الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: أيادي أميركا مكبّلة تجاه صنعاء.. والكيان يناور مع إيران في المنطقة الرمادية
تصدر الصحف الإيرانية الصادرة اليوم خبر ازدياد حجم المجازر الصهيونية في غزة في ظل ارتفاع التوحش الصهيوني والعناد الأميركي لوقف إطلاق النار، ولفتت الصحف الإيرانية إلى أن الفشل الاستراتيجي للحرب بالنسبة للصهاينة يجعل وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد دون استمرار غرقهم في مستنقع غزة.
كما ركزت بعض الصحف الإيرانية اليوم على قضية البحر الأحمر، والفشل الأميركي في تفعيل حلف بحري دولي للتصدي لليمنيين.
أيادي أميركا مكبّلة تجاه صنعاء
وفي هذا السياق استقرأت صحيفة "قدس" مجموعة من آراء المحللين والسياسيين في إيران حول الموقف الأميركي مما يجري في البحر الأحمر، وقال سعد الله زارعي، مدير مركز الفكر الاستراتيجي للمقاومة "لقد أثبت اليمن أنه قادر على خلق جبهة جديدة ضد العدو في أي لحظة، وتل أبيب وحلفاؤها يدركون هذا الأمر جيداً، إن القوة العسكرية لأنصار الله ضد إسرائيل وصلت الآن إلى مستوى لا تستطيع أي قوة إقليمية أو غير إقليمية السيطرة عليها، وحتى ما يسمى "عملية حراسة الازدهار" التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي في البحرين وطلب تعاون الدول الإقليمية والأوروبية، باءت بالفشل منذ البداية، في هذه الأثناء، أيدي واشنطن مكبّلة جداً في التعامل مع صنعاء، لأن أنصار الله لا يمكن السيطرة عليهم بالقوة العسكرية أو وبالسياسة، ولا يملكون بنية تحتية عسكرية واضحة يمكن لأي دولة أن تدمرها، ولذلك فإن سياسة الغرب في المرحلة الحالية تجاه أنصار الله لا تتمثل في تحدي اليمن إلا من خلال سلسلة من المناورات السياسية والدعائية".
ونقلت صحيفة "قدس" عن علي عبدي، وهو خبير في القضايا الفلسطينية، قوله "من بين تحركات فصائل المقاومة الداعمة لغزة، استطاعت حركة أنصار الله أن يكون لها أثر كبير في تغيير سلوك الصهاينة والأميركيين وحلفاء تل أبيب الأوروبيين في المنطقة، وعندما أثار لويد أوستن وزير دفاع الولايات المتحدة موضوع التحالف البحري في البحرين، واجه الموقف الحازم للسيد الحوثي زعيم أنصار الله، وهذا يعني أن صنعاء لن توقف هذه المواجهة حتى تحقق أهدافها، واليوم إن موانئ الأراضي المحتلة مغلقة بسبب هجمات أنصار الله، لأن الشريان الحيوي لإسرائيل هو التجارة البحرية، التي يمر أكثر من 40% منها عبر البحر الأحمر وباب المندب، لكن أنصار الله منعوا بكل حزم السفن الصهيونية من المجيء والذهاب، كما أن تأثير اليمن في الميدان البري للحرب واضح جداً.. وحتى الآن لم تتمكن إسرائيل من الرد على هجمات أنصار الله، فيما لا يزال الخنجر اليمني في حلق إسرائيل، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى التواصل لتشكيل تحالف عالمي".
