الخليج والعالم
سياسات واشنطن في النيجر قوضت أمن الأخيرة
أكدت الكاتبة الأميركية ستيفاني سافيل، أن العمليات العسكرية التي تنفذها الولايات المتحدة في العديد من البلدان ساهمت بنشر الفوضى التي كانت تحاول ظاهريًا منعها.
وكتبت سافيل في موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت" الأميركي تقول: "إن النيجر كانت تمثل ساحة استقرار في منطقة يعمها الفوضى، وذلك من وجهة النظر الأميركية والغربية، مضيفة بان وجهة النظر هذه ترى في النيجر نقطة مركزية في عمليات "مكافحة الإرهاب".
إلا أن الكاتبة - وهي متخصصة في العمليات العسكرية الأميركية في غرب أفريقيا بعد هجمات الحادي عشر من أيلول- قالت إن "الانقلاب" في النيجر لم يكن في نفس الوقت مفاجئًا. مشيرة إلى أن هناك تاريخًا طويلًا من التدخل العسكري في الحكم، منبهة إلى أن "الانقلاب" الأخير هو الخامس منذ أن نالت النيجر استقلالها في حقبة الستينيات.
ولفتت سافيل إلى أن البلد يواجه أيضًا ارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية التي ينفذها "إسلاميون مسلحون" (وفق تعبير الكاتبة)، والتي يستخدمها القادة العسكريون من أجل تبرير الانقلابات في بلدان مجاورة مثل بوركينا فاسو ومالي (دائمًا وفق توصيف الكاتبة).
كذلك تابعت بأن "الانقلاب" في النيجر هو نكسة للديمقراطية وفي نفس الوقت نتيجة غياب الديمقراطية، رغم المزاعم الأميركية.
وأشارت الكاتبة إلى ما قاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارة إلى النيجر في شهر آذار/ مارس الماضي حيث وصف البلد بنموذج للديمقراطية، مضيفة بأن ذلك إنما يشير إلى غض طرف واشنطن عن بعض الممارسات السلطوية لحكومة النيجر وتأجيجها الانقسامات السياسية والعرقية. كما أردفت بأن الحكومة الأميركية فشلت في الغالب بالإدراك أن عملياتها العسكرية ساهمت بالفوضى التي كانت تحاول ظاهريًا منعها.
ورأت الكاتبة أن ما حدث في النيجر يجب أن يدق جرس الإنذار لواشنطن بحيث يطرح السؤال عمّا إذا كان الدعم الأمني الأميركي يؤدى فعلًا إلى تقويض الأمن. وأضافت بأنه وخلال زيارة لها (أي الكاتبة) إلى النيجر مطلع هذا العام، "اتضح أن البلد ليس أبدًا نموذجًا للديمقراطية كما وصفه بلينكن".
وأردفت أنه وبحسب مصادر عدة، فإن حكومة النيجر فرضت حالة طوارئ في بعض المناطق حيث سمح للقوى الأمنية بإطلاق الرصاص على من يركب الدراجة النارية – تحت ذريعة أنها وسيلة نقل للإرهابيين. كذلك تحدثت عن قمع حكومة النيجر للمعارضة السياسية، كاشفة أنها التقت صحفيين وناشطين تعرضوا للسجن والمحاكمة ولأشكال أخرى لقمع أصواتهم.
وتابعت الكاتبة بأن المبالغ الطائلة التي أنفقتها الولايات المتحدة بالقطاع الأمني في النيجر وإلى جانب تدفق السلاح والمعدات، إنما عزز انعدام التوازن بين المؤسسة العسكرية وأجنحة أخرى من الحكومة.
وقالت الكاتبة إن السياسة التي تمارسها واشنطن تحت مسمى "الحرب على الإرهاب" والتي تشمل التمويل والدعم المؤسساتي هي "غير منتجة"، إذ إن عنف الحكومة ضد المسلحين هو الوسيلة الأساس لتجنيد المسلحين.
كذلك استشهدت باستطلاع للأمم المتحدة عام ٢٠١٧ والذي بيّن أن أكثر من سبعين في المئة من الأفارقة الذين التحقوا بالجماعات المتطرفة قاموا بذلك ردًا على عنف الحكومة.
كما شددت الكاتبة على أن استخدام القوة العسكرية ضد المسلحين لا يحقق شيئًا على صعيد معالجة جذور الفوضى في المنطقة.
وأضافت بأن تزايد الحركات المسلحة في منطقة الساحل يعود بشكل أساس إلى مشاكل لا يمكن أن تحل عبر القوة التي تمارسها الحكومة.
وأردفت الكاتبة بأن هناك استياءً شعبيًا كبيرًا من الفقر وفساد النخبة وغياب البنية التحتية التي تلبي الاحتياجات الأساسية. كما ذكرت في نفس السياق الظلم والعداوات العرقية والسياسية الناتجة عن الإرث الاستعماري.
كذلك شدّدت الكاتبة على أن أحداث النيجر هي درس لصنّاع السياسة الأميركيين، بأن وضع أولوية قصوى على الدعم العسكري ودعم الدول الأخرى "بحروبها ضد الإرهاب" سيؤدي حتمًا إلى تدهور الأوضاع أكثر.
من جهتها كتبت إيميلي ميلليكين في مقالة لها نشرت على موقع "ناشيونال إنتريست" قالت فيها إن قادة الانقلابات العسكرية الخمس التي حصلت في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة كانوا تدرّبوا في مؤسسات عسكرية أميركية.
وأضافت الكاتبة بأن الرئيس المخلوع محمد بازوم كان من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وأنه امتنع حتى عن تعميق التعاون مع موسكو. كما أشارت إلى أن زيارة بلينكن إلى النيجر هذا العام وما جرى خلالها من إعلان مساعدات اقتصادية جديدة وغيره، إنما أكدت أهمية العلاقات الأميركية مع النيجر، معتبرة أن إخراج بازوم من السلطة يضع علاقات النيجر مع الغرب في خطر.
وتابعت الكاتبة بأن النتيجة الأكثر إثارة للقلق للـ"انقلاب" قد تكون تعميق موطئ قدم روسيا في أفريقيا من خلال مجموعة فاغنر. لافتة إلى أن موطئ قدم فاغنر في القارة الأفريقية لم يتأثر بشكل كبير بمحاولة الانقلاب التي أقدم عليها زعيم المجموعة بريغوجين في موسكو، حيث خلص إلى أن نفوذ روسيا في أفريقيا بالتالي لم يتأثر كثيرًا. كما أشارت إلى أن بريغوجين التقى حتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقادة الأفارقة خلال القمة الروسية الأفريقية التي جرت قبل أيام بمدينة سانت بطرسبورغ.
وشدّدت الكاتبة على أنّ الدعم الأمني ليس كافيًا، وضرورة أن تقدم واشنطن الدعم على نطاق أوسع من أجل معالجة جذور الاضطراب في بعض الدول الأفريقية.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
24/11/2024
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
24/11/2024