الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: طريق هجوم العدو البرّي في غزة مسدود
ما تزال الصحف الإيرانية تركّز بأغلب عناوينها ومقالاتها على تحليل التطورات التي تجري في فلسطين المحتلّة وغزة. ففي أعدادها الصادرة، اليوم الاثنين، اهتمت بآخر التطورات، إذ كثر النقاش حول اقتراب الهجوم البرّي الصهيوني على غزة.
في هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الدفاعية والعسكرية محمد مهدي يزدي في صحيفة "إيران": "إنّ "طوفان الأقصى" كلمة لن تُمحى من أذهان الصهاينة أبدًا، وإذا لم تؤد الضربة التي وجهتها هذه العملية إلى البنية والمؤسسات الإسرائيلية إلى تدمير النظام الصهيوني على المدى القصير، فإنها بالتأكيد ستبقى بمثابة كابوس للإسرائيليين لمدة طويلة، وقد أثرت العملية الشاملة والسريعة التي قام بها مقاتلو "حماس" على أوضاع الأراضي المحتلة، ولا يبدو أن الأوضاع يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه قبل العملية في أي وقت قريب". وقال: "بحسب خبراء عسكريين، فقد مُني النظام الصهيوني بهزيمة نكراء، فقد سقط أكثر من 1500 قتيل ونحو 120 أسيرًا منذ بداية العملية، لكن المفاجأة الأكبر كانت مفاجأة أجهزة المخابرات والأمن الصهيونية، وهي مؤسسات تدعي السيطرة الكاملة على قطاع غزة وتستخدم أحدث المعدات والأنظمة التجسسية والعسكرية، لكن "طوفان الأقصى" سحقتها جميعًا".
وأضاف "يزدي": "تظهر هذه المفاجأة بالطبع مدى التدريب والدقة العالية التي يتمتع بها مقاتلو "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الذين تمكّنوا بعد سنوات من التدريبات المستمرة من تنفيذ مجموعة من العمليات والهجمات البرية والبحرية والجوية في الأراضي المحتلة بأفضل طريقة ممكنة". وأردف: "بعد مرور عدة ساعات على بدء عملية المقاتلين الفلسطينيين، أدرك "الإسرائيليون" الأمر وأبعاده واتخذوا موقفًا دفاعيًا تدريجيًا وبدأوا بالرد، لكن هذه الضربة كانت قوية لدرجة أن الكيان أعلن عن النداء الأكبر للجيش الإسرائيلي للتجنيد في قوات الاحتياط، في البداية وبعد "طوفان الأقصى" شنّ الصهاينة هجماتهم الجوية على قطاع غزة عبر الطائرات، ومع ذلك، لم تكن هذه الضربات الجوية هي الحل للكارثة التي جلبتها "حماس" للنظام الصهيوني وقادته، فمنذ البداية، ومن خلال نشر صور دبابات ميركافا المتجهة باتجاه غزة".
وتابع أن: "هذا الاستعجال بإظهار نية الهجوم جاء ردًا لفعل عاطفي على العمليات التي يقوم بها الفلسطينيون، لأن جيش الاحتلال سبق له أن دخل قطاع غزة برًا في العام 2014 واضطر إلى مغادرة المنطقة مع مقتل أكثر من 60 شخصًا، ولذلك فإنّ قادة النظام الصهيوني يعلمون أيضًا أنّ دخولهم في الحرب البرية مع غزة لن يجلب لهم سوى الهزيمة والمزيد من الخسائر، خاصة أنّ القوات المدربّة لـ "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تمارس حرب المدن وحرب العصابات منذ سنوات، وربما ينتظرون بطريقة أو بأخرى وصول دبابات الميركافا والجنود الإسرائيليين"".
وبيّن أنه: "ومع ذلك، فإنّ حرب المدن والعصابات له شرائط لا يمكن أن تتحقق في امتلاك معدات وأسلحة متقدّمة مثل الحرب الكلاسيكية، ومن أهم الاحتياجات والمزايا في هذا النوع من الحروب معرفة المنطقة وإتقان كافة جوانبها، وللفلسطينيين ميزة خاصة في هذا الأمر، إلى جانب الأنفاق التي أنشأها مقاتلو "حماس" و"الجهاد" في غزة. وممّا لا شك فيه أن المعادلات تغيرت مع مرور السنين، ولم يعد الفلسطينيون يرمون الحجارة للرد، وباتت تحت تصرفهم كلّ أنواع الأسلحة الفردية والمضادة للدروع، التي يمكن أن تلحق خسائر فادحة بالصهاينة".
