الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: التحالف الأميركي البحري في البحر الأحمر مات قبل أن يولد
تصدّر الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم الاثنين 25 كانون الأول 2023، متابعة انهيار التحالف الأميركي البحري، والذي مات قبل أن يولد. كما ركزت على الإخفاقات الاستراتيجية الأخرى للإدارة الأميركية وعلامات "عدم العقلانية" الاستراتجية المستمرة في سياساتها، وفي المقابل القوى المقاومة المتصاعدة في المنطقة والعالم.
الهروب الكبير من البحر الأحمر
في هذا السياق كتبت صحيفة "جام جم": "إن إصرار المقاومة اليمنية في مواجهة السفن التجارية التي تتجه إلى الأراضي المحتلة أدى إلى أزمة واسعة النطاق ضد تل أبيب، وتفاقمت هذه الأزمة في حين لم يحقق نظام الاحتلال في قطاع غزة أهدافه المعلنة، وأبدت حماس مقاومة ذكية ضد هذا النظام، وفي مثل هذا الوضع، فإنّ أسوأ الأخبار الممكنة للصهاينة هي فشل التحالف العسكري الأمريكي في البحر الأحمر، إن رفض مختلف الدول الانضمام إلى هذا التحالف يظهر القوة المثالية لأنصار الله في اليمن في هذه المنطقة الجغرافية والاستراتيجية المهمة. وأعلنت الحكومة الأمريكية منذ مدة عن تشكيل تحالف بحري متعدد الجنسيات لضمان أمن الملاحة وحماية السفن التجارية في البحر الأحمر من هجمات القوات المسلحة اليمنية، وقد رحبت بعض الدول بهذا التحالف، في حين لم تقبل دول أخرى عضويته، وزعم البنتاغون في البداية أن أكثر من 20 دولة وافقت على المشاركة في هذا التحالف، ولم تؤكد بعض الدول مشاركتها، على الرغم من أن دولًا أخرى قالت إن جهودها للمساعدة في حماية حركة الشحن التجاري ستكون جزءًا من الاتفاقيات البحرية الحالية ولا علاقة لها بالتحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة. وأثار عدم الكشف عن تفاصيل حول الدول التي انضمت إلى هذا التحالف إرباكًا لبعض شركات الشحن التي غيّر بعضها مسار سفنها إثر تلك الهجمات في البحر الأحمر".
وأضافت: "وفقًا للتوجه السلبي لبعض الدول الرئيسة المشاركة في التحالف الأميركي، يمكن القول بشكل أساسي إن هذا التحالف انهار عمليًا، وبعبارة أفضل، مات قبل أن يولد، وفي مثل هذا الوضع، تمكّنت المقاومة اليمنية، من خلال إثبات قدرتها على الردع والتحرك ضد أعداء مثل أمريكا ونظام الاحتلال الصهيوني، من أن تصبح لاعبًا مهيمنًا في باب المندب والبحر الأحمر، كما أن دافعية وإصرار المقاومة اليمنية في مواجهة النظام الصهيوني، خلال حرب غزة، سوف تتعزز أكثر نتيجة الهزيمة والتدمير العملي للتحالف الأمريكي المزعوم، وهذا من أسوأ الأخبار الممكنة لأمثال بايدن ونتنياهو، والآن خسرت واشنطن وتل أبيب الحرب ليس فقط ضد حماس، بل أيضًا ضد المقاومة اليمنية بأسوأ طريقة ممكنة، ومن أهم النقاط في تحليل هذه العملية هو الانقسام بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والفجوة التي أصبحت أكثر وضوحًا بين الأعضاء بعد الحرب في أوكرانيا، حيث أعلنت فرنسا وإسبانيا وإيطاليا انسحابهم من التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة، وأضافوا أنهم لن ينفذوا عمليات بحرية إضافية إلا تحت قيادة حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي، وليس الولايات المتحدة".
