الخليج والعالم
الأسد: فلسطين تدافع عن كل الدول العربية.. والمقاومة مرّغت أنف "إسرائيل" في التراب
أكّد الرئيس السوريّ بشار الأسد، الاثنين 18 كانون الأول/ديسمبر، أنّ ما حصل في فلسطين كسر هيمنة الرواية الصهيونية عالميًا، مشيرًا إلى أنّ المقاومة مرغت أنف "إسرائيل" في التراب، رغم كل الدعم المقدم للجيش الإسرائيلي.
كلام الأسد جاء خلال ترؤسه دورة اجتماعات اللجنة المركزية لحزب البعث التي تنعقد لمناقشة جدول الأعمال المقترح حول التحضير لإجراء الانتخابات الخاصة لاختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع المقبل.
وقال الأسد: "الشيء الوحيد الذي يستحق الحديث هو الوضع الفلسطيني خاصة ما حصل في غزة مؤخرًا، ما حصل في غزة غيّر حقائق تاريخية لسنوات طويلة وربما لأجيال، ولن تتغير في المدى المنظور بغض النظر عن نتائج الحرب. دُمّرت غزة. هُجر الشعب الفلسطيني. أُبيد الشعب الفلسطيني. هناك حقائق ظهرت، وهذه الحقائق بالنسبة لنا هي دروس مستفادة يجب أن نفكر فيها ونتعلمها وتبقى نصب أعيننا لأنها تتقاطع بشكل كبير مع ما عاشته سورية، ومع ما يمكن أن تعيشه دول عربية أخرى، وربما غير عربية لأن المبادئ واحدة بالنسبة للشعوب والأوطان".
ورأى أنّ "أهم نقطة في هذه الحرب، أن الصهيونية العالمية التي سيطرت على الرواية منذ نشأة القضية الفلسطينية من سبعة عقود وربما من القرن التاسع عشر لأول مرة تفقد السيطرة على هذه الرواية، (..)، فقد نضجت الشعوب في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فانقلب السحر على الساحر وخسرت الصهيونية روايتها حتى في أهم معاقلها منها الولايات المتحدة".
ولفت الأسد إلى أنّ هذا "لا يعني أن الشارع الأميركي أصبح داعمًا لفلسطين، ولكن أصبح لديه الكثير من الشكوك حول الروايات الصهيونية، وهذا يتقاطع بشكل كبير مع ما عشناه في سورية في بداية الحرب، عندما كانت الدول العربية تفرض الكثير من القيود على وسائل التواصل باعتبارها أداة جديدة ومخيفة ومنها سورية، فقامت تلك الدول بتقييد، وربما قطع الإنترنت بشكل مطلق بعكس ما قمنا به في سورية، قمنا بإزالة كل القيود انطلاقًا من أن هذه الحرب أولاً.. يجب أن تُخاض بطريقة الأعداء، فلا يكفي أن نخوضها بطريقتنا".
وذكر الرئيس الأسد أنّ "اليوم الحرب هي حرب الحقيقة، ومن يربح الحقيقة، بغض النظر إن كانت حقيقية أو مزورة، هو من يربح الحرب والمعركة. لذلك أكثر ما أرعب الخونة في سورية في بداية الحرب أن يعرف العالم وأن يعرف السوري تحديدًا وليس العالم بأنهم خونة، وأن يعرف السوري بأن الإرهابي هو مرتزق وليس ثائرًا، وأكثر ما يُرعب "إسرائيل" اليوم في العالم أن يعرف العالم حقيقتها الإرهابية، لذلك المعركة هي معركة الحقيقة اليوم".
ولفت الأسد إلى موقع القضية الفلسطينية، موضحًا أنّ "في سورية موضوع القضية الفلسطينية موجود باللاوعي"، مشيرًا إلى أنّه "اعتقد معظم الناس أن القضية الفلسطينية انتهت وحُلّت، والصراعات الموجودة أو الخلافات الموجودة هي خلافات طبيعية بعد صراع طويل لعقود، لكن ما حصل في فلسطين خلال الأعوام الماضية، ليس فقط في غزة ولكن توّج في غزة، هو أن هذه القضية استعادت مكانتها الدولية، مكانة ما قبل أوسلو وما قبل عملية "السلام"، وعادت القضية إلى جوهرها وهو محتل يقاتل صاحب الأرض، معتدٍ يقاتل مُعتدى عليه، هذا هو جوهر القضية".
وشدد الرئيس السوري، على أنّ "الشعب الفلسطيني بالطريقة التي حمل بها قضيته عبر أجيال، ربما نحن الآن في الجيل الرابع أو أكثر، في غزة وفي الضفة وفي أراضي الـ 48، أثبتت بأنه شعب أصيل، هذا كافٍ".
