الخليج والعالم
"ناشيونال إنترست": واشنطن أمام معضلة صعبة في الشرق الأوسط مع عودة التعددية القطبية العالمية
كتب Matthew Burrows وJosef Braml مقالة، نشرت على موقع "National Interest"، قالا فيها :"إنّ فقدان التأثير الأميركي على صناعة القرار "الإسرائيلي" منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر يُثير الدهشة".
تحدّث الكاتبان عن عدم كفاءة الرئيس الأميركي جو بايدن في تعاطيه مع رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، وبرأيهما أنّ بايدن ربما أضرّ من غير قصد حملة نائبته كامالا هاريس للرئاسة، وذلك فيما لو استمرّت أسعار الوقود بالارتفاع، واندلعت حرب إقليمية. أما بخصوص خطة دونالد ترامب لتحقيق السلام عبر الروابط الاقتصادية بين "إسرائيل" والدول العربية وممارسة الضغوط القصوى على إيران قالا :"إنها تبدو ضعيفة وغير واعدة، حيث توطد كلّ من روسيا والصين علاقاتهما مع طهران".
كذلك أضاف الكاتبان أنّه: "وأي كان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، سيواجه الخيار الصعب في محاولة تهدئة الوضع في الشرق الأوسط؛ حيث يحتل ذلك أولوية على ملفات أخرى في أوروبا أو آسيا، أو السماح بأن يتدهور الوضع أكثر في المنطقة تحت "الهيمنة العسكرية "الإسرائيلية""، الأمر الذي يخلق المناخ لنزاع أكبر في المستقبل".
كما أشار الكاتبان إلى الهجوم الصاروخي الإيراني على "إسرائيل" مطلع هذا الشهر، إذ وصفاه بأنّه من أكبر الهجمات بواسطة الصواريخ الباليستية في تاريخ الصراع مع "إسرائيل". ولفتا إلى ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" عن أن أربعة وعشرين صاروخًا إيرانيًا بعيد الأمد على الأقل اخترقوا دفاعات"إسرائيل" وحلفائها وضربوا ثلاث منشآت بين عسكرية واستخباراتية فيها.
وقال الكاتبان إنه: "وبعد رد فعل إدارة بايدن الحذر على الهجوم الإيراني على "إسرائيل" في نيسان/أبريل الماضي، لم تعد تشعر بأنه يتوجب عليها الاستجابة لتوصيات واشنطن وممارسة ضبط النفس". وأردفا أن ""إسرائيل" لا تثق بأنّ بايدن عازم على التحرك، بشكل ملموس، ضد إيران ومنشآتها النووية"، كذلك تابعا أن "بايدن يدعو حاليًا إلى رد متكافىء من "إسرائيل" وبأنه نصحها بعدم استهدافها منشآت إيران النووية".
غير أن الكاتبين نبّها إلى أنه ليس واضحًا ما إذا كانت "إسرائيل" تستطيع تدمير المواقع النووية، وتحدثا عن خطر ذلك إلى ذهاب إيران سريعًا نحو إنتاج سلاح نووي. ولفتا إلى أن بايدن، وعند إعلان معارضته لضرب منشآت إيران النووية، ألمح إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تدعم هجومًا "إسرائيليًا" على منشآت إيران النفطية. لكنهما أشارا إلى أن بايدن أعلن، مؤخرًا، معارضته لمثل هذه الهجمات، فجزما بأن ذلك يعود جزئيًا إلى بدء ارتفاع أسعار النفط الخام الأميركي بأكثر من خمسة في المئة لتصل إلى 77 دولارًا مقابل البرميل.
كما قال الكاتبان إن ترامب كثّف الضغط الاقتصادي ضد إيران، وحذر الشركات الأوروبية من التجارة معها؛ إذا ما أرادت تجنب العقوبات الثانوية. وأضافا أن أهم المستفيدين من العقوبات هما روسيا والصين، وموسكو وطهران كثفتا من تعاونهما العسكري، والصين تشتري النفط من إيران بأسعار رخيصة، والذي لا تستطيع أن تشتريه من أوروبا وحلفاء أميركا الآسيويين. كذلك لفت الكاتبان إلى أن كل من إيران وروسيا تواجهان عقوبات غربية قاسية، لذلك هما تقيمان علاقات اقتصادية قوية، وإلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بتقوية تعاون روسيا العسكري مع إيران ووقف معها في دعم الحكومة السورية.
