معركة أولي البأس

الخليج والعالم

باحث أميركي: الغرب غير قادر على استيعاب نهاية هيمنته
01/04/2024

باحث أميركي: الغرب غير قادر على استيعاب نهاية هيمنته

أكَّد الكاتب والباحث الأميركي المتخصص في مجال العلاقات الأطلسية والأمن الدولي مايكل برينر، أنَّ "موضوع أوكرانيا هو خطأ جيوستراتيجي فادح كان له تداعيات سلبية أخلاقية"، لافتًا إلى التضحية بملايين الأوكرانيين وتدمير البلاد من أجل إضعاف وتهميش روسيا.

وفي مقابلة أجراها معه موقع "آسيا تايمز" تطرق الباحث الأميركي، وهو من كبار الباحثين في مركز العلاقات الأطلسية التابعة لكلية العلاقات الدولية المتقدمة في جامعة "John Hopkins"، إلى الشأن الفلسطيني فقال: "إن ما يثير الدهشة في هذا الموضوع هو استعداد النخب "غير الأخلاقيين" في الحكومات وكلّ الطبقة السياسية تقريبًا للقبول بالفظائع وجرائم الحرب التي ترتكبها "إسرائيل" منذ خمسة أشهر، منبِّهًا من أنَّ ذلك يحمل معه تداعيات بالغة على مكانة الغرب ونفوذه عالميًا".

ورأى أنَّ "ذلك إنما يؤدي إلى تبدّد مكانة هؤلاء أمام العالم من خارج المعسكر الغربي، والذي يشكّل نسبة ثلثي من سكان العالم". واعتبر أنَّ تعاملات العالم من خارج المعسكر الغربي مع المعسكر الأخير وبما في ذلك ما حصل في التاريخ المعاصر، ترك شكوكًا حيال المزاعم الأميركية عن تقديم نموذجًا أخلاقيًا.

وأوضح أنَّ "هذه المشاعر تحولت إلى اشمئزاز أمام النفاق الواضح، وإن ما يحدث يكشف أن التوجّهات العنصرية لم يجر إخمادها بالكامل وأن عودتها تظهر بشكل واضح".

وأضاف: "ذلك يشكّل نقطة انطلاق ضعيفة لإعادة الانخراط مع الواقع، وبأن الأميركيين لا زالوا يتمسكون بالأعجاب الذاتي ويعانون من النرجسية على الصعيدين الجماعي والفردي، وهم يفتقدون أيضًا إلى الوعي الذاتي وإلى القيادة المطلوبة من أجل التكيف مع الواقع الجديد"، مؤكدًا أنَّ هذا التقييم ينطبق على أوروبا الغربية بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

وشدّد برينر على أنَّ "محاولة إضعاف روسيا فشلت على كافة المستويات تقريبًا، وأن روسيا هي أقوى على كافة الصعد تقريبًا". لافتًا إلى أنَّ الاقتصاد الروسي هو أقوى من اقتصاد أي بلد غربي، وبأن موسكو أثبتت أيضًا تفوقها العسكري وبأنَّها اكتسبت تعاطف كلّ العالم تقريبًا خارج المعسكر الغربي.

وأكَّد أنَّ "فرضية أن الغرب يبقى الوصي على الشؤون العالمية تبيّن أنَّها من الخيال، وبأن مثل هذا الفشل الشامل تُرجِم بتراجع قدرة أميركا على رسم المشهد العالمي في قضايا الاقتصاد والأمن".

واعتبر أنَّ "الشراكة الصينية الروسية تشكّل خصمًا يوازي الغرب من حيث القوّة على كافة الأصعدة". وتحدث عن غطرسة ودوغمائية وهروب من الواقع في الغرب، منبهًا من أنَّ سمعة الغرب تتضرر بسبب دورها في "الكارثة الفلسطينية"، وخلص إلى أنَّ الغرب أصبح بالتالي يواجه تحديين مزدوجين وهما استعادة شعوره بالمجد وفي نفس الوقت استعادة أخلاقياته.

وقال إن "صعود مراكز قوة جديدة وبشكل أساس الصين، وضع الولايات المتحدة والدول الأوروبية أمام خيارين اثنين: الأول هو التكيف مع الوضع الجديد من خلال وضع شروط جديدة للانخراط والتي تخصص مساحة أكبر للقادمين الجدد، وإعادة رسم القواعد بحيث يجري التخلص من الانحياز الحالي". 

وتحدث برينر في نفس السياق عن تعديل تركيبة وإجراءات المؤسسات الدولية بشكل يعكس نهاية الهيمنة الغربية، وعن إعادة اكتشاف العمل الدبلوماسي الحقيقي. مشيرًا إلى أنَّ "الجميع انضم إلى مشروع أميركي بمنع صعود منافسين وتقويضهم واعتماد سياسات بحيث لا يجري تقديم أية تنازلات، هذه المقاربة مستمرة رغم الفشل التسلسلي".

وأضاف: "لا توجد مؤشرات تفيد بأنَّ قادة الغرب مستعدون ثقافيًا أو عاطفيًا أو سياسيًا لإجراء التغييرات المطلوبة"، لافتًا إلى أنَّ رد الفعل الأميركي على تجلي انحدار الولايات المتحدة هو "النكران إلى جانب الميل نحو طمأنة الذات بأنها لا تزال تفعل الصواب رغم السلوك المتهور المتزايد".

وتابع: "أما أوروبا فمن الواضح أنَّ نُخبها السياسية أصبحت مشوهة نتيجة الاعتماد شبه الكامل على أميركا لمدة خمسة وسبعين عامًا"، مشيرًا إلى أنَّ نتيجة ذلك كان هناك غياب كامل للتفكير المستقل وقوة الإرادة، مضيفًا أن "تبعية أوروبا للولايات المتحدة تلزمها بالسير خلف واشنطن في أي مسار سياسي تتبعها الأخيرة، مهما كانت متهورة أو خطيرة أو غير أخلاقية أو غير منتجة".

وقال برينر إن "مجتمع السياسة الخارجية برمته في الولايات المتحدة أصبح يتشارك نفس مبادئ المحافظين الجدد، والمبادئ الأساسية هي أن تستخدم الولايات المتحدة كافة الوسائل المتاحة لديها من أجل ترسيخ الهيمنة الأميركية على العالم". كما أضاف أنَّه وبحسب المبادئ المعتمدة على واشنطن أن تكون مستعدة للتحرك بشكل استباقي لإعاقة صعود أية قوة قادرة على تحدي الهيمنة الأميركية. كذلك تحدث في نفس السياق عن استمرارية السيطرة على كلّ مناطق العالم.

وأكد أنَّ المعتقدات والقيم في الولايات المتحدة تلعب دورًا مساعدًا فقط كأسلوب خداع في إطار استخدام القوّة كعصا لضرب الآخرين. معتبرًا أنه "يجري الاستخفاف بالعمل الدبلوماسي التقليدي باعتباره لا يتناسب مع هكذا مشروع".

وقال: "بالنسبة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، فإن النهج الواثق الحاد في التعاطي مع الآخرين ينبع من الإيمان بالنزعة الأميركية التي تفسر وتبرر أي شيء تقوله وتفعله الولايات المتحدة".

وخلص الباحث الأميركي إلى أنه "لا توجد مؤشرات تفيد بان الحكام أو النخب أو الشعوب قادرون على التكيف مع الواقع الجديد، وأن السؤال المطروح ما إذا كان الوضع سيستمر مع تراجع النفوذ العالمي والرفاهية في الداخل تدريجيًا، أم أنه سينتهي بوقوع كارثة؟".

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم