الخليج والعالم
الصحف الإيرانية تُحلّل في أبعاد الهدنة في قطاع غزة
تصدّر خبر وقف إطلاق النار في غزة اهتمامات الصحف الإيرانية الصادرة اليوم في طهران، حيث تناولت بالتحليل الدوافع الكامنة وراء هذا الاتفاق ولا سيما من قبل الكيان الصهيوني.
لماذا وافقت "إسرائيل" على وقف إطلاق النار؟
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة " كيهان": "وقف إطلاق النار هذا مهم للغاية، ولمعرفة سبب أهمية ذلك، يكفي الرجوع إلى تصريحات كبار المسؤولين في النظام الصهيوني، والتي كانت تتكرر بانتظام خلال الأيام الأولى للحرب، حيث أكد بنيامين نتنياهو وغالانت وهيرتسوغ، رئيس الوزراء ووزير الحرب ورئيس النظام الصهيوني، على التوالي، ليس مرة أو مرتين بل مرات عديدة، على أنهم لن يقبلوا "أي هدنة إنسانية" حتى يتم الاستيلاء الكامل على غزة والقضاء على حماس وإطلاق سراح جميع الأسرى، وسيواصلون الحرب بكل قوة ولم يتحقق شيء من هذه الأمور إلى الآن... إن قبول الصهاينة لوقف إطلاق النار هذا يعني هزيمة إسرائيل، إسرائيل التي كانت تتلقى مساعدات مالية وتسليحية وعسكرية واستخباراتية متواصلة من أمريكا وألمانيا وبريطانيا والعديد من الدول العربية الرجعية...لم تحقق أهدافها المعلنة".
وأضافت "كيهان": "مضافًا إلى ثبات وشجاعة المقاومين في غزة، يمكن الإشارة إلى سبب آخر لانسحاب أمريكا وإسرائيل من تصريحاتهما الأولية وقبولهما بهذه الهدنة وهو سبب يعود إلى رفاق حماس الشجعان والمخلصين، ولم تكن حماس وحدها في مواجهة إسرائيل لوحدها هذه المرة، فحزب الله، الذي فاجأ الأوساط العلمية العسكرية في الغرب والولايات المتحدة، بقدراته العسكرية، لم يترك غزة وحيدة ولو ليوم واحد، كما وضع الثوار اليمنيون قدراتهم في الميدان خلال هذه الفترة".
وذكر الدبلوماسي الإيراني السابق هادي سيد أفقهي في حوار مع صحيفة " إيران":"لقد أوصلت حماس حتى الآن النظام الصهيوني إلى نقطة الفشل رغم كل الخسائر البشرية والاقتصادية التي لحقت بغزة، ولم يتحقق أي من الأهداف المعلنة للنظام، وهذا أمر مهم للغاية...وعليه فإن حماس حتماً هي المنتصرة في هذه الجولة الأولى أو الخطوة الأولى، وعلينا أن نرى هل سيتكرر وقف إطلاق النار هذا أو سيتم تمديده أم لا، خاصة وأن نتنياهو يختبر الأجواء ويقيم ردود الفعل داخل المجتمع الصهيوني"
بدوره، قال مجيد صفا تاج، الخبير في الشؤون الفلسطينية، في مقابلة مع صحيفة "قدس"، في تحليله للأحداث الأخيرة إن "الخلفية التاريخية والتجربة أظهرت أن الكيان الصهيوني المحتل لم يلتزم قط باتفاقات وعقود وقف إطلاق النار، خاصة إذا كان يشعر قادة النظام أن بإمكانهم خلق فرصة من وقف إطلاق النار لاستخدامها بما يتماشى مع مصالحهم، كما في تجربة حرب 1948، عندما رأى الكيان الصهيوني أن الظروف الميدانية لا تسير لصالحه، وعزز مواقعه، أعد هجمات جديدة؛ ويبدو أن الاتفاق الحالي يمكن دراسته في نفس الإطار، وبطبيعة الحال، صحيح أن الوضع الحالي يختلف كثيراً عما كان عليه قبل عقود مضت، وقد أصبح هذا النظام ضعيفاً جداً، لكن هذا لا يعني أن هذا النظام موثوق وملتزم بتعهداته؛ فيما يواصل هذا النظام قصفه على غزة حتى في الساعات القليلة المتبقية على تنفيذ الاتفاق".
وكذلك تساءل حسن هاني زاده، وهو خبير آخر في القضايا الإقليمية، في حوار مع صحيفة " قدس" عن سبب قبول نتنياهو لوقف إطلاق النار الحالي على الرغم من تأكيده أنه سيواصل الحرب حتى الوصول إلى الأهداف المحددة: "الحقيقة أن تزايد الضغوط على الرأي العام داخل الأراضي المحتلة ونشر خبر وفاة بعض الأسرى إثر قصف مناطق مختلفة من غزة من قبل جيش هذا النظام، هو ما أثار قلقاً متزايداً لدى الرأي العام الصهيوني وأهالي هؤلاء الأسرى، وأجبروا نتنياهو وأعضاء حكومة الحرب التابعة لهذا النظام على القبول بوقف إطلاق النار، واليوم، يعتبر الرأي العام في الأراضي المحتلة أن نتنياهو هو المسؤول شخصيا عن مقتل هؤلاء الأسرى، وقد زادت هذه القضية الضغط بشكل كبير على نتنياهو وحكومة الحرب التابعة لهذا النظام، ولم يكن أمامهم سوى القبول بوقف إطلاق النار.
وأكد هاني زاده: "بالطبع لا ينبغي إهمال دور أمريكا في إجبار "إسرائيل" على قبول اتفاق وقف إطلاق النار الحالي؛ ويشعر الأميركيون بقلق بالغ من اتساع نطاق الحرب في المنطقة، خاصة مع اتساع التوتر في شمال الأراضي المحتلة وحدود لبنان، وهم يدركون جيداً قوة حزب الله القتالية وعواقب فتح جبهة أخرى ضد إسرائيل، ولا يعتبرون أن توسيع الحرب وامتدادها إلى دول أخرى في المنطقة يصب في مصلحتهم أو في مصلحة النظام الصهيوني".
الضربة الفنية
بالموازاة، توقّفت الصحف الإيرانية عند كلام آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي الذي ذكر فيه أن الكيان الصهيوني تعرّض لضربة "فنية ودقيقة" في "طوفان الأقصى" وما تلاها من مواجهة المقاومين في فلسطين له.
وأفادت صحيفة " همشهري" في هذا السياق أنه "يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الكيان الصهيوني قدم ادعاءات كبيرة في ثلاثة مجالات؛ الادعاء الأول هو أن مسؤولي هذا النظام أكدوا أنهم في أقوى وضع ممكن من حيث النظام المعلوماتي ويراقبون كل تحركات المقاومين، ويعتبر هذا الموضوع "الورقة الرابحة" لديهم، الادعاء الثاني هو أن النظام الصهيوني يتمتع بمستوى عالٍ من الأمن ويجب أن يشعر سكان الأراضي المحتلة بالارتياح في هذا الصدد، أما الادعاء الثالث كان حول قوة ورصانة الهياكل الدفاعية العسكرية لهذا النظام، حيث وزعم مسؤولو الكيان الصهيوني أن لديهم قبة حديدية قللت من ضعفهم إلى نقكة الصفر، لكن في مثل هذا الوضع، فإن تنفيذ المقاومة لعملية "طوفان الأقصى" شكك في هذه الادعاءات الثلاثة كلها، ولذا هي عملية معقّدة وكبيرة، تطلبت تنفيذ العديد من التدريبات التي ظلت مخفية عن أنظار الهياكل الأمنية والاستخباراتية للصهاينة، وأسفرت عن هزيمة ثقيلة لا تعوض لهم، وأظهرت هذه العملية، بالإضافة إلى توجيه ضربة قاسية للبنية الاستخباراتية العسكرية في تل أبيب، أن نظام القبة الحديدية لا يمكن أن يكون حاجزًا موثوقًا به ضد صواريخ المقاومة والطائرات بدون طيار، ومن ناحية أخرى، كانت تشكل موجة الهجرة من الأراضي المحتلة وشلل اقتصاد هذا النظام واقتصاد السياحة لهذا النظام بمثابة ضربة قاتلة أخرى لجسد النظام الصهيوني".