ونبّه الكاتبان إلى تقرير جديد للبنتاغون؛ جاء فيه أن إيران زودت روسيا بصواريخ فتح 360 القصيرة المدى، وإلى أنّ مدربين إيرانيين دربوا عناصر عسكرية روسية على كيفية استخدام هذه الصواريخ. إلا أنهما لفتا، في الوقت نفسه، إلى أنه وفي حال عاد ترامب "مبرم الصفقات"، فقد يطالب روسيا بتنازلات تتعلق بإيران مقابل القبول بمطالب روسية تتعلق بأراضي أوكرانية، وأشارا إلى أن ترامب ألمح إلى ذلك.
هذا؛ وقال الكاتبان :"إن إيران تعتمد، بشكل كبير، على إيرادات الطاقة الصينية، حيث إن أكثر من تسعين في المئة من صادرات إيران من النفط الخام تذهب إلى الصين "عبر السوق السوداء". كما لفتا إلى أن البلدين وقعا في العام 2021 على اتفاق يستمر 25 سنة؛ حين تعهدت الصين باستثمارات ضخمة من أجل تأمين مخزون النفط. ورجحا أن تتعهد بكين بإعادة البناء فيما لو قامت "إسرائيل:" بضرب بنية إيران النفطية التحتية وتدميرها". كذلك تحدثا عن تعاون في مجال تطوير المسيّرات، لكنّهما استدركا أن الصين لن تدعم إيران إلّا دبلوماسيًا، وستعارض السياسات الأميركية، مع أنها لا تبدي رغبة ملحوظة في تولي دورًا أمنيًا في الشرق الأوسط.
كما تحدث الكاتبان عن عامل آخر مهم؛ وهو مصالح الصين الجيوسياسية، إذ قالا :"إن الصين تغتنم الفرصة كي تكون قوة موازية للولايات المتحدة في منطقة الخليج". ولفتا إلى دور الوساطة الذي أدته بكين لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وإلى أن المراقبين في واشنطن فوجئوا بهذه التطورات التي شملت أحد أقرب حلفائها (السعودية)، وتخوفوا من أن الرياض قد تنضم إلى دائرة نفوذ بكين. وتابع الكاتبان أنّ "واشنطن قامت بحماية السعودية مقابل ضمان الرياض أسعار نفط مستقرة، إلا أن القيادة السعودية الحالية تشكّك في مدى إمكان التعويل على الحماية الأميركية، بينما تحقق الولايات المتحدة استقلالًا في مجال الطاقة مع ثورتها في النفط الصخري.
غير أن الكاتبين نبها إلى أن أسعار النفط العالمية ما تزال تتأثر بكارتيل "أوبك"، وأيضًا بأزمات مثل "الحرب" بين إيران و"إسرائيل". وأضافا أن: "السعودية ستبقى المنتج "المتأرجح" الوحيد في المستقبل المنظور القادر على إنتاج النفط بسرعة، وبكميات كبيرة، من أجل إبقاء الأسعار مقبولة في اقتصادات الغرب وآسيا.
إلى ذلك؛ أردف الكاتبان أن: "هذا يفسر لماذا توجه بايدن إلى الرياض، في تموز/يوليو في العام 2022، من أجل الطلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التعاون، وذلك مع أنه أراد إدانة بن سلمان كـ"منبوذ في ما سبق". كما قالا :"إن مساعي بايدن فشلت؛ فلم تزد السعودية الإنتاج، وقرار أوبك في شهر تشرين الأول/أكتوبر في العام 2022 خفض الإنتاج بنسبة مليوني برميل في اليوم، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط".
كذلك أضاف الكاتبان أنّ: "ولي العهد قد ينتقم من بايدن مجددًا ويدعم ترامب قبيل الانتخابات الرئاسية، في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، وذلك من خلال خفض إنتاج النفط ورفع أسعار الوقود للمستهلكين الأميركيين. كما تابعا أن"ترامب يتعهد بتوطيد العلاقات مع السعودية وتبني نهجًا أكثر تشددًا مع إيران، لكن دون تقديم رؤية واضحة عن كيفية قيامه بذلك. أما بخصوص هاريس؛ فقد قالا :"إنها تبنت في الإجمال الصمت، باستثناء حديثها عن دعهما "إسرائيل"، وفي الوقت نفسه رغبتها الشديدة بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار".
خلص الكاتبان إلى التنبيه إلى أن عزل إيران، والذي هو موقف الولايات المتحدة التقليدي، لن يؤدي سوى إلى زيادة اعتماد طهران على موسكو وبكين، ما سيعزز دور كلاهما. كما أضافا أن: "تحقيق توازن القوة، في الشرق الأوسط، سيكون اختبارًا اقليميًا عن كيفية الإفادة من القوة الأميركية في العالم المتعدد الأقطاب الناشئ".
الولايات المتحدة الأميركيةالكيان المؤقت
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
20/11/2024