وهي أحد مؤسسي "المشروع العالمي ضدّ الكراهية والتطرّف"، بأن "المشكلة العالقة تشكّل خطرًا كبيرًا كون المحاربين القدامى والجنود الحاليين يستطيعون القتل بفاعلية أكبر"، وفق تعبيرها.

ونقل الموقع عن بيريتش قولها إن "الجيش لم يعالج المشكلة بالشكل المطلوب"، ولفتت إلى أن "هذه الحالات تذكّر بمدى أهمية عدم تلقّي الأشخاص المعرضين للتطرّف التدريب في التكتيكات العسكرية".

هذا، وأشار الموقع إلى أحداث سابقة ارتكب فيها جنود العنف المتطرّف، لافتًا إلى حادثة وقعت عام 2023 عندما نفّذ الجندي في قوات الاحتياط الأميركية روبرت كارد (Robert Card) عملية إطلاق نار جماعية في ولاية Maine أدت إلى مقتل ثمانية عشر شخصًا. كما ذكّر بحادثة وقعت عام 2020 حيث قتل جندي في القوات الجوية يدعى ستيفن كاريلو (Steven Carrillo) عنصرين اثنين في قوات الشرطة بعد ما أعرب عن معتقدات معادية للحكومة. كذلك ذكّر بعملية إطلاق النار التي نفّذها الرائد في الجيش والطبيب النفسي نضال حسن عام 2009 والتي أدّت إلى مقتل 13 شخصًا وإصابة ما يزيد عن ثلاثين آخرين.

ونبّه الموقع من أنه جرى توجيه التهم إلى محاربين قدامى وجنود حاليين على خلفية أحداث اقتحام مبنى الكونغرس أوائل عام 2021.

كذلك، أشار الموقع إلى البيانات الصادرة عن منظمة Violence Prevention Project والتي تابعت حوادث إطلاق النار الجماعية بين عامي 1996 و2024، وقال "هذه البيانات تكشف بأن هناك عشرات من مرتكبي أعمال إطلاق النار الجماعية لديهم خلفية عسكرية".

كما أشار إلى أنه، وبحسب الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والرد عليه التابع لجامعة Maryland، والمعروف باسم START، فإن 721 فردًا على الأقل من ذوي الخلفية العسكرية ارتكبوا أعمالًا جنائية في الولايات المتحدة خلال فترة ما بين عام 1990 ونيسان/إبريل عام 2024، بهدف إما سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ديني.

وفي هذا الإطار، تابع الموقع: "بحسب START، فإن عدد الأفراد من ذوي الخلفية العسكرية الذين نفّذوا هجمات متطرّفة ارتفع من نسبة 11% عام 2018 إلى 18% عام 2022 (من أصل إجمالي العدد)". ولفت إلى أن "بيانات START تكشف بأن "العنصرية البيضاء" و"التطرّف المعادي" للحكومة يشكلان الجزء الأكبر من دوافع المحاربين القدامى والجنود المتطرّفين، حيث إن نسبة هؤلاء تزيد عن 80%"، وأشار إلى أن "العقيدة المستوحاة من "الجهادية" تشكّل فقط نحو 6% من إجمالي الحالات".

وفي مقالة أخرى، كتبها نيك تورس (Nick Turse)، ونُشرت على موقع ذا انترسبت (The Intercept) رأى فيها  
أنّ "الخدمة العسكرية هي المؤشر الأقوى في سياق توقّع من سيصبح جانيًا ويرتكب هجومًا يؤدي إلى عدد جماعي من الإصابات "Mass Casualty Offender"، حيث أفادت دراسة أخرى أعدها باحثون بأن هذا العامل هو أقوى بكثير من مشاكل الصحة النفسية.

وبحسب تقرير جديد لـ START، فإن "المخططات العنيفة الناجحة ذات الصلة بالمؤسسة العسكرية الأميركية أدّت إلى 314 حالة وفاة و1978 إصابة بين عامي 1990 و2022"، وأضاف التقرير "خطط 170 فردًا من ذوي الخلفية العسكرية الأميركية لـ 144 هجومًا إرهابيًا مما أدى إلى وقوع أعداد جماعية من الضحايا بين عامي 1990 و2022"، وذلك بحسب بحث أجراه START اعتمد على الملفات الشخصية للتطرف الفردي في الولايات المتحدة أو ما يُعرف بقاعدة بيانات PIRUS التي تشمل المعلومات عمّا يزيد عن 3000 شخص ارتكبوا جرائم متطرفة في أميركا. 

وتابع تورس "يشكل الجنود والمحاربون القدامى نحو ربع الأفراد الذين خططوا لهجمات متطرفة لإيقاع أعداد جماعية من الضحايا خلال هذه الفترة، وهي نسبة تفوق النسبة التي يشكلونها داخل المجتمع الأميركي".

كذلك خلص الباحثون، إلى أن الأشخاص في PIRUS من ذوي الخلفية العسكرية هم أكثر ترجيحًا ليُصنفوا Mass Casualty Offender بنسبة 2.41 (أي أكثر من ضعفين)، مقارنة مع الذين لم يخدموا في القوات المسلحة. ويعني ذلك أن الخدمة العسكرية الأميركية تُعتبر من العوامل المؤثرة والمسببة لهكذا أحداث والتي يمكن الاعتماد عليها أكثر في توقّع من سيصبح ضمن فئة Mass Casualty Offender، مقارنة مع عوامل أخرى مثل مشاكل الصحة النفسية أو سجل جنائي سابق.

وأضاف تورس "كانت غالبية هؤلاء الجناة (mass casualty offenders) من ذوي الخلفية العسكرية في PIRUS محسوبة على مجموعات وحركات اليمين التطرف المحلي (بنسبة 73.5%)، فيما نحو 15% (24 جانيًا) تأثروا بفكر الجماعات "الإسلامية" المتطرفة مثل "القاعدة" و"داعش"، أو كانوا على صلة بهذه الجماعات"، وفق تعبيره.

وتابع الكاتب "أمضى كل من Livelsberger (المتهم بتفجير الشاحنة أمام فندق ترامب) وجبار (المتهم بعملية الدهس في New Orleans)، أمضى كل منهما فترة في القاعدة العسكرية التي سبق وأن كانت تُعرف باسم Fort Bragg والتي أصبحت اليوم تحمل اسم Fort Liberty، وهو موقع عسكري ضخم في North Carolina ومقر لعدد من الوحدات التابعة للعمليات الخاصة في الجيش الأميركي".

وأوضح أن التحقيقات وجدت "أن 109 جنود خدموا في Fort Liberty توفوا هناك عامي 2020 و2021، وعدد هؤلاء الذين توفوا لأسباب طبيعية هو أقل من عشرين. أما بقية الوفيات بين الجنود فكان يمكن منعها، مثل حالات الوفاة التي لم يتبين أسبابها وجرائم القتل والجرعة الزائدة من المخدرات".

الولايات المتحدة الأميركية

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم