معركة أولي البأس

الخليج والعالم

الولايات المتحدة تقوّض مصالحها جراء دعمها العدوان على غزة
15/11/2023

الولايات المتحدة تقوّض مصالحها جراء دعمها العدوان على غزة

يواصل الإعلام الغربي التحدّث عن سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وما ينتج عن دعم واشنطن المستمر لـ"تل أبيب" من تداعيات سلبية على مكانتها في الشرق الأوسط والعالم وفي الداخل الأميركي.

في هذا السياق؛ كتب برانكو مارسيتش (Branko Marcetic) مقالة نشرت على موقع "Responsible Statecraft"، أشار فيها إلى التقرير الذي نشره موقع "Axios" حول الاتصال الهاتفي بين وزير الحرب الأميركي لويد أوستن ونظيره "الإسرائيلي" يوآف غالانت.

ولفت الكاتب إلى ما ورد في هذا التقرير عن تزايد المخاوف، داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، من أن "إسرائيل" تريد استفزاز حزب الله وجرّه إلى إشعال حرب إقليمية تشمل لبنان ودول مجاورة أخرى، إضافة إلى الولايات المتحدة. ورأى أنّ هذا يؤكّد من جديد بأنّ سياسة إدارة بايدن الحاليّة بتقديم الدعم غير المشروط للحرب "الإسرائيلية" على غزة لا يأتي بأي مكاسب للمصالح الأميركية، ولا يتسبّب إلّا بتضرر هذه المصالح.

وأشار الكاتب إلى أنّ تجنّب حرب جديدة في الشرق الأوسط هو من أهم أولويات بايدن، لافتًا إلى أنّه خاض حملته الانتخابية بشعار وقف "الحروب الأبدية"، وإلى أنّه أعرب عن قلقه إزاء قدرة بلاده على صعيد المواجهة العسكرية المستقبلية مع الصين. وأضاف: "دعم واشنطن للحرب بدأ يؤدي إلى سقوط "ضحايا" أميركيين"، مشيرًا إلى أنّه جرى تنفيذ اثنين وخمسين هجومًا على الأقل ضد القوات الأميركية والائتلاف، منذ السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما تسبب بإصابة 56 جنديًا في العراق وسورية.

ولفت الكاتب إلى أنّ ما تسمّى "وزارة الأمن الداخلي الأميركية حذّرت من رفع مستوى التهديد للولايات المتحدة نتيجة الحرب". وأشار إلى "ما قاله مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الـ"FBI"  أمام الكونغرس عن دعوات عدد :"من المنظمات الأجنبية" لشن هجمات تستهدف الأميركيين والغرب، من أنّ الحرب في الشرق الأوسط رفعت بشكل كبير مستوى خطر تنفيذ الهجمات ضد الأميركيين والولايات المتحدة".

كذلك تابع الكاتب أنّ: "رئيس هيئة الأركان المشتركة، في الجيش الأميركي، تشارلز براون حذّر من أنّ ذبح المدنيين بالوتيرة الحالية سيخلق على الأرجح المزيد من "المسلحين"". ولفت إلى ما قاله براون، في هذا السياق، عن أن التوصل بسرعة إلى وقف إطلاق النار ووقف معاناة المدنيين من شأنه أن يقلص من احتمالات انضمام الأجيال المستقبلية إلى حركة "حماس"؛ وفقًا لقوله.

وتحدث الكاتب أيضًا عن أضرار لحقت بالسمعة الأميركية نتيجة "الحرب"، وذلك استنادًا إلى ما يقوله المسؤولون في المنطقة وداخل إدارة بايدن نفسها. كما لفت، في هذا السياق، إلى وثيقة حصلت عليها شبكة "CNN"، والتي تكشف أن دبلوماسيين أميركيين في دول عربية حذّروا مجلس الأمن القومي والـ"CIA" والـ"FBI" من أن دعم بايدن للحرب من شأنه أن يؤجج كراهية لأميركا في الشارع العربي تستمر على مدى أجيال".

ولفت إلى مذكرة احتجاج أعدّها موظفون، في وزارة الخارجية الأميركية، تحذّر من أن عدم قيام الولايات المتحدة بانتقاد الانتهاكات "الإسرائيلية" يعزز صورة الولايات المتحدة في الشارع في المنطقة طرفًا منحازًا غير نزيه، ومن أن ذلك لا يخدم المصالح الأميركية.

كذلك نقل الكاتب، عن الباحث تريتا بارسي، بأنّ المسؤولين في دول عربية والقطب الجنوبي يشعرون بالدهشة حيال لا مبالاة بايدن إزاء التداعيات السلبية الناتجة عن رفضه وقف إطلاق النار على مكانة أميركا عالميًا. كما نقل، عن بارسي، بأن مسؤولين عرب أبلغوه بأن بايدن ألحق ضررًا بمكانة أميركا اقليميًا يفوق الضرر الذي تسبب به جورج بوش الإبن في حربه على العراق.

في مقالة أخرى، كتب كونور إيكولز (Connor Echols) في موقع "Responsible Statecraft" حول موضوع تواجد عناصر من القوات الخاصة الأميركية، في كيان الاحتلال، والسلاح الذي تزوّد الولايات المتحدة به الجيش "الإسرائيلي".

وأشار الكاتب إلى أنّ: "البيت الأبيض تجنّب المشاركة العلنيّة للمعلومات عن الدعم الذي يقدم لـ"إسرائيل" مع المشرعين في الكونغرس، وإلى أنّ ذلك يختلف جوهريًا مع حال أوكرانيا؛ حيث قدمت إدارة بايدن معلومات مفصّلة حول دعمها لكييف".

ورجّح أن يعود ذلك إلى احتمالات أن يواجه بايدن معارضة سياسية داخلية نتيجة دعمه لـ"إسرائيل"، مشيرًا إلى أنّ ما تقوم به الأخيرة في غزة أثار انتقادات واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها.

ورأى الكاتب أنّ سببًا آخر وراء السريّة التي تحيط بالدور الأميركي، في دعم "إسرائيل"، هو الخشية من أن هذا الدعم سيضرّ بمكانة واشنطن في الشرق الأوسط، خاصة في ظلّ الاعتراض داخل المنطقة على ما تقوم به "إسرائيل"، وأشار إلى أن العديد من المعلقين العرب اتهموا "إسرائيل" بارتكاب إبادة جماعية.

كما لفت الكاتب إلى ما كتبه المؤرخ ستيفن فيرثيم (Stephen Wertheim) عن أنّ التداعيات قد تطال أماكن خارج المنطقة، وعن أن أميركا تدفع أثمانًا لا يستهان بها على صعيد هيبتها وقوتها، وعن أنّ هذه الأثمان قد تصبح أكثر كلفةً بكثير.

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم