الخليج والعالم
تحليل أميركي: غياب المسار السياسي أفشل "إسرائيل" في غزة
قال رئيس مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة (وهو مركز دراسات أميركي معروف) ريتشارد هاس في مقالة نشرت بصحيفة "وول ستريت جورنال" إنَّ الرد الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى، سواء على صعيد القرارات التكتيكية أو الأهداف الاستراتيجية، كان في العموم غير مُنتج.
الكاتب الذي يُعدُّ من أهمّ الخبراء الأميركيين في مجال السياسة الخارجية، أشار إلى أنَّ أفعال "إسرائيل" جعلتها في وضعية أسوأ، وبثمن باهظ لنفسها وكذلك على صعيد علاقاتها مع الولايات المتحدة وأرواح الأبرياء الفلسطينيين، وأضاف "كانت هناك خيارات بديلة أفضل في كل المراحل على مدار خمسة أشهر من الحرب".
وتابع الكاتب أنَّ "إسرائيل" لم تقتل قيادات الصف الأول في حركة حماس أو حتى من خطط لعملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لافتًا إلى أنَّ العمليات الإسرائيلية أدَّت إلى مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وذلك بحسب وزارة الصحة في غزة.
أما عن "إسرائيل"، فبيَّن الكاتب أنَّها خسرت ما يزيد عن 250 جنديًا وإصابة 1500 آخرين، وذلك منذ بدء العمليات البرية. كما قال إن "إسرائيل" دفعت ثمنًا اقتصاديًا باهظًا، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي لديها، ما تسبَّب بخفض التصنيف الائتماني لها في شهر شباط/فبراير الماضي.
كما تحدث الكاتب عن تحوُّل الرأي العام حول العالم ضد "إسرائيل"، مشيرًا إلى استطلاع جرى في شهر آذار/مارس الجاري بين أنَّ نسبة ثمانية وخمسين في المئة من المستطلعين في الولايات المتحدة ينظرون بشكل إيجابي إلى "إسرائيل"، منبّهًا إلى أنَّ هذه النسبة هي الأقل منذ 20 عامًا.
كذلك تابع أنَّ الولايات المتحدة هي البلد المتقدم الوحيد حيث هناك غالبية لديها نظرة إيجابية تجاه "إسرائيل"، وأنَّ رفض الاعتراف الدبلوماسي بـ"إسرائيل" في دول عربية ارتفع بشكل كبير، وبأن هناك جيلًا جديدًا يدعم بقوة القضية الفلسطينية.
ووصف الكاتب الخطة التي أصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول "اليوم التالي" بعد انتهاء الحرب في غزة، بغير الواقعية، معتبرًا أنَّها خطة للاحتلال الإسرائيلي المفتوح الأمد لغزة، مع دعم مفترض من ممثلين فلسطينيين محليين وتمويل من حكومات عربية وأوروبية.
واستبعد الكاتب أن يحصل مثل هكذا تعاون، مضيفًا أنَّ "إسرائيل" خيرُ من يدرك أنَّ الاحتلال العسكري يولّد المقاومة المستمر، وذلك بناءً على تجاربها في غزة ولبنان، ورأى أنَّه كان ينبغي على "إسرائيل" الاعتماد على عمليات تُنفذها وحدات صغيرة بدلًا من القصف الجوي للرد على طوفان الأقصى، معتبرًا أنَّها تبقى أفضل من قتل آلاف المدنيين وزيادة التطرف داخل المجتمع الفلسطيني وتنفير المنطقة والعالم.
كما شدَّد الكاتب على أنَّ الأحداث أثبتت أنَّ تحقيق هدف القضاء على حماس لم يكن يومًا واقعيًا، وعلى أنَّ العديد من المنتمين إلى الحركة سيبقون، فضلًا عن استمرار وحتى انتشار عقيدتها.
غير أنَّ الكاتب اعتبر أنَّ غياب المُكون السياسي يغطي على كل الإخفاقات الأخرى في الرد الإسرائيلي. وأضاف أنَّ القوة العسكرية وبينما هي عنصر ضروري في الاستراتيجية، إلا أنَّها ليست كافية لوحدها، وأنَّ شن الحرب من دون مسار سياسي مصيره الفشل.
هذا وأكَّد الكاتب أنَّه يتوجب على "إسرائيل" وقف العمليات العسكرية الكبرى، بما في ذلك عدم المضي في عملية عسكرية ضد رفح، بغض النظر عما إذا وافقت حماس على وقف جديد للقتال. كما تحدث عن ضرورة أن تعمل "إسرائيل" مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة والدول العربية لضمان إدخال المساعدات الإغاثية إلى غزة.
وأردف أنَّ ذلك لا يشمل فقط السماح لتلك الدول بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الإسقاط من الجو أو الرصيف البحري الذي تبنيه الولايات المتحدة، مشددًا على ضرورة أن تُسهِّل "إسرائيل" إدخال المساعدات عبر المعابر البرية بغية إدخال ما يكفي من المساعدات وتوزيعها.
وخلص الكاتب الى ضرورة أن تضغط الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء على "إسرائيل" من أجل تقديم رؤية واضحة ترسُم معالم مسارًا سياسيًا للفلسطينيين، معتبرًا أنَّ بإمكان الولايات المتحدة فعل ذلك عبر الإقناع والمحفزات، وأيضًا عبر الإجراءات العقابية إذا ما دعت الضرورة، مثل فرض شروط على استخدام الأسلحة الأميركية وفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية مرتبطة بالنشاط الاستيطاني وضم الأراضي، وختم أنَّ الإدارة الأميركية المتعاقبة من كلا الحزبين تجنبت مثل هذه الخيارات الصعبة، إلا أنَّ هذا التردد كان مكلفًا.