الخليج والعالم
جهاد الشهيدين رئيسي وعبد اللّهيان محور اهتمامات الصحف الإيرانية
خصّصت جميع الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الثلاثاء (21 أيار 2024) مقالاتها وتقاريرها بما يرتبط بالشهادة المؤلمة للرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي ومرافقيه، حيث سلّطت الضوء على حجم إنجازاته وشخصيته وحضوره في الميدان ونشاطه الذي لا يعرف معنى التعب، إلى جانب وزير الخارجية حسين أمير عبداللّهيان الذي قدّم أنموذجًا رائدًا في الدبلوماسية الثورية.
من خادم العتبة الرضوية إلى خادم الشعب
كتب مدير تحرير صحيفة "همشهري" في عددها الصادر اليوم :" هناك عبارة لقائد الثورة الإسلامية عذبة وجميلة جدًا بالنسبة إليّ؛ إنها واحدة من تلك الطروحات المتجذّرة في أخلاقيات الفرد والمجتمع السياسي... منذ سنوات طويلة قال آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي: "إن أفضل ما يمكن أن نستخدمه اليوم معيارًا لتصحيح أخلاقنا وسلوكنا، نحن المسؤولون في البلاد، هو السيادة الشعبية الدينية"... ما هي السيادة الشعبية الدينية؟ كون المسؤول قائدًا شعبيًا، أي أنّ الناس أولياء النعم وروح المجتمع، ولكن ما هي وظيفة السيادة الشعبية الدينية؟ إنّ الحركة الجماعية نحو التوحيد تكون بإرادة الشعب نفسه وإيمانه، وهنا يجد الحاكم والمسؤول الإسلامي دورًا فاعلًا في الطريق والمسار؛ الطريق إلى الهدف؛ دور التقدم والتوجيه؛ الدور التربوي، ولكن متى يمكن لمثل هذا المسؤول أن يكون له دور قيادي وتربوي؟ ... عندما يحاول أن يصبح طريق الناس نحو السمو والهداية... من وجهة نظري، كان هذا هو الرئيس".
ويتابع: "رئيسنا الشهيد أصبح من كونه خادمًا للإمام علي بن موسى الرضا (ع) إلى خادم للشعب، نوع هاتين الخدمتين هو نفسه؛ أن تكون خادمًا للرضا (ع) يعني خدمة الزائرين؛ أي خادم أولئك الذين يريدون النمو والتفوق بمناشدة الإنسان الكامل....في المقابل الجمهورية الإسلامية حرم أيضًا، مثل الصحن الرضوي لصنع الإنسان، وخدمها...والآن هذه العبارة المتكررة للقائد التي قالها مرات عديدة تعني: "طريقة التقرب من مسؤولينا هي خدمة الشعب". لقد تحول من كونه خادمًا للإمام الرضا إلى خادم للشعب...كانت حياة شهيدنا في عمق النشاط السياسي والتنفيذي وفي أعلى منصب في تحقيق السيادة الشعبية الدينية، هذا هو المكان الذي يجري فيه فهم الأخلاق السياسية والسلوك الموحد والخدمة الدؤوبة والمخلصة بطريقة مختلفة. لقد رأى الاستشهاد في كونه شهيدًا، وقد تحقق هذا السلوك الفردي في سياق السلوك السياسي".
جنرال الميدان والدبلوماسية
كتبت صحيفة "جام جم" :" كان من إنجازات الشهيد حسين أمير عبد الّلهيان، في منصب وزير الخارجية، التقارب والتشابك بين الميدان والدبلوماسية. والحقيقة أن هذا الأمر المهم يمكن ذكره كصورة مشرقة أيام وزارته، خاصة بعد طوفان الأقصى والوعد الصادق. لقد اجتاز الشهيد عبد اللّهيان كل مراحل النجاح في هيكل وزارة الخارجية منذ بداية خدمته الحكومية. والحقيقة أنه بفضل موهبته وعمله الجاد وذكائه العالي ومثابرته استطاع أن يصعد سلم الترقي في وزارة الخارجية, ولهذا السبب، يبدو هذه الأيام أن زملاءه في الحكومة والأمة الإيرانية ليسوا الوحيدين في حداد؛ لأن خسارته مؤلمة لعدد كبير من أحرار العالم، والحقيقة في الأوساط الدولية يُعدّ غياب السيد عبداللّهيان أمرًا محزنًا لكل أحرار العالم وخاصة جبهة المقاومة...والحقيقة أن كل جهود الشهيد كانت تهدف إلى تحسين وضع الجمهورية الإسلامية باستثمار كلمات وتصريحات قادة الثورة وآراء رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي نسيان رحلاته الفعّالة إلى مناطق جغرافية مختلفة".
وأضافت الصحيفة:" لقد بُنيت إيران برجال ونساء نشطين يحملون بأمانة واجتهاد العبء الثقيل لتقدم البلاد ويناضلون من أجل الحركة الآمنة للمجتمع في اتجاه قمم الأمل والازدهار، ويكافحون القيود والمخاطر والمصاعب ويضحون بحياتهم والأرواح والمال ولا يترددون. وكان العزيز رئيسي أيضًا في وسط الميدان، كان مسؤولًا، مجاهدًا، مخلصًا لا يكل، لا يعرف ليلًا ونهارًا في طريق خدمة الناس؛ ذهب إلى سيستان لزيارة سكان الريف وكان الجو صعبًا، وذهب إلى خوزستان وكان أيضًا كذلك، وذهب إلى مازندران وكان الجو ممطرًا، كان يهتم بالناس وأصبح لديه شعبية...ولقد ضرب مثالًا واقعيًا لرجل الثورة الإسلامية الذي كان مجاهدًا ومناضلًا في سبيل تقدم الثورة الإسلامية، لقد أدخل نفسه في المشهد السياسي واحتضن معاناة الميدان ومصاعبه".
