الخليج والعالم
التعددية القطبية تقتضي عدم دخول واشنطن في حرب مع إيران
كتب الكولونيل الأميركي المتقاعد دوغلاس ماك غريغور الذي عمل مستشارًا للبنتاغون خلال ولاية دونالد ترامب الأولى، والمستشار السابق لدى وزارة الخارجية الأميركية جيمس كاردن، كتبا مقالة نشرت بمجلة أميركان كونسرفاتيف
قالا فيها إن تقسيم سورية إلى "أراض "إسرائيلية" وتركية" هو مقدمة لحرب أوسع نطاقًا مع إيران، حيث أشارا إلى ما جاء في صحيفة تايمز أوف "إسرائيل" الأسبوع الفائت عن ان القوات الجوية تواصل تعزيز استعداداتها لضربات محتملة داخل إيران.
وأضاف الكاتبان بان أولوية رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو القصوى هي القضاء على إيران قبل أن تستكمل روسيا انتصارها في أوكرانيا وتتحول سورية إلى ساحة معركة جديدة للأتراك و"الإسرائيليين". كما تحدثا عن بداية اشتعال الفوضى حيث هناك القوات في طرف بينما جهات متحالفة مع تركيا في الطرف الآخر. كذلك أردفا بأن نتنياهو يدرك جيدًا أن هناك تضارب ما بين أهداف أنقرة الطويلة الأمد في المنطقة وتصميم "إسرائيل" على أخذ الغنائم في سورية.
وتابع الكاتبان بان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أصبح يواجه انشغال خطير يتمثل في حروب لم يبدأها، وبأن هذه الحروب لن تأتي باي مكاسب إستراتيجية لإدارة ترامب المقبلة. كما قالا إن دعم أميركا لقيام نتنياهو بتوسيع الحرب في الشرق الأوسط سيعرض المصالح القومية الأميركية للخطر وسيضمن أن تكون واشنطن وقواتها المسلحة والاقتصاد الأميركي بمثابة رهينة للتوجه الإستراتيجي الذي يختاره نتنياهو.
كذلك شدد الكاتبان على أن بدء الحرب عاجلًا وليس آجلًا هو في غاية الأهمية بالنسبة لنتنياهو، حيث أضافا بأن الحرب مع إيران تضع ترامب امام أمر واقع إستراتيجي. وأوضحا بأنه وفيما لو قرر ترامب أن ينأى بالولايات المتحدة عن "حمام دم جديد في الشرق الأوسط"، فإن نزاع "إسرائيل" المستمر مع إيران والمواجهة المحتملة بين تركيا و"إسرائيل" سيجعل عدم التدخل أمرًا مستحيلًا.
كما تحدث الكاتبان عن ضرورة أن يفهم مخطّطو السياسة الأميركيون الإطار الأوسع للأحداث، والأسباب التي تجعل من الحرب على إيران تأتي بنتائج مريرة للولايات المتحدة و"إسرائيل" على حد سواء. وقالا إن الهدف الرئيسي لمخطّطي السياسة الخارجية الأميركية يفترض أن يكون تكيف الاقتصاد والمؤسسة العسكرية الأميركية مع عالم متعدد الأقطاب وإنشاء أسواق جديدة وليس خلق أعداء جدد. كذلك أردفا بأن رفض واشنطن الاعتراف بالتحولات الجوهرية على صعيد القوّة والثروات هو في صلب الكثير من الإخفاقات في سياسة إدارة بايدن الخارجية.
وتابع الكاتبان بأن الإدارة الناجحة للتغيير تتطلب تجنب النزاع مع إيران والتوفيق السلمي ما بين المزاعم المتنافسة والهيمنة الإقليمية، وذلك على غرار ما فعلت الصين مؤخرًا عندما لعبت دور الوساطة لعودة العلاقات بين السعودية وإيران. كذلك أردفا بأنه وكما لا يمكن حل أي مسألة تتعلق بالأمن الإستراتيجي في أوروبا دون إشراك روسيا، أيضًا لا يمكن أن تحقق واشنطن الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال الدعم غير المشروط لأطماع "إسرائيل" بالأراضي.
وحذّر الكاتبان من أن إخفاق أميركا في إدارة انتقالها إلى التعددية القطبية سينتج المزيد من الفوضى ويشعل حرب كبرى في الشرق الاوسط، ناهيك عن حرب شاملة مع روسيا وأيضًا مع الصين في النهاية. كما أكدا على ضرورة تبني رؤية تضع أولوية على تجنب النزاعات وعدم البدء بنزاعات جديدة لتحل مكان ثلاثة عقود من القيادة المتهورة في الشؤون الخارجية. كذلك أضافا بأن المقاربة الجديدة في السياسة الدفاعية والخارجية يجب أن تضع أولوية على الدبلوماسية والتعاون السلمي على حساب استخدام القوّة العسكرية.
ووصف الكاتبان واشنطن بمنبع الأكاذيب حيث تضخ سردية مزيّفة حول الطبيعة الحقيقية "للجهاديين" في سورية. كذلك قال إن واشنطن لا تلتفت كما يبدو إلى تدمير سورية ونشوء هيمنة "إسرائيلية" تركية في الشرق الأدنى. كما حذرا من أن من تداعيات الهجوم على إيران تقوية التقارب الإيراني السعودي الذي تواسطت من أجله الصين، وتقوية التكتلات في الشرق الأوسط "الكبير" بحيث تكون إيران مدعومة من روسيا والصين والسعودية، في مواجهة تكتل "إسرائيلي" تركي "مؤقت" مدعوم من واشنطن وأتباعها الأوروبيين.
هذا ونبّه الكاتبان إلى أن إيران ليست العراق، إذ إن عديد سكان إيران هو 90 مليون نسمة ويساوي بالتالي ضعفي عديد سكان العراق. كما أردفا بأن اقتصاد إيران هو متطور أكثر مقارنة بالعراق، ولدى إيران حلفاء أقوى بكثير مما كان يملك يومًا صدام حسين. وأضافا بأنه وخلافًا لتوقعات المحافظين الجدد، لا يوجد شيء اسمه نزهة في الشرق الأوسط "الكبير"، وبأن الأمر المحتوم الوحيد وسط الفوضى هو أن الحرب الأوسع نطاقًا في الشرق الأوسط "الكبير" ليست سوى في البداية، وذلك بفضل بايدن ونتنياهو وأردوغان. وختما بالقول: "إننا سنندم على هذه الحرب".
الولايات المتحدة الأميركيةالجمهورية الاسلامية في إيران