الخليج والعالم
كولونيل أميركي يحذّر من هزيمة مذلّة تنتظر الولايات المتحدة و"إسرائيل"
رأى الكولونيل الأميركي المتقاعد دوغلاس ميغريغور أنّ الحرب في أوكرانيا على وشك الانتهاء بهزيمة كارثية لأوكرانيا والولايات المتحدة، مضيفًا أنّ الحرب في الشرق الأوسط ليست سوى البداية، ولن تنتهي عندما تقرر "إسرائيل" وقف القتال.
وفي مقالة نشرتها مجلة "ذا أميركان كونسرفاتيف" (The American Conservative)، قال الكاتب الذي عمل مستشارًا للبنتاغون في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وهو يعدّ من أهمّ الخبراء الاستراتيجيين العسكريين الاميركيين، إنّ واشنطن تواجه عالمًا لا تعرفه او تفهمه، والخطة التي وضعها النواب الجمهوريون مؤخرًا تحت عنوان: "خطة من أجل النصر في أوكرانيا"، تعكس نقصًا واضحًا في فهم الأمور.
وأشار الكولونيل إلى أنّ تقدم القوات الروسية باتجاه نهر Dnieper ، وما هو أبعد من ذلك، يبدو حتميًا، وأوكرانيا لا تستطيع إيقاف التقدم الروسي. وأضاف: "على الرغم من ذلك، فإن واشنطن ما تزال تصرّ على دفع قوات "الناتو" باتجاه الحدود الروسية، حيث تُنشئ قواعد جديدة في شمال السويد وفنلندا وتكرر فعليًا الأخطاء التي أدت إلى الحرب في أوكرانيا".
وبحسب الكاتب، حرب "إسرائيل" ضد حركة حماس تحوّلت إلى حملة من أجل التخلص من السكان العرب، وهذا التطوّر يضع "إسرائيل" والولايات المتحدة في مواجهة العالم الإسلامي، وربما الصين وروسيا و"الجنوب العالمي".
كما رأى الكاتب أنّ الاحداث في أوكرانيا و"إسرائيل" تعكس عملية توزيع قوة جديدة مع صعود دول مثل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية. وأردف يكمل أنّ التحوّل في ميزان القوة هو عميق، حيث تتراجع قوة الولايات المتحدة السياسية والعسكرية والاقتصادية في الوقت الذي تشرف فيه النخبة الحاكمة في واشنطن على انزلاق اقتصادي نحو الركود العميق أو ربما الكساد حتى.
ولفت الكاتب إلى أن واشنطن تجرّ الشعب الأميركي نحو مسار خطير باتجاه حرب أوسع وخراب مالي في العام 2024. ووفقًا للكاتب، كشفت النصائح العسكرية الأميركية، إلى جانب "أداء" المعدات العسكرية الأميركية، عن ضعف عسكري أميركي غير مسبوق منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، ومحاولة واشنطن "الحمقاء" "تدمير روسيا" من خلال استغلال أرواح الأوكرانيين أنتجت انتصارًا استراتيجيًا لموسكو وكشفت الضعف الأميركي أمام العالم بأسره.
كذلك أشار الكاتب إلى اقتراب الدين العام الأميركي من عتبة التخلّف عن سدّه، إلى جانب الانهيار التدريجي للتلاحم الاجتماعي الأميركي. وشدّد على أنّ هذه العوامل من المفترض أن تدفع واشنطن باتجاه تجنّب الفشل العسكري، إلّا أنه رأى أنها على ما يبدو غير قادرة على ذلك.
وتابع الكاتب أنّ هذا يعود جزئيًا إلى كون واشنطن ما تزال تعيش تجربة النجاح العسكري لعملية عاصفة الصحراء العام 1991، حين رأت النخبة الحاكمة وقتها أن النصر يعود بشكل كبير إلى التفوق الأميركي على الصعيد التكنولوجي والتنظيمي، هذا فضلًا عن الكفاءات العالية عند الجنود والبحارة والطيارين وجنود المارينز.
ونبّه الكاتب إلى أن النخبة الحاكمة تجاهلت كيف أن الانتصار الأميركي، في العام 1991، أفاد من ضعف القوات العراقية، والحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، قبل الحرب بالوكالة مع روسيا، في أماكن مثل العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا عادة ما كانت أشبه بمناورات حية.
وتابع الكاتب "هذا العصر قد ولّى"، واصفًا المؤسسة العسكرية الأميركية بالمرهقة وغير الفاعلة أكثر من أيّ وقت مضى. وتابع: "الجيش الأميركي على الصعيد الهيكلي والتنظيمي عمومًا ما يزال في عصر الحرب الباردة، وخصوم واشنطن "المحتملين" يملكون أغلب القدرات التكنولوجية التي تستخدمها القوات المسلحة الأميركية، وحتى إن البعض يتفوق عليها في هذه القدرات".
هذا وذكّر الكاتب بتقرير صدر، في العام 2021، حول الثقافة القتالية غند الاسطول البحري الأميركي، والذي كشف أن نسبة 94 في المئة من البحارة الذين شملتهم الدراسة رأوا أنّ حوادث اصطدام المدمرات في المحيط الهادئ واستسلام زورقين اثنين تابعين للبحرية الأميركية للقوات الإيرانية في الخليج، وكذلك حادثة احتراق سفينة USS Bonhomme Richard، كلها تعكس مشكلة ثقافية عند البحرية.
كما قال الكاتب إنّ المشكلات على مستوى الثقافة والقيادة ليست محصورة بالبحرية، إذ إنّ الجيش والقوات الجوية والمارينز تواجه مشكلات مشابهة. وتحدّث عن معاناة مستمرة على صعيد وجود قادة يتبنّون سلوكيات غير مقبولة في صفوف الجيش الأميركي والأجهزة التابعة له، وذلك بالرغم من عقود من الاهتمام والأبحاث.
وحذّر الكاتب من أنّ مؤسسة الصناعات العسكرية تفتقد إلى القدرة الإنتاجية، حيث إن المصانع لا تُنتج الكميات الكبيرة من الصواريخ المتطورة والذخائر والمعدّات، كما كان الحال في الستينيات. وأضاف أن النقص في الصواريخ يضع الأجهزة أمام قيود حقيقية. وتابع يقول: "هناك نحو 3500 صاروخ من طراز Tomahawk لدى البحرية"، منبّهًا بأن هذا العدد القليل يعني أن مخزون الصواريخ سيستنزف في حال اندلاع حرب كبرى.
وذكّر الكاتب بما حصل في أفغانستان؛ فبرأيه هي لم تكن يومًا تشكّل أهمية استراتيجية، وأن تدخّلات واشنطن العسكرية "الفاشلة" في فييتنام والعراق أيضًا لم تكن تشكّل أهمية كبيرة للمصالح الأميركية.
وتوقّف عند أهمية المقاربة التي ستتبناها واشنطن للأحداث الجارية، في سياق الحرب "بين "إسرائيل" وخصومها الإقليميين"، محذرًا في الختام من هزيمة مذلّة لواشنطن في حرب هي ليست جاهزة لها.