الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: أحداث سورية مرتبطة بمشاريع الشرق الأوسط الجديد واتفاقية "أبراهام"
اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الاثنين 02 كانون الأول 2024، بالتطورات الميدانية في سورية بعد استعادة الجيش السوري المبادرة في الهجوم. كما اهتمت أيضًا بتحليل الأوضاع العالمية والإقليمية المرتبطة بسياق مواجهة الصهيونية والولايات المتحدة الأميركية في المنطقة.
ماذا نتعلم من التطورات في سوريا؟
كتبت صحيفة جام جم: "شهدنا في الأيام الأخيرة وقوع أحداث مريرة في سورية، مصدرها النهج المشترك لأميركا ونظام الاحتلال الصهيوني في زعزعة أمن المنطقة (غرب آسيا). بمعنى آخر، لا يمكن تحليل التطورات الحالية في سورية وأجزاء أخرى من المنطقة من دون النظر إلى الإستراتيجيات والأهداف والدوافع الكلية للجهات الفاعلة المشاركة في هذه الأزمة.
في هذا الصدد؛ أوردت الصحيفة عدة نقاط يجب أن تؤخذ بالحسبان: "النقطة الأولى التي لا تحظى بالملاحظة الكافية في تحليل الأحداث في سورية هي عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) من ناحية، والمواجهة الحالية واسعة النطاق والخطيرة للغاية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي. لذلك؛ أي تحرك روسي في الوضع الحالي لن يكون كذلك من دون الأخذ بالحسبان الصراع القوي للغاية بين هذا البلد وحلف شمال الأطلسي. وبما أن روسيا ترى سورية جزءًا من أمنها الإستراتيجي، ويهمها ألّا تتعرض هذه المنطقة الإستراتيجية للخطر بسبب تحركات تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، ينبغي إلقاء نظرة شاملة على الصراع الذي نشأ مع المقاتلين بالوكالة عن تركيا. كما هناك مسألة أخرى وهي اقتراب تنصيب دونالد ترامب والوقت المحدود المتاح أمام حلف شمال الأطلسي وأميركا والكيان الصهيوني لبدء حرب في سورية. خلال المرحلة الماضية، أكد ترامب مرارًا وتكرارًا على ضرورة انسحاب القوات الأميركية من سورية وإنهاء الإجراءات المكلفة للولايات المتحدة... لذلك ينبغي البحث عن جزء من المعادلة أيضًا في أثناء انتقال السلطة في البيت الأبيض، من الآن وحتّى حضور ترامب الرسمي في البيت الأبيض".
تتابع الصحيفة: "النقطة المهمّة الأخرى هي إستراتيجية أميركا و"إسرائيل" في ما يتعلق بإنهاء الوجود الإقليمي الإيراني الذي يعد أهم ركائز الدفاع الإيراني. وقد نظّر بعض المفكرين للتقليل من أهمية هذا الركن المهم للدفاع، والذي تشكّل على أساس الأطروحة الفعالة للأمن الجماعي والدفاع المشترك لدول محور المقاومة... لذلك، يجب أن تظل القوّة الدفاعية والعسكرية للبلاد ديناميكية ومستمرة ومتنامية، ويجب تحديدها كخطوط حمراء في المعادلات الإقليمية والأمنية لإيران الإسلامية؛ وأي طريقة أخرى للنظر إلى هذه القضية سوف تولد تكاليف لا يمكن إصلاحها. والضعف الشديد الذي أصاب "إسرائيل"، في الحرب التي دامت 13 شهرًا في غزّة ولبنان، والعجز الكبير للولايات المتحدة وحلفائها عن تحقيق أهدافهم لن يسمح لهم بالاستخدام الفعال للإرهابيين التكفيريين التابعين للولايات المتحدة والاحتلال الصهيوني، مثل تحرير الشام وداعش، لإضعاف الوجود الإقليمي لإيران. وذلك بشرط أن تؤدي الحكومة الإيرانية، بإدراكها وفهمها لهذا الجزء المهم من العناصر الدفاعية الإيرانية، دورًا فعالًا في هذا المشهد، وأن تدرك القيمة الأصيلة والإستراتيجية لهذه القضية".