بدوره، أحمد دستمالجيان، سفير إيران السابق في لبنان، ذكر لصحيفة "قدس": "تاريخياً، أثبت اليمنيون أنهم شعب محارب وشجاع، إما منذ زمن جمال عبد الناصر، عندما قامت مصر بعمل عسكري للتدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد وقوبل بالفشل، أو عام 2014 والهجوم الغاشم للتحالف السعودي، والصفعة الحمراء لليمنيين على أرامكو، اليمنيون يتمتعون بروح الإيمان، وبأقل الموارد حققوا أعظم الانتصارات عبر التاريخ، وحتى اليوم ليس لديهم خط أحمر في الدفاع عن قضية فلسطين، وإذا لم يتوقف النظام الصهيوني عن جرائمه في غزة فسوف يواجهون كارثة، كما تدرك أميركا جيداً أنها لا تستطيع الدخول في صراع عسكري مع اليمن، لأن أنصار الله ليس لديهم ما يخسرونه، فواشنطن عشية الانتخابات الرئاسية 2024 تنوي شراء تأييد حليفتها من خلال الدعاية الكاذبة وإثارة مسألة تشكيل تحالف بحري، لكنها في الأساس، في حالة غزة، تسعى إلى منع انتشار الحرب، لأنها تعلم أن معظم تجارة العالم تتم عبر مضيق باب المندب، وأصغر خطأ سيؤدي إلى حريق في هذه المنطقة، حتى بالنسبة لسفنها الخاصة".
وهم الردع بقوة الإرهاب
بدورها كتبت صحيفة "جام جم": "لقد توصلت إسرائيل إلى نتيجة مفادها أنها فقدت ردعها أمام محور المقاومة وعليها إحياء هذا الردع، ولهذا يتم تقييم اغتيال السيد رضي موسوي في هذا الإطار، لكن اعتقاد إسرائيل بأن هذا النوع من العمل سيخلق ردعاً لهم هو محض وهم، فاليوم النظام الصهيوني محاصر بجبهة المقاومة، وبالطبع ستحدد طهران بذكاء نوع وزمان ومكان التعامل مع هذه الأعمال الإجرامية، وبالطبع لن تسمح لإسرائيل بتغيير اللعبة التي تخسر فيها إسرائيل منذ أكثر من 80 يومًا، وانطلاقاً من سياسة الإرهاب، حاول النظام الصهيوني اغتيال السيد رضي موسوي، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى بعض النقاط:
1. تم هذا الإجراء تماشياً مع سياسة الحرب بين الحروب التي تنتهجها إسرائيل، والتي تعتقد أنها تحقق زيادة ردع أمام محور المقاومة.
2. إن تنفيذ هذا الاغتيال دليل على العجز التام واليأس لهذا النظام داخلياً وإقليمياً، وبحسب زعمها أن إسرائيل هو الجيش الخامس في العالم، وهي عالقة في وجه المقاومة منذ 80 يوما ولم تحقق شيئا، وبالإضافة إلى قلة الإنجازات، فقد منيت بهزائم أكبر على الصعيدين المادي والعسكري، حيث بلغ معدل قتلاها ثمانية أشخاص يومياً منذ المرحلة الثانية من الحرب، مما اضطر لواء جولاني إلى الانسحاب من غزة.
3. تم تنسيق هذا الإجراء من قبل الولايات المتحدة، وبحسب ادعاءات أولئك الذين يريدون تخليص الولايات المتحدة من هذه القضية، لا بد من القول إنه من غير المرجح أن تكون الولايات المتحدة لم تعط الضوء الأخضر لهذا النظام.
4. في الحديث عن سبب عدم دخول أمريكا في هذه القضية، ينبغي القول إنه انطلاقاً من السياسة الأمريكية المتمثلة في عدم إثارة التوتر، فإن واشنطن لم تدخل في هذه القضية بشكل مباشر.
5. تسعى إسرائيل من خلال هذا الاغتيال إلى تصدير الأزمة من الأراضي المحتلة إلى بلدان أخرى في المنطقة.. وخلق تكاليف لإيران في سوريا.
6. في الآونة الأخيرة أعلنت جهات أمريكية وأوروبية وحتى صهيونية أن أعمال أنصار الله في البحر الأحمر تتم بتنسيق ودعم من إيران، وفي هذا الصدد أعلن وزير الخارجية البريطاني أن على إيران أن تدفع ثمن هذه الأعمال.
