الخليج والعالم
تونس 2024: عام من التضامن الشعبي مع فلسطين والمقاومة رغم الأزمات الداخلية
تطوي سنة 2024 أوراقها بكلّ ما فيها من أحداث وتحولات كبرى. في تونس كانت السنة حافلة بالمسيرات الاحتجاجية التضامنية مع فلسطين والمنددة بالحروب الصهيونية على شعوب المنطقة. ورغم الوضع الاقتصادي والسياسي الصعب الذي مرت به البلاد إلا أن بوصلة التونسيين كانت وستظل فلسطين.
منتديات وملتقيات ومسيرات تضامنية
شهد شهر كانون الثاني/يناير من العام المنقضي ملتقى تونس لدعم المقاومة الذي احتضنته العاصمة التونسية تحت شعار "أمة تقاوم أمه تنتصر" بتنظيم من حركة الشعب، وبمشاركة قيادات من حركات المقاومة في حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية القيادة العامة، وحزب الله.
كما كانت سنة 2024 حافلة بالوقفات الاحتجاجية الأسبوعية أمام سفارة الولايات المتحدة في تونس للتنديد بالتواطؤ الأميركي مع جرائم الاحتلال. فقد تظاهر أسبوعيًا ناشطون في الشبكة التونسية للتصدي لمنظومة التطبيع من أجل إيصال غضبهم وصوتهم للإدارة الأميركية، ورسالتهم واضحة بأنّ الشعب التونسي ضدّ العدوان الصهيوني وضد تواطؤ الولايات المتحدة مع جرائم "إسرائيل".
شكوى تونسية ضدّ الاحتلال
ولعل الحدث الأهم كان توجه عمادة المحامين التونسيين لتقديم شكوى رسمية ضدّ مجرمي الحرب الصهاينة لدى محكمة الجنايات الدولية. فقد توجّه عميد المحامين التونسيين حاتم مزيو لمدينة لاهاي يوم 20/2/2024 لتقديم الملف القانوني للشكوى الرسمية التي تثبت حصول جرائم الحرب وإبادة ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني. وحصلت هيئة المحامين التونسيين على توكيلات وشهادات من الضحايا الفلسطينيين الذين قدموا إلى تونس للعلاج، وستمثّلهم في القضية.
وكما في مختلف الأقطار العربية، خيم الحزن الشعبي في تونس لاستشهاد سماحة السيد نصر الله، درة تاج المقاومة وبطل الأمة، حيث عبّر التونسيون في وقفات شعبية عن غضبهم إزاء الخذلان العربي الذي فاق الحدود وأعربوا عن حزنهم البالغ ومؤازرتهم للمقاومة ولبنان في مصابهما الجلل باستشهاد قائد المقاومة الفذّ. ونفذت تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين في تونس العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام السفارة الأميركية تنديدًا بالعدوان الصهيوني الغاشم على غزّة الصامدة ولبنان الأبيّ.
وملأت وسائل التواصل الاجتماعي في تونس الأعلام السوداء وتناقل ناشطو المواقع صورًا لقائد المقاومة وسيدها وشهيد لبنان والأمة سماحة السيد حسن نصر الله، وتناقلوا مقاطع صوتية لرسائل السيد وهو يدعو إلى استمرار نهج المقاومة.
كما تفاعل الشارع التونسي مع العدوان الصهيوني على لبنان بأشكال متعددة، سواء من خلال التظاهر في الشارع أو من خلال التعبير عن المواقف في مواقع التواصل الاجتماعي التي تضمنت بدورها تدوينات وتعليقات داعمة وصورًا لرموز المقاومة.
الهجرة... الملف الصعب
أما في ما يتعلق بالوضع الداخلي التونسي، فقد شكلت الهجرة غير النظامية ملفًا ضاغطًا في العلاقات بين تونس والأوروبيين. وكانت لافتة زيارات رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني وسط احتجاجات من قبل العديد من التونسيين أمام سفارة روما معبّرين عن غضبهم من محاولات تحويل تونس إلى حارس للبوابة البحرية الأوروبية ومكان لاحتجاز المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء.
والعنوان الرئيسي لكل تلك الزيارات كان ملف الهجرة غير النظامية، وذلك في سياق ضغوطات إيطالية وأوروبية متواصلة منذ أعوام للضغط على تونس لاحتواء هذا الملف الحارق.
الأزمة السياسية في تونس ألقت بثقلها على الوضع في البلاد في الوقت الذي شهد فيه العام توترًا في العلاقة بين اتحاد الشغل - الذي يعتبر من أهم المنظمات الوطنية التي تحظى بالمصداقية لدى الشارع التونسي - وبين الحكومة التونسية.
وكانت تونس على موعد مع الانتخابات الرئاسية يوم السادس من أكتوبر/ تشرين الأول بعد طول انتظار. ورأت أن الانتخابات الرئاسية أهم حدث سياسي شهدته البلاد منذ سنوات طويلة، باعتبار أن تونس عادت بمقتضى دستور 2022 إلى النظام الرئاسي بعد أن عاشت طيلة أكثر من عشرية على وقع النظام البرلماني.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد بمناسبة أدائه اليمين الدستورية بعد انتخابه رئيسًا للبلاد لولاية ثانية، وذلك في جلسة عامة ممتازة انعقدت في مقر البرلمان التونسي بباردو، إنه لا وجود لمصطلح التطبيع مع الكيان الصهيوني، المغتصب والمجرم، بين التونسيين، وأن من يتعامل مع الكيان الصهيوني المغتصب هو بصدد ارتكاب جريمة خيانة عظمى، وأنه يعيدها ويكرّرها ولن يتراجع عنها أبدًا، مجددًا مساندة تونس المطلقة للشعب الفلسطيني حتّى يقيم دولة حرة على كلّ أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، ومؤكدًا وقوف تونس دون شروط مع الشعب اللبناني.
لبنانفلسطين المحتلةتونسبانوراما 2024