الخليج والعالم
الحركة الطلابية الأميركية وثمارها السياسية محور اهتمام الصحف الإيرانية
سلّطت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الثلاثاء (30/4/2024) الضوء على تأثيرات الحركة الطلابية العالمية التي بدأت من الولايات المتحدة، مشيرة إلى ازدواجية المعايير والتناقض الداخلي للمعارضين الإيرانيين في الخارج. كما اهتمت الصحف برصد علاقة الجوار بين إيران ودول المنطقة، والأثر الذي تركته عملية "الوعد الصادق" في الحفاظ على أمن المنطقة.
تأثير حرب غزّة على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة يُشبه إلى حد كبير مرحلة ما بعد حرب فيتنام
وفي التفاصيل، أشار الناشط الأميركي، في مجال حقوق الإنسان، المناهض للفصل العنصري بلين كولمان في مقابلة مع صحيفة "همشهري" إلى أن: "تأثير حرب غزّة على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة يشبه إلى حد كبير الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد حرب فيتنام في العام 1968"، موضحًا أن: "في تلك السنة، لم يكن أمام الشعب الأميركي الكثير من الخيارات، وكان عليه أن يختار بين مجرمَين، وحتّى اليوم، يواجه جو بايدن ودونالد ترامب". وقال إن: "الفرق بين اليوم والماضي هو أن هناك مسارات صغيرة يمكن تحريكها، بمعنى أن هناك مرشحين غير بايدن وترامب يمكن للأميركيين التصويت لهم، فقد كلفت المذبحة التي ارتكبها بايدن بحق الفلسطينيين الانتخابات بالفعل، وهناك ملايين الأشخاص في أميركا اليوم لن يصوّتوا أبدًا له، وأنا منهم، حتّى لو كان منافسه هو دونالد ترامب، الشيطان نفسه.. صحيح أنه في حال انتخاب ترامب؛ الوضع سيكون أكثر تعقيدًا، لكن أعتقد أن الموجودين في المشهد السياسي الأميركي سينجحون في عدم الاكتفاء بالتصويت والمشاركة في الانتخابات، وسيواصلون حراكهم في الشارع".
كولمان الناشط ضدّ جرائم نظام الاحتلال لأكثر من 20 عامًا وله تاريخ في المشاركة في الحركة المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا، أشار للصحيفة إلى أن: "الحركة المناهضة لحرب فيتنام كانت حركة كبيرة استمرت حتّى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وتلك الحركة عمومًا كانت حركة قومية هدفها إعادة الجنود الأميركيين من فيتنام إلى بلادهم، لم تكن مجرد حركة تضامنية مع فيتنام، ولم يقدها الطلاب الفيتناميون المقيمون في أميركا". وقال: فلنقارن بين حركة فيتنام والحركة الطلابية القوية اليوم، في مختلف أنحاء الجامعات الأميركية، إن حركة التضامن الواسعة هذه مع الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الجامعات الأميركية هي بوضوح ومن دون أدنى شك حركة مناهضة للإمبريالية، إذ يردّد الطلاب بانتظام شعارات مناهضة للإمبريالية في اعتصاماتهم وتجمعاتهم، وهذه القضية ظاهرة جديدة في الساحة السياسية الأميركية ليس لها تاريخ".
أما في ما يتعلق بالحركة المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا، قال كولمان إن: "مطالب الحركة المناهضة للعنصرية، في جنوب إفريقيا في السبعينيات والثمانينيات، كانت مشابهة إلى حد ما لمطالب اليوم، لأنني شاركت في الحركة المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.. في تلك السنوات، كنا نفعل الأشياء نفسها التي يفعلها الطلاب اليوم. في ذلك الوقت؛ أردنا وقف أي استثمار في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ولكن أحد الفروق بين الحركة المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا والحركة المناهضة للصهيونية اليوم هو أن حركة اليوم أكثر مناهضة للإمبريالية تضامنًا مع الأمة الفلسطينية، وأن المظاهرات أصبحت أوسع وأكثر نشاطًا".