7. إن هذا الإجراء الإسرائيلي يتماشى مع استراتيجية عقيدة الأخطبوط واستراتيجية القتل من خلال آلاف الإصابات، والتي ترى أنه من أجل التعامل مع محور المقاومة لا بد من مهاجمة رأس الأخطبوط مباشرة، وبطريقة محدودة مع ضربات عسكرية منخفضة الحجم، والتي ركزت في هذه الأثناء على إيران".
تصرفات الكيان الصهيوني مع إيران في المنطقة الرمادية
وكتبت صحيفة "وطن امروز": "مع انتصار الثورة الإسلامية، تغيرت العلاقة بين إيران والكيان الصهيوني من التعاون التكتيكي وأحيانا الاستراتيجي مع حكومة الشاه البهلوي إلى التوتر والصراع، وخلال السنوات الـ 45 الماضية، وخاصة في الأعوام الأخيرة، تصاعدت هذه التوترات والصراعات بسبب تزايد قوة محور المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبلغت ذروتها في السنوات الأخيرة، وتعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية النظام الصهيوني عدوها الإقليمي الوحيد الذي تمكن من ترسيخ وجوده بأداة الإرهاب، وفي المقابل، يعتبر النظام الصهيوني إيران ومحور المقاومة بشكل عام تهديداً وجودياً له، لذلك، اعتبر جميع قادة النظام الصهيوني إيران مصدر التهديد الرئيسي لهم، ومع ذلك، فإن جمهورية إيران الإسلامية والنظام الصهيوني ينشطان في المنطقة الرمادية ويحاولان تجنب الصراع المباشر.. والمنطقة الرمادية هي بيئة عملياتية تستخدم فيها الجهات الفاعلة الغموض.. حيث توصلت الأطراف إلى نتيجة مفادها أن الصراع المباشر والحرب واسعة النطاق لن يحققا أهدافهما،
وبالتالي ينخرطان في صراع بالمنطقة الرمادية، وفي إطار استراتيجية المنطقة الرمادية، يتم الاعتداء على مصالح الطرف الآخر حتى عتبة عدم الخوض في حرب شاملة، وهو ما يحقق الأهداف من جهة، ولا يؤدي إلى الحرب من جهة أخرى، وفي السنوات الأخيرة، أصبح هذا النهج هو النموذج السلوكي للكيان الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة، ومن المهم أيضًا أن نذكر أن المنطقة الرمادية تسمى أيضًا "جيوسياسية حرب العصابات" والتي يستخدمها الضعيف ضد القوي، وبالنظر إلى قيوده الجيوسياسية، يدرك النظام الصهيوني أنه لا يستطيع الدخول في حرب واسعة النطاق مع جمهورية إيران الإسلامية، ولهذا السبب، فهو يدخل في توتر مع إيران في المنطقة الرمادية.
إلا أن قيام النظام الصهيوني بالاغتيال العلني للجنرال الشهيد السيد رضي موسوي كان خطوة خارج المنطقة الرمادية، لفهم سلوك النظام الصهيوني، لا بد من فهم تصور قادة هذا النظام للوضع الحالي في المنطقة، استخدمت إسرائيل الوضع الحالي، الذي يمكن وصفه بـ "الفوضى الإقليمية المتزايدة" مع "تدخل الجهات الفاعلة"، لاستهداف الشهيد موسوي، وذلك من أجل إظهار قوتها الاستخباراتية وإثبات قوة الردع ضد إيران ومحور المقاومة.
حالياً، يحاول كل طرف من الأطراف – إيران وحزب الله والكيان الصهيوني – أن يلعب دوراً أعلى من الآخر من أجل الردع وإرسال إشارة للسيطرة على سلوك الخصم وتغيير حساباته، هجمات حزب الله على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، إلى جانب هجمات إسرائيل على جنوب لبنان على نطاق واسع، وزيادة تحركات فرق الإرهاب التابعة لهذا النظام في المنطقة، فضلاً عن زيادة الانفلات الأمني التجاري للنظام الصهيوني، هي أمثلة واضحة على هذه الإجراءات".