الدول العربية والقضية الفلسطينية والمقاومة
كتبت صحيفة وطن أمروز: "تقليديًا، تحاول الدول العربية دائمًا إظهار القضية الفلسطينية مسألةً تتعلق بالدول العربية، ولكن ليس من وجهة نظر إنسانية وإسلامية، إنما انطلاقًا من مصالحهم الوطنية. وقد حاولت كلّ من هذه البلدان، مع مراعاة مصالحها الوطنية، تقديم نفسها واحدةً من الجهات الفاعلة المهمّة في هذا الصراع. ويعيش الفلسطينيون إبادة جماعية غير مسبوقة، ولمّا يتخّذ العالم بعد إجراءات جدية لوقفها. لكن باستثناء دول محور المقاومة، والتي تسعى بشكل فعال للتعامل مع هذه الإبادة الجماعية، الدول العربية الأخرى، وخاصة دول البحر الأبيض المتوسط، ليست مهتمة بإنهاء هذا الصراع. ويبدو أن قضية فلسطين أصبحت رافعة سياسية داخلية قوية لهذه الدول: جذب رأي الناس لصالح بقاء الحكومات الحاكمة! .. ولعل الدولة العربية الوحيدة المهتمة حقًا بإنهاء الصراع في فلسطين هي المملكة العربية السعودية. وفي الواقع، أراد محمد بن سلمان تطبيع علاقات بلاده مع "إسرائيل"، لأنه يحتاج إلى الاستقرار في غرب آسيا لتحقيق أهدافه.
تابعت الصحيفة: "الأمر المؤكد هو أن المفاوضات بين السعودية و"إسرائيل" لم تتوقف أبدًا، خاصة وأن هذه المفاوضات تجري بإشراف وتشجيع الولايات المتحدة. وقد حدد ابن سلمان في البداية شرطين للتطبيع السياسي مع "إسرائيل": الأول، تلقي كميات كبيرة من المعدات العسكرية، والثاني، إحلال السلام بين "إسرائيل" وفلسطين. وأعلنت المملكة العربية السعودية، والتي فشلت في تحقيق أي من هذين الأمرين، عن نيتها خفض مستوى الصراع مع عدوها المعلن، أي إيران. وبهذه الطريقة، أعلنت السعودية وإيران، في 10 آذار 2023، أنهما ستوقعان اتفاقًا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مخالفتين بذلك منطق الكتلة الأميركية. وأخيرًا، ومن أجل إبقاء السعودية في دورها الإقليمي، وعدت أميركا بتسليم ابن سلمان محطة طاقة نووية مدنية... كما يظهر الواقع الميداني أن نشاط كلّ دولة من الدول العربية لم ينته إلى التآزر، بل يظهر نوعًا من التنافس بين الفاعلين الإقليميين في هذه الأزمة. إيران، وهي تنظر إلى الأزمة الحالية بإنسانية، حاولت جاهدة الحصول على مساعدة من الوضع العربي الإسلامي في فلسطين لتوحيد العالم الإسلامي ضدّ "إسرائيل". ومع أن هذا الجهد لم يحقق نتائج ملموسة بعد، لكن يبدو أن القضاء على الظلم "الإسرائيلي" في المنطقة لن يكون ممكنًا إلا بعد أن تتشكّل الإرادة والعمل لدى حكام العالم الإسلامي".
التحول في الوضع في سوريا
كتبت صحيفة إيران: " شهد الوضع الميداني تحولًا، منذ يوم الأربعاء الفائت، مع بدء عملية الجماعات الإرهابية، والتي نفذت بدعم من بعض دول المنطقة أو إحدى الدول الأجنبية و"إسرائيل". في البداية، هدّد رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الرئيس السوري بشار الأسد من "اللعب بالنار" في الليلة التي سبقت العملية. وبالتزامن مع ذلك، استهدفت الطائرات الحربية "الإسرائيلية" مراكز الجيش السوري المتمركزة في الجبهة المقابلة لجبهة النصرة... وعلى إثر هذه الأحداث؛ نجح الإرهابيون في اختراق مدينة حلب ودخولها عبر طريق حلب – دمشق الدولي. ويرجع ذلك إلى عدم وجود خطوط دفاع مناسبة، إذ لم يتوقع الناس مثل هذا الهجوم بسبب شعورهم بالأمان. في هذه الأثناء كانت قوات الجيش السوري تتواجد بشكل رئيسي خارج المدينة... ويبدو أن الجيش السوري الآن يستعيد السيطرة على الوضع، وقد تمكّن من وقف انتشار الهجمات الإرهابية، وبفضل عمليات إطلاق نار مشتركة، تمكّن من تدمير العديد من هذه المجموعات".
انتهت الصحيفة إلى القول: "هذه الأحداث مرتبطة إلى حد ما بمشاريع "الشرق الأوسط الجديد" وخطة "السلام الإبراهيمية" التي تعد تطبيعًا للعلاقات، وأيضًا بالمشاريع الأميركية للسيطرة على غرب آسيا وجنوب غرب آسيا؛ حيث وتصبح هذه المنطقة بمثابة الفناء الخلفي لـ"إسرائيل". لكن جدار المقاومة ما يزال لديه القدرة على التعامل مع هذه الأزمات كونه حاجزًا قويًا وكبيرًا وسيكون قادرًا على السيطرة على الوضع بكلّ قوة".
الجمهورية الاسلامية في إيرانالصحف