رسالة صداقة قوية للمنطقة
من جهة أخرى، كتب الخبير الإيراني في القضايا الإقليمية أحمد دستمالشيان في مقالة نشرتها صحيفة إيران: "العلاقات مع الجيران كانت إحدى الأولويات المهمّة للسياسة الخارجية الإيرانية في السنوات الماضية، وقد عُدّ هذا المبدأ "أولوية قصوى" في الحكومة الـ13، أي منذ تولي حكومة السيد إبراهيم رئيسي، فقد انعكس الاهتمام بهذا التوجّه المهم في العديد من أحداث صنع السياسة الخارجية، وطُورت العلاقات مع العديد من الدول العربية، وأهمها العلاقات مع السعودية والإمارات. وهذا ما أظهر أن الحكومة كانت قادرة على تحويل النهج الإقليمي المنشود إلى سياسة قابلة للتطبيق وتجاوز الأفكار النظرية". وأضاف: "لم تنقل طهران رسالة الصداقة والأمن إلى دول الجوار من الناحية الدبلوماسية فحسب، بل أظهرت أيضًا قدرتها على الساحة الإقليمية، إذ شكّلت عملية "الوعد الصادق" نقطة تحول في استراتيجية إيران الإقليمية التي قادت البلاد إلى الردع الاستراتيجي بعد مدة طويلة من الاستراتيجية السابقة المسماة "الصبر الاستراتيجي"، وأظهر إتمام هذه العملية بنجاح أن التنسيق بين الدبلوماسية والميدان تمّ لأول مرة، بشكل جيد، وأن هذين العاملين أديا دورًا تكميليًا جيدًا".
وأضاف: "في أي منطقة بلا أمن، لا يوجد إمكان للتجارة الحرة والاستثمارات الواسعة، وهذا في حد ذاته يغذّي انتشار انعدام الأمن بفعل انتشار تيارات خفية تزيد من التوتر. ولا بد في ذلك من إدارة شؤون المنطقة وتطوراتها من قادة دول المنطقة"، وبرأيه أن: "التجارب المريرة التي حصلت بعد التدخل العسكري للولايات المتحدة في بعض الدول العربية واحتمال قدرة حلفائها "إسرائيل" في الأراضي المحتلة على إشعال الحرب، أظهرت أنه من الممكن التعامل مع هذه الأزمات العسكرية من دون الاعتماد على هذه الجهات الخارجية... في مثل هذا الوضع يجب على الدول العربية أن تولي المزيد من الاهتمام لفكرة التعاون الإقليمي- الإيراني.. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يجب أن يكون هناك حوار بنّاء بين إيران ودول منطقة الخليج، ويجب صياغة خطة تعاون شاملة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية".
المعارضة الخارجية الإيرانية والصمت إزاء قمع الاحتجاجات الطلابية
من جهتها، قالت صحيفة "كيهان": "مع بداية الاحتجاجات في الجامعات الأميركية، المعارضة التابعة للجهات الخارجية الصاخبة التي كانت تحوّل أصغر مواجهة قانونية بين شرطي وفرد من الناس إلى ذريعة لمهاجمة قوات الشرطة، فجأة التزموا الصمت أمام ضرب الطلاب الأحرار في أميركا ووجود الشرطة وقوات الأمن الأميركية داخل الجامعة، بينما في بلادنا لم تدخل قوات الشرطة البيئة الجامعية". وأضافت: "ممّا لا شك فيه أن الاحتجاجات الطلابية هي من أهم الأحداث والتطورات التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية، فقليلون هم من توقعوا أن تتشكّل فجأة مثل هذه الموجة العنيفة من الاحتجاج ضدّ جرائم "إسرائيل" التي لا تعد ولا تحصى، في ذلك الجزء من العالم الذي كان أهم مصدر للثروة ووسائل الإعلام لجماعات الصهاينة، فقد أظهرت الضمائر المستيقظة في أميركا أنه بالرغم من مليارات الدولارات من ثروات اليهود في أميركا ومع وجودهم وهيمنتهم على البيروقراطية والاقتصاد والثقافة والفن الأميركي، إلا أن الضمائر المستيقظة في النهاية تفضّل صوت المظلومين على الثروة والإعلام".
وتابعت الصحيفة أن: "أحد الجوانب المؤسفة للتطورات، خلال الأشهر التي مرت منذ الحرب بين "إسرائيل" وغزّة، هو وقاحة المعارضة الناطقة بالفارسية في دعم المجرمين الذين حتّى العديد من وسائل الإعلام الغربية ليست على استعداد للدفاع عنهم، وبغضّ النظر عن أي التزام ديني أو وطني أو لغوي، فإنّ الإنسانية والعمل الخيري هما آمال وأفكار جميع الناس في جميع أنحاء العالم". وسألت الصحيفة: "في الوقت الذي يتألم فيه قلب كلّ إنسان من شدّة وحجم الجريمة "الإسرائيلية" في غزّة، وفي الوقت الذي اتّخذ فيه العديد من المسؤولين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة موقفًا ضدّ جنون نتنياهو، وقد انتقد غالانت وغانتس وغيرهما من قادة هذا الكيف، كيف وافقت المعارضة المناهضة للثورة بوقاحة على هذا الدعم لـ"إسرائيل"؟".