حكومة لم تُكمل عهدها.. .برئيس أبدي
كتبت صحيفة "وطن أمروز" :" فجأة توقف الزمن لساعات. ربما يكون هذا هو التعريف الأكثر إيجازًا والمتناقض الذي يمكننا استخدامه لاحقًا لوصف الوضع الذي مررنا به من بعد ظهر الأحد إلى صباح الاثنين. وكانت نهاية هذا التوقف في الوقت نفسه خبرًا، إذ تتحول رغبة الإنسان في العيش في انتظار إلى نقيضها، نهاية هذا الانتظار ونقص المعلومات والوضع ترافق مع أخبار مريرة كان الجميع ينتظر سماعها، على الرغم من أنّ هذه النهاية كانت مريرة، إلا أنها جعلت الوقت يتدفق مرة أخرى. استشهاد آية الله السيد إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له أنهى بشكل غير متوقع قضية واحدة من أكثر الحكومات إنتاجية ونشاطًا في تاريخ البلاد في وقت أبكر مما كان متوقعًا، ليصبح رئيس هذه الحكومة ثاني رئيس يحمل لقب الشهيد، وكان محمد علي رجائي رئيس الحكومة الثانية، أول رئيس أغلقت قضية حكومته بالاستشهاد، وطبع عمر حكومة رجائي أقصر بكثير من عمر كل حكومات الثورة، لكن العمر القصير للحكومة الثانية لم يمنعها من البقاء في الذاكرة الجماعية للإيرانيين، حكومة الشهيد رجائي التي استمرت 28 يومًا لم تتح لها فرصة الحكم من الناحية الإدارية، لكنها رمزيًا أصبحت مؤشرًا لمقارنة أداء الحكومات من بعده، إنّ حياة الشهيد رجائي البسيطة وأسلوبه الشعبي ومحاربته للمراسم التقليدية، جعلت الحكومات التي جاءت إلى السلطة بعد ذلك تُحكم على خصائص تلك الحكومة. لذلك، وبعد أكثر من 4 عقود من بداية الحكومة الثانية وحتى نهايتها، لا تزال قيم تلك الحكومة والسياسة الشخصية لرئيسها أداة للمطالبة من جميع مسؤولي البلاد. ومن هذا المنطلق، يمكن عدّ الشهيد السيد إبراهيم رئيسي رئيسًا ثانيًا لإيران، والذي أغلقت قضيته الرئاسية بالاستشهاد، مشابهًا لمنصب الشهيد رجائي وحكومته غير المكتملة".
وتابعت:" لقد كان استشهاد آية الله رئيسي كبيرة لدرجة أنه ذكّر قبل كل شيء بالسّمو والمظهر الرئيسي لرئاسته، وهي النشاط الجهادي والخدمة على مدار الساعة. خلال رئاسته، والتي دامت أقل من 3 سنوات، أظهر الشهيد رئيسي مستوى من النشاط والديناميكية لا يمكن لأي شخص أن يقارن به، لذلك، إذا فقدت إيران رئيسها اليوم وعليها تنصيب حكومة جديدة بدلًا من الحكومة الثالثة عشرة، إلا أن هذه الحكومة غير المكتملة أصبحت رأسمالًا رمزيًا لتحسين تقديم الخدمات للحكومات اللاحقة. ومن السمات الأخرى التي يتمتع بها الشهيد رئيسي، والتي أصبحت رمز إدارته، هي عدم الدخول في معارك سياسية. اليوم انتهت ولايته، وفي ولايته الرئاسية التي استمرت 33 شهرًا، لم يدخل قط في صراع سياسي فصائلي...رأس المال الرمزي الآخر الذي بقي من هذا الشهيد لمستقبل إيران هو حساب جميع القدرات الداخلية للبلاد. لقد كانت مرحلة إدارة الشهيد رئيسي، والتي استمرت 33 شهرًا، مثالًا مثاليًا للحركة الشاملة للإفادة من جميع القدرات المحتملة للبلاد".
وأضافت: "إن حجم بناء القدرات الذي قام به، خلال إدارته سواء داخل البلاد أو خارجها، سجّل جانبًا رمزيًا للحكومات اللاحقة، فكيف بعد ذلك؟ بعد 10 سنوات من الركود الإداري، خلق قدرات جديدة للبلاد من خلال تحديد أهداف جديدة. وأخيرًا تحركت عقارب الساعة في إدارة البلاد من جديد. وبعد تقديم شهيد آخر، تواصل إيران مسيرتها، وما ورثته من الماضي يمكن أن يكون منارة للمستقبل، جاء الشهيد رئيسي حاملًا شعار "إيران قوية، حكومة شعبية" وخلال سنوات رئاسته الثلاث، أظهر للجميع الآثار التي لا يمكن إنكارها لتوليد الطاقة لإيران، ومن اليوم، يمكن رؤية اسمه وذكراه وعلامته في كل جهد من أجل "إيران القوية". ستتم مقارنة ديناميكية وأداء كل مدير بروحه التي لا تعرف الكلل، وسيكون هذا هو إرثه الدائم لبلاده".