الخليج والعالم
نتيجة العزلة المتنامية.. أميركا على طريق الخراب!
رأى الكاتب فيليب بالبوني Philip Balboni أنّ من يُطلق عليهم تسمية الانعزاليون ليس هم من يهدّد بعزل الولايات المتحدة على المسرح العالمي، بل إنّ من يقدّمون أنفسهم برافضي الانعزالية هم الذين جعلوا أميركيا في عزلة أكثر من أي وقت مضى.
وفي مقالة له نُشرت على موقع Responsible Statecraft، أضاف الكاتب أنّ المقصود من الانعزالية هذه ليس الانطواء إلى الداخل والتركيز على المشاكل الداخلية، بل المقصود نظرة الغالبية في العالم التي ترى في الولايات المتحدة دولة تلجأ إلى القوّة العسكرية وتمتنع عن العمل الدبلوماسي وتعاني من مشاكلها الخاصة في مجالات مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
كما تحدّث الكاتب عن مدى انتشار مثل هذه الآراء خارج وحتّى داخل الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنّ القادة الأميركيين قصفوا أكثر من ثلاثين بلد منذ عام 1946. كذلك لفت إلى أنّ القادة الأميركيين نفذوا عمليات باستمرار خلال نفس الفترة لتغيير الأنظمة، منبهًا إلى أن عدد هذه العمليات بين عامي 1945 و1991 هو 72 وفق صحيفة واشنطن بوست.
هذا، وأشار الكاتب إلى أنّ الولايات المتحدة تدخلت في الخارج عسكريًا 251 مرة بين عامي 1991 و2022 وفق مكتب أبحاث الكونغرس. كما تابع أنّه وإذا ما شملت الحسابات الامبراطورية البريطانية، فقليل هي الدول التي لم تعانِ في فترة ما على أيدي المعسكر الإنجلوسكسوني. وعليه قال إنّ نظرة جزء كبير من المعسكر الجنوبي العالمي إلى الولايات المتحدة على أنّها المصدر الرئيسي للإرهاب والدمار والاستغلال ليس بالأمر المفاجئ.
وتابع الكاتب أنّ السردية الأميركية "الإسرائيلية" حول ضرورة الاستمرار في ما يعتبره العديد بأنه إبادة الجماعية لقيت رفضًا في العالم الذي سبق وأن كان تحت الاستعمار، وأيضًا بشكل متزايد في أميركا نفسها حيث تسبب سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط بنفور جيل من الناخبين. كما قال إنّ المواقف العالمية حيال الدور الأميركي بدأت بالاشمئزاز وانتقلت إلى الغضب، ما يجعل الولايات المتحدة في عزلة متزايدة.
وبينما أشار الكاتب إلى أنّ واشنطن والعديد من وسائل الإعلام تبقى تصر على أنّ أميركا تتمتع بتحالفات وطيدة مع الدول الأغنى والأقوى في العالم، إلا أنّ هذه التحالفات في الواقع تتألف من عدد صغير من الدول وكلها تقريبًا كانت قوى استعمارية، والتي تشكّل جزءًا صغيرًا فقط من الشعوب العالمية. كما تحدث عن انحدار هذه الدول منذ سنوات ديمغرافيًا وعسكريًا واقتصاديًا. كذلك أردف أنّ موجة معاداة العولمة المنتشرة في أوروبا وأميركا الشمالية ووحدة "الناتو" قد تنهار من خلال صناديق الاقتراع بدلًا من القنابل.
وتابع أنّه وفي ما لو جرى تفعيل المادّة الخامسة ضدّ روسيا أو الصين فإن دول أعضاء في "الناتو" مثل تركيا وهنغاريا لن تستجيب. كما أضاف أنّ دول أخرى قد تنضم أيضًا في ما لو حقّق جناحي أقصى اليسار واليمن المزيد من التقدم الانتخابي في أوروبا، محذرًا من أنّ ذلك سيفتح الباب للمزيد من الانشقاقات عن الحلف.
ولفت الكاتب إلى أنّه حتّى الدعم الذي كان موجود للسياسة الأميركية في أوكرانيا تراجع، حيث هناك جزء كبير من المعسكر الجنوبي العالمي (إلى جانب عدد متزايد من الأميركيين والأوروبيين) يرون أنّ واشنطن تقف وراء الحرب وأنها تشنّ من أجل السيطرة على موارد أوكرانيا الطبيعية التي تقيم بترليونات الدولارات.
وبينما قال الكاتب إنّ أميركا تبقى قوية، نبّه من أنّها ليست قوية بما فيه الكفاية لخوض المواجهة لوحدها، مشددًا على أنّ السؤال الحقيقي المطروح بشأن السياسة الخارجية الأميركية هو ليس ما بين الانعزالية أو الانخراط العالمي، بل بين مواصلة السير على مسار ترك الولايات المتحدة في عزلة متزايدة على المسرح الدولي، أو تولي المهمّة الصعبة في اعتماد مقاربة مختلفة إزاء معنى الزعامة الأميركية على النطاق العالمي.
كما حذّر الكاتب من أنّه وفي ما لو استمر الاستهزاء واسكات الأصوات المعادية للحرب أو التي تدعو إلى التعقل، فإن الانعزالية ستسبب بخراب أميركا، لكن ليس كما يتوقع معادون الانعزالية.
الولايات المتحدة الأميركيةالكيان الصهيوني
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
23/11/2024