الخليج والعالم
خشية الصهاينة من انتقام إيران محور حديث الصحف الإيرانية
تناولت الصحف الإيرانية الصادرة، الأحد 07 نيسان/أبريل 2024 الأخبار والتحليلات الموجّهة نحو طبيعة التطورات الحاكمة في المواجهة بين محور المقاومة في المنطقة من جهة والكيان الصهيوني ومن ورائه أميركا من جهة أخرى، حيث اختلفت الصحف الإيرانية في تصوير طبيعة الرد الإيراني وآثاره وطبيعته في هذه المرحلة بالذات.
خشية الصهاينة من انتقام إيران
وفي هذا الصدد أجرت صحيفة "إيران" مقابلة مع علي عبدي، الخبير في القضايا الإقليمية والمقاومة، حيث ناقش جذور غباء نتنياهو في الهجوم على المركز الدبلوماسي للجمهورية الإسلامية في دمشق وبحث أبعاد الرد الإيراني المحتمل على هذا الهجوم.
وجاء في هذا الحوار: "معنى مهاجمة القنصلية الإيرانية يكمن في الأهداف نفسها، ويعني أن شهداء هذا الهجوم ونوع المهمّة ورتبهم وموقعهم ومكان الهجوم يدل على سبب الهجوم، والغرض من هذا الهجوم هو خلق مقدمة لمحاور أخرى في المواجهة، لقد توصل الإسرائيليون إلى استنتاج مفاده أن أي عمل جدي في غزّة ولبنان مستحيل عمليًّا دون توجيه ضربة قوية لسورية ولبنان باعتبارهما الحلقة الوسطى لمحور المقاومة، ثانيًا، ينبغي النظر إلى هذا الهجوم جنبًا إلى جنب مع الهجمات الإسرائيلية السابقة على سورية، حيث بدأت "اسرائيل" باستهداف المحور السوري بقتل سيد رضي الموسوي...، ولذلك ينبغي اعتبار هذا الهجوم مقدمة للهجوم الإسرائيلي على لبنان ورفح".
وأضاف: "أي هجوم على "اسرائيل" يجب أن يكون نسخة أحدث من الهجمات المشابهة لهجوم أنصار الله على أرامكو؛ لم يخيف أي هجوم "اسرائيل" في السنوات العشر الماضية بقدر هذا الهجوم، والآن أي هدف يتم اختياره يجب أن يكون له أكبر عدد من الخسائر في صفوف الجيش الصهيوني، وأي خسائر غير الخسائر البشرية ستكون قابلة للتعويض بالنسبة لـ "إسرائيل"".
القرار الصعب للصهاينة
كما كتبت صحيفة "وطن امروز": "ماذا حقق الكيان الصهيوني بعد 7 أشهر من بدء حرب غزّة، وما خطته وما هو وضعه داخل الأراضي المحتلة وخارجها؟، إذا تركنا جانبًا حرب 1947 - 1948، فإن الحرب الأخيرة في غزّة (طوفان الأقصى) هي أطول معركة في تاريخ النظام الصهيوني في هذه الثمانية عقود من تاريخه، فـ "الإسرائيليون" الذين كانوا يعتبرون الدخول في حروب طويلة خطًا أحمر لأمنهم، يضطرّون الآن إلى مواصلة هذه المعركة الطويلة وفتح جبهات جديدة من أجل تحقيق الحد الأدنى من الإنجاز".
وتابعت "قبل الهجوم البري على غزّة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 طرح قادة هذا الكيان ثلاث قضايا اعتبروها أهدافهم الرئيسية في الحرب: "القضاء التام على حماس وتغيير هيكلية الحكم في غزّة وإطلاق سراح جميع الأسرى دون تفاوض"، وبعد مرور 184 يومًا، لم تحقق "اسرائيل" أيًّا من هذه الأهداف الثلاثة، وليس هناك أفق واضح لتحقيقها، الوضع سيئ للغاية لدرجة أن الكثيرين يعتقدون أنه إذا انتهت الحرب الآن فإن حكومة نتنياهو ستسقط وستكون تلك نهاية حياته السياسية وحياة العديد من أعضاء حكومته. ومن ناحية أخرى، لا يزال نتنياهو يواجه موجة كبيرة من المعارضة من المستوطنين والشخصيات والأحزاب السياسية الصهيونية داخل الأراضي المحتلة، وتنظم عائلات السجناء الإسرائيليين مظاهرات كلّ يوم، وتقام هذه المظاهرة في "تل أبيب" بدعم عدة آلاف من الأشخاص، وكلّ الانتقادات موجهة إلى نتنياهو (باعتباره مؤسس الوضع الحالي) بحيث تبحث الأحزاب السياسية عن فرصة لإسقاط الحكومة القائمة، وقد فرض الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، إلى جانب المشكلة الأمنية في الأشهر القليلة الماضية، ضغوطًا كبيرة على حكومة نتنياهو".
