الخليج والعالم
مبادئ الدفاع المعرفي محطّ اهتمام الصحف الإيرانيّة
مع اقتراب الذكرى الأولى لأحداث الفتنة الأخيرة في إيران، في الخريف الماضي، تكثر المقالات التحليليّة في الصحف الإيرانيّة، والتي تركِّز على قضايا المجتمع وعلاقته بالثورة والحكومة الثوريّة ومبادئ الجمهوريّة الإسلاميّة، وفي هذا السياق كتبت صحيفة "وطن أمروز" حول الدفاع المعرفي للشعب وثقافته. وذكرت أنَّ :"زعزعة الاستقرار والتأثير على الآخرين مفهومان أساسيان في أدبيات علوم الحرب، إذ تحدث زعزعة الاستقرار من خلال الإنتاج المتعمّد للمعلومات وتوزيعها، والتي كثيرًا ما تكون كاذبة في سياق الشبكات الاجتماعيّة، كما أن التأثير يأتي أيضًا نتيجة لتحريض قطاعات من المجتمع على النحو الذي يجعلهم يتحوّلون إلى سلاح ويطلقون النار على أنفسهم وعلى مؤسسات اجتماعيّة أخرى".
أضافت "وطن أمروز": "إيران مجتمع يتعرّض إلى حرب معرفيّة مستمرة من أعدائه، والمقصود بهذه الحرب هنا هو تقديم المعلومات لمجموعات معيّنة بطريقة تجبرهم على التصرّف بأساليب خارجة عن المألوف تمامًا، غالبًا ما يجري التلاعب بهذه المعلومات بشكل كامل، بمعنى أنّ معظمها كاذب. وهي تُجمع أيضًا بطريقة تقدّم روايات ملفقة عن الظواهر الاجتماعيّة على أنّها حقيقة لجمهورها. فقد كانت أعمال الشغب التي اندلعت العام الماضي مثالًا مثاليًا لنموذج هذه الحرب المعرفيّة في إيران، والذي نجح، رغم فشله في نهاية المطاف، في إنتاج قدر كبير من عدم الاستقرار المثير للقلق عند نقطة معيّنة".
وتابعت الصحيفة: " بالنسبة إلى دولة تعيش حربًا معرفيّة مستمرة وشاملة، فإنّ ثقة الشعب هي أهم الأصول، عندما لا يمكن الكذب على أفراد المجتمع، فإنّ آلة الحرب المعرفيّة ستتوقف عن العمل، إنّ الإجراء الأمثل ضد الحرب المعرفيّة التي يشنها العدوّ هو التصرف والتحدث بطريقة تجعل الناس لا يصدقون الأكاذيب".
وأشارت إلى أنَّه "عشية ذكرى أحداث الشغب، فُعّلت آلة الحرب المعرفيّة للعدو من جديد، فما يفعلونه يوميًا هو استغلال أي ظاهرة اجتماعيّة يمكن أن تجذب انتباه الرأي العام لإنتاج روايات كاذبة وضخّها على شبكات التواصل الاجتماعي، فكلّ أمل العدو هو أن تتحوّل إحدى هذه الشرارات في النهاية إلى النار التي يبحث عنها".
وختمت "وطن أمروز": " في الواقع، هناك إجراءات بسيطة، إذا نُفّذت بعناية، ستجعل تخطيط العمليات المعرفيّة وتنفيذها أمرًا صعبًا للغاية. في الخطوة الأولى، يجب على المسؤولين أن يعدّوا أنفسهم مسؤولين عن إنتاج الروايات الصحيحة، وفي هذه الحال، ليس هناك ما هو أخطر من الوعود التي لا يرى الناس مقابلها في حياتهم الحقيقية، وبدلًا من الوعود، ينبغي للمرء أن يركز على نتائج حتى الإجراءات الصغيرة التي تكون نهائية وملموسة، يعد التركيز على النتائج في الإعلان أحد الأساليب البسيطة والفعالة للغاية لتحييد العمليات المعرفيّة من خلال زيادة ثقة المجتمع وتقليل عامل التهيج. والخطوة التالية هي الإنتاج الضخم لمحتوى عالي الجودة، في الأساس، إذا كانت لدينا نقطة ضعف أساسيّة في مواجهة الحرب المعرفيّة للعدو، فهي عدم إنتاج المحتوى بشكل كافٍ في المجالات المطلوبة. وجهاد التبيين يعتمد على الجودة بقدر ما يعتمد على الكميّة، ومن المبادئ الأساسيّة في علم النفس المعرفي أنّ زيادة كمية الظاهرة المعرفيّة يخلق التكرار، والتكرار يؤدي إلى تشكيل الواقع في العقل، وأخيرًا فإن من يزرع بذور الكذب واليأس تحت ستار الثورة هم محاربو الحرب المعرفيّة للعدو فلا بدّ من تحديد هؤلاء المحاربين".
الخطأ المشترك للثوريين والمعادين للثورة
في هذا الصدد، كتبت صحيفة "همشهري": "يعتقد بعض الثوار أنّ الإيمان بالمجتمع يضعف يومًا بعد يوم، ما هي هذه المعايير؟ ربما حال الحجاب في المدن الكبرى والأماكن الصاخبة في شبكات التواصل الاجتماعي وما إلى ذلك، كما يعتقد المعارضون للثورة أنّ الإيرانيين مناهضون للثورة، والآن ما هي معاييرهم؟ إنّه خلع الحجاب. ولهذا السبب؛ فإنّ مشروعهم بأكمله هو: "اخلع حجابك"."، أما قادة الثورة -الإمام الخامنئي- فيقولون: كثير ممن يخلعن أو ممن يكشفون الحجاب عن النساء، إذا عرفوا من يقف وراء هذا العمل، فلن يفعلوا ذلك بالتأكيد".
وأضافت: "يتعرّض شعبنا لقصف ثقافي وإعلامي شديد، لديهم الحقذ في عدم الحصول على معلومات كاملة، هناك شاهد أمامنا هذه الأيام، إنهم يفرضون رقابة بلا خجل على موكب الأربعين الذي يضمّ عشرات الملايين من الأشخاص حتى لا يراها العالم".
كما رأت الصحيفة أنَّ: "من الأخطاء الشائعة في الحسابات إرجاع العيوب الظاهرة إلى الردّة والكفر، السؤال الأول هو: هل الآخرون الذين ليس لديهم هذا العيب المظهري لديهم عيوب غير مظهرية؟ هل هم أبرياء؟ ولكن الأهم من ذلك؛ في كثير من الأحيان نخطئ في فهم سبب عيوب المظهر، على سبيل المثال، عدم ارتداء الحجاب في إيران ليس ممتزجًا مع الاختلاط والفجور، بل هو من نوع من الموضة وجذب الانتباه وأسلوب حياة".
وختمت صحيفة "همشهري": "وأخيرًا والأهم، في تحليل المجتمع، ينبغي النظر إلى العيوب جنبًا إلى جنب مع الأصول والمبادئ، معظم العيوب تكون أمام العين، لكن المبادئ تكون مخفية، فأعمال الشغب ومعارضة الثورة التي لا تفهم وستبقى في هذا الجهل، ستُدمر هي وإرادتها، ولكن دعونا لا يكون لدينا تصوّر خاطئ عن الناس في الداخل، وإلا فإننا سوف نتفاجأ باستمرار من تقلبات العصر وسنفقد قوة التنبؤ".