ولفت إلى أنّه: "بعد مرور 9 أيام على بدء عملية "طوفان الأقصى"، ما يزال النظام الصهيوني يقصف المناطق السكنية في قطاع غزة ويدمر الأطفال والأسر الفلسطينية عبر مقاتليه، ويبدو أن قادة الجيش الإسرائيلي مع سياسيي هذا النظام قد اختلفوا حول الهجوم البري على غزة، وقدموا ذرائع مثل المطر والطقس السيء وحتى طلب أميركا عدم الهجوم البري، ومع أنّه من الممكن أن يقوم الجيش الإسرائيلي بالهجوم بشكل محدود من الأرض حتى لا يقصر في ادعائه بالهجوم الشامل ولتهدئة الرأي العام، لكن إذا نظرنا في هذه الأيام القليلة من وجهة نظر عسكرية، على أحد جانبي الهجوم، نرى مزيجًا بريًا وبحريًا وجويًا من مقاتلي "حماس" ضد أحد أكثر الجيوش تجهيزًا في العالم، والذي تكبد خسائر غير مسبوقة من الصهاينة، لكن يبدو أن الإسرائيليين أكثر من كونهم يبحثون عن حرب برية مع المقاتلين الفلسطينيين للخروج من مأزق "طوفان الأقصى"، فإنهم يبحثون عن وساطة دول أخرى لإطلاق سراح أسراهم، لأنهم أدركوا جيدًا أنه مع بدء الحرب البرية سوف يدخلون إلى مستنقع مجهول".
الأزمة المزدوجة لمخابرات الصهاينة
بدورها، ذكرت صحيفة "وطن أمروز" أنّ "عملية "طوفان الأقصى" ما تزال إحدى نقاط التحول، وبينما يقول الجيش الصهيوني إنّ حركة "حماس" منخرطة في التدريب والتخطيط والتنسيق لهذه العملية منذ أكثر من عام، إلا أن أيًا من أجهزة المخابرات الإسرائيلية الواسعة لم تتمكن من ملاحظة ذلك. ولهذا السبب فإنّ الصهاينة في مفاجأة كبيرة وغير مسبوقة".
وأضافت: "في بداية هذه العملية - بحسب تقرير الجيش الإسرائيلي - دخل ما بين 800 إلى 1000 مقاتل فلسطيني من 80 نقطة إلى 20 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية بالقرب من حدود غزة في الأراضي المحتلة، والدخول البري ومباغتة الصهاينة يتعارض تمامًا والمبادئ الثلاثة لعقيدة بن غورين التي تقول إّن الحرب يجب أن تكون دائمًا خارج حدود "إسرائيل"، ويجب على "إسرائيل" أن تثبّت أعداءها بالاعتماد على عنصر المفاجأة، كما يجب ألا تطول الحرب.. وبناءً عليه؛ إن السؤال الكبير هو: كيف وصلت هذه المعلومات التفصيلية عن منطقة العدو إلى أيدي المقاومة الفلسطينية؟".
في الإجابة على ذلك، قالت "وطن أمروز": "خلال الأيام الماضية قال أحد المسؤولين في الفصائل الفلسطينية لوكالة "تسنيم" " إنّ جزءًا من هذه المعلومات حُصل عليها عن طريق الجنود والقوات الموجودة في الجيش الإسرائيلي، وفي الواقع كانوا مرشدين لحركة "حماس" في دخول المستوطنات الصهيونية، والأهم من ذلك القواعد العسكرية. وهذا من أسوأ الأخبار بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات والحرب الإسرائيلية، وهو ما يوضح مدى تقدم نفوذ الجماعات الفلسطينية في جسد أهم ركائز النظام، أي الجيش، فالخوف من تعاون القوات العسكرية مع "حماس" لا يمكن إخفاءه بسهولة على السلطات الصهيونية، مع أنّ وسائل الإعلام العبرية حذّرت منذ مدة طويلة من مغبّة تعاون بعض الضباط والجنود مع ما أسمتهم "أعداء "إسرائيل"".
وتابعت الصحيفة: "في الماضي، كان هذا التعاون يتركّز في الغالب على شراء الأسلحة منهم، وبحسب صحيفة "معاريف" الصهيونية، بعد بناء الجدار العازل بين "إسرائيل" ومصر (أحد الجدران الستة التي بُنيت)، لجأت المجموعات الفلسطينية إلى ثكنات الجيش الإسرائيلي لتأمين الأسلحة التي تحتاجها. ومن أجل تجهيز وحداتها، خاصة في الضفة الغربية، تحصل جماعات المقاومة على المعدات اللازمة من خلال عدة طرائق أهمها تعاون بعض الجنود الإسرائيليين".
وبحسب "وطن أمروز"، فإنّ "انتشار أزمة تعاطي المخدرات بين جنود الاحتلال وإدمان جزء كبير منهم، كان يسهّل الأمر على فصائل المقاومة في بعض الأحيان، لأنّ هذا الصنف من المدمنين كان على استعداد لبيع أسلحته مقابل أموال أو مواد مخدرة، وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن إدمان المخدرات يتزايد بين أفراد الجيش الإسرائيلي".