أما صحيفة "قدس" فقد كتبت في هذا المجال: "منذ تشكيل هذا التحالف دون حضور ولو دولة واحدة مهمة في المنطقة، رأى الكثيرون أن هذه الفكرة لن تكون فعالة جدًا، وحتى لو اتخذت شكلًا عسكريًا وأمنيًا فلن تكون ذات جدوى عملية ضد أنصار الله، جاء ذلك بينما أعلن عبد الملك بدر الدين الحوثي، قائد حركة أنصار الله اليمنية، في الأيام الأولى لتشكيل التحالف البحري، في معرض توضيحه للاستراتيجية المستقبلية للمقاومة، أنه ما دام قطاع غزة محاصرًا من الصهاينة، لن يسمح لأي سفن تجارية بالدخول إلى موانئ إيلات وحيفا في الأراضي المحتلة.. وفي الواقع، أدركت واشنطن جيدًا، في الأشهر القليلة الماضية، أنها لا تستطيع أن تفعل شيئًا في البحر الأحمر وباب المندب، وحتى في المحيط الهندي، لأن جميع القواعد في هذا البلد، في مرمى قوى المقاومة، وبالرغم من أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون بذل قصارى جهده لتهديد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمس، إلا أنهم لن يتمكّنوا من القيام بأي عمليات عسكرية ضد محور المقاومة، حتى في البحر الأحمر، تمامًا كما يفعل الأميركيون، لم تتمكّن لندن حتى الآن من تقديم إجابة مناسبة لمنتقديها حول استيلاء البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني على سفينتها النفطية المخالفة في الخليج، أمام العديد من سفنها الحربية؛ ولذلك فإن كلام لندن، مثل واشنطن، ليس إلا كلاما فارغًا".
العبث الاستراتيجي لأميركا
كتبت صحيفة "وطن امروز": "كان هنري كيسنجر الاستراتيجي الأمريكي الشهير، قبل وفاته، يرى أن وقوع الحرب العالمية الثالثة المتمحورة حول أمريكا والصين هو أهم هواجسه، حتى أنه قام برحلة غير رسمية إلى بكين في الأشهر الأخيرة من حياته لإدارة التوترات بين البيت الأبيض والصين والسيطرة عليها، لكن يبدو أن إصرار أمريكا على خلق نقاط استراتيجية عمياء في المناطق الحساسة والجيواستراتيجية للنظام الدولي، أصبح إدمانًا دائمًا في السياسة الخارجية لهذه الدولة التدخلية".
وتابعت: "لقد برز الافتقار إلى الحد الأدنى من العقلانية في مجال السياسة الخارجية الأمريكية منذ مدة طويلة في المقدمة في مختلف أخبار العالم، خلال الحرب في أوكرانيا، أدى إصرار أميركا على توسيع حلف شمال الأطلسي إلى الشرق والحصار الاستراتيجي المفروض على روسيا إلى حرب واسعة النطاق بين موسكو وكييف، وكانت نتيجة هذه الحرب تدمير البنية التحتية في أوكرانيا وأخيرا تخلي الغرب عن زيلينسكي، تظهر الأدلة والوثائق القوية أن أعضاء الناتو أمروا رئيس أوكرانيا بالاستعداد لوضع طاولة مفاوضات السلام مع موسكو ونسيان العضوية في الناتو والاتحاد الأوروبي. وفيما يتعلق بحرب غزة، فقد أصبح افتقار الأميركيين إلى العقلانية مظهرًا خاصًا، وبعد عملية طوفان الأقصى، تولى مسؤولو البنتاغون والقيادة المركزية، بتوجيه من البيت الأبيض، إدارة مسرح المعركة في فلسطين، لقد حدثت الإبادة الجماعية والقتل الوحشي لأكثر من 20 ألف فلسطيني في قطاع غزة بإصرار من واشنطن وتداخل استراتيجي تكتيكي بين حكومة بايدن وحكومة نتنياهو.. ومثل هذا حدث أيضًا في أفغانستان والعراق؛ حيث حاولت الإدارات الأربع بوش وأوباما وترامب وبايدن خلق شرق أوسط جديد على أساس النموذج المشؤوم للديمقراطية الليبرالية الغربية، لكنهم وقعوا في فخ النظام الإقليمي والعالمي الجديد (الذي يجري تشكيله).. والآن يعلن الأميركيون عن مغامرة جديدة في شرق آسيا، الغرض منها هو إشغال بكين بمخاوف أمنية إقليمية ومنع تبلور الهيمنة الاقتصادية الصينية في العالم، كما أن اليوم أصبحت غزة وكييف وصنعاء ودمشق وكابول وبغداد رموزًا لفشل أميركا في النظام الدولي".