وتابع: "هجمة الأساطيل الغربية إلى "إسرائيل" خلال الأيام الأولى مع هجمة المسؤولين، لم يأتِ كل هؤلاء لكي يقدموا الدعم لـ"إسرائيل" بالمعنى العسكري، الدعم موجود، المستودعات موجودة في كل المناطق، في الشرق الأوسط وفي أوروبا هي في خدمة "إسرائيل"، فلماذا قاموا بهذا العمل؟ لأن "إسرائيل" كانت تنهار".
وأكّد الرئيس الأسد أن "الكيان الصهيوني هو أضعف بكثير مما يتوهم معظم الناس في العالم العربي أو الإسلامي أو الشرق الأوسط، أو ربما في العالم ككل، هو ضعيف لأنه يحمل عوامل الموت الذاتية، ولكنه يحيا بالأوكسجين العربي، لذلك الكثير من الأشياء التي لا يفهمها الكثير من العرب، مع كل أسف، اليوم نرى خطة -وهذا أيضاً حديث الطابور الخامس في قضية الحسابات- إسرائيلية بالنسبة لتهجير الفلسطينيين من القطاع باتجاه الأردن، وتهجير سكان غزة باتجاه سيناء أو باتجاه مصر، هل غيرت كل التكتيكات العربية من حقيقة هذا المشروع؟ أليست مطروحة بنفس الطريقة اليوم؟ تهجير، أليست حرب غزة والضفة هي من أجل التهجير؟".
وقال الأسد: "اليوم اتضح أن المخطط يسير من دون توقف، لن توقف "إسرائيل" مخططها بالنسبة لـ"إسرائيل" الكبرى، ولن يشفع لكل من فتح مع "إسرائيل" أنه سيكون خارج هذا المخطط بدايةً من الدول القريبة، ووصولًا إلى الدول الأبعد، والتهديدات التي تقوم بها الدول العربية والرفض والاستنكار والخطوط الحمر، وأن هذا ما يحصل إعلان حرب وإعلان… لن يغير شيئًا. المخطط يسير وسيشمل الجميع".
وأضاف "نحن نتمسك بمبدأ المقاومة، لا يهم كيف، كيف ندعم، كيف نتحرك، تفاصيل أخرى لا تعنينا، نحن لم نتحدث في يوم من الأيام عن المقاومة إلا كمبدأ، فإذًا هي أثبتت صحة مبدأ أن ثمن المقاومة هو أقل من ثمن الاستسلام".
وتابع الأسد: "أثبتت صحة المبدأ السوري في أن الدفاع عن المقاومة يعني الدفاع عن الوطن، لأن غزة اليوم تدافع عن فلسطين، وفلسطين تدافع عن سورية، وفلسطين تدافع عن كل الدول العربية، كذلك هو الوضع بالنسبة للمقاومة في لبنان، المقاومة اللبنانية تدافع عن الجنوب، وتدافع عن كل لبنان وتدافع عن سورية، وتدافع عن العرب أيضًا، أُثبتت صحة الموقف السوري بدعم المقاومة لأنها أثبتت أنها الترياق الأقوى والأكثر فاعلية في مواجهة الطائفية، لأنها العنوان الجامع.. العنوان الوطني الجامع، والعنوان القومي الجامع، وكلنا نرى اليوم بأن المصطلحات الطائفية التي كانت توسم بها المقاومات المختلفة، اليوم انقرضت، حتى التسميات، لا يتحدث اليوم أحد عن حماس أو حزب الله، الحديث اليوم عن المقاومة، مقاومة في فلسطين، مقاومة في لبنان، هذا العنوان جامع".
وأكّد الأسد أنّ "فلسطين أثبتت وخاصة ما حصل مؤخرًا في غزة، أن الغرب استعماري ولم يتغير، يعني فضحت الغرب عند الغربيين الذين كانوا يصدقون المبادئ التي تطرح، من ديمقراطية، وحرية، وإنسانية وغيرها من المبادئ العظيمة التي ثبت بأنها عبارة عن خدعة كبيرة، وغيّر الواقع بالنسبة لأبناء الدول الغربية وللآخرين الذين كانوا منبهرين بالغرب بمن فيهم المنبهرون في عالمنا العربي".
وختم الرئيس السوري بالقول: "أثبتت حرب فلسطين بالمحصلة، والمقاومات، أن العقيدة أصلب من قسوة الإرهاب والإجرام، وأن الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأن الانبطاح أمام الأعداء هو ليس خيارًا وإنما انتحار، يعني هذه المبادئ أعتقد دروسًا كبيرة جدًا نتعلمها من الحروب السابقة كما قلت، توجت في غزة، ولكن لو لم تسبقها تجارب مختلفة وإنجازات سابقة أسست لانتصارات المقاومة الأخيرة، لما كان من الممكن لنا أن نستفيد من هذه الدروس".