وأضافت صحيفة "وطن امروز" "تعتبر الحكومة الأميركية أهم حليف وشريك في كلّ الجرائم الإسرائيلية، لكن يبدو أن بايدن ليس على استعداد لدفع المزيد للحكومة الصهيونية التي لا تربطها علاقات جيدة بزعيمها، كما أدى هذا الإجراء الأميركي إلى ردود فعل حادة من قبل السلطات الإسرائيلية".
وأردفت "مع ذلك، يبدو أن "اسرائيل" ليس لديها خيار سوى توسيع ساحة المعركة، فمن ناحية، هم يستعدون لمهاجمة رفح (التي حتّى أميركا أعلنت أن الهجوم على هذه المنطقة هو تجاوز للخط الأحمر) وهم يعرفون التبعات الداخلية والخارجية لهذا العمل الإجرامي وتعريض حياة 2 مليون من الأبرياء للخطر... ومن ناحية أخرى، مع العلم أن هجومًا بريًا واسع النطاق على لبنان سيكون قاتلًا بالنسبة لهم، يبدو أن قادة هذا الكيان سيقررون أخيرًا تنفيذ هذه المهمّة".
ولفتت الصحيفة إلى أن "القادة العسكريين الإسرائيليين يعرفون على الأقل أفضل من المسؤولين السياسيين في "اسرائيل" مدى القدرة العالية التي يتمتع بها حزب الله، وخاصة في القتال البري... كما أن الوضع على الساحة السياسية في "اسرائيل" مضطرب للغاية، فالحكومة الائتلافية اليمينية في أسوأ حالاتها...النظام الصهيوني على مشارف 80 عامًا، وهذا الرقم مخيف لكل الصهاينة، لقد سبق أن عانوا من لعنة الـ 80 عامًا مرتين في التاريخ، وهذه المرة يعتقد الكثير منهم أن هذه اللعنة ستتحقق؛ وخاصة مع الحكومة الحالية".
الانتقام ووضع إيران في المواجهة
بدورها كتبت صحيفة "همشهري": "اليوم، يد الجمهورية الإسلامية هي العليا في حرب غزّة، ومنافسوها جميعهم أسرى. بداية، هذا التفوق لا يرتبط بدعم إيران المسلح والمالي والسياسي والإعلامي للمقاومة، لقد كان طوفان الأقصى والأحداث المحيطة به مظهرًا من مظاهر هيمنة منطق الجمهورية الإسلامية في المنطقة... إن حجم المأساة في غزّة هو نتيجة الفجوة بين منطق الإنسان وعالم الثورة الإسلامية من جهة، وبين الإنسان والعالم الحديث من جهة أخرى، ولن يكون هناك حل وسط مشترك بينهما بعد الآن... الزلزال اليوم في غزّة وطوفان الأقصى هو نتيجة اصطدام بنيانين حضاريين وتاريخيين، ولن تقوم أي ظاهرة واحدة على أساس هذين الهيكلين، إن الدماء المقدسة التي تسفك على أرض غزّة هي ثمن دماء الكرامة الإنسانية والثورة الإسلامية مقابل الحلم الأميركي، هذه الدماء خلقت صحوة اليوم، وبفضلها أصبح خطاب الجمهورية الإسلامية بشأن قضية فلسطين و"إسرائيل" والغرب، الذي مضى عليه 45 عامًا، همسًا داخليًا لملايين البشر، ومشروع القرارات الدولية".
وأضافت "ملحمة غزّة جعلت الجميع يفهم أن المنطق الذي اعتمدت عليه الجمهورية الإسلامية في كلّ سياساتها الإقليمية طوال 45 عامًا وتحملت الجراح والضغوط وقدمت أفضل أبنائها من أجل الحفاظ عليه، هو أمر راسخ موجود لا يتغير".
وتابعت: "عندما يكون التركيز في تحليل العلاقات لا يزال معتمدًا على الأدب الانتقامي، فهذا يعني أن التطورات لم يتم فهمها بشكل صحيح بعد. في النظام الجديد، كلمات مثل الانتقام والردع لا معنى لها في الأساس بالنسبة لنا، وطوفان الأقصى أفرغ هذه المفاهيم من معناها السابق، وطالما لم يتم تشكيل مخطّط جديد للأحداث في غزّة، فسوف نظل عالقين في شرك الصور النمطية القديمة... ردًا على اغتيال دمشق أو غيرها من الحوادث المماثلة، قد تقوم الجمهورية الإسلامية بتسوية "تل أبيب" وحيفا بالأرض أو اتّخاذ قرار أكثر محدودية، وهو ما قد لا يكون القرار الأفضل في هذه المرحلة، لكن التركيز على هذه القضية هو وقوف في النقطة الخاطئة من التطورات".