الخليج والعالم
مناهضة التّطبيع مع العدوّ تودي بمدوّن مغربي إلى خمس سنوات سجنًا
أصدر القضاء المغربي حكمًا يقضي بسجن مواطن لمدة خمس سنوات، بسبب منشورات على "فيسبوك"، انتقد فيها تطبيع المملكة للعلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فقد صُنفت على أنّها "مسيئة" للنظام.
وقال المحامي "حسن السّني" إنّ موكله "سعيد بوكيوض" (48 عاما): "حُكم عليه بالسّجن خمسة أعوام وغرامة مالية بـ 40,000 درهم (نحو 4000 دولار) بسبب تدوينات يستنكر فيها التّطبيع مع الاحتلال، إذ قد يُفهم أنّ فيها عتابا للملك المغربي "محمد السّادس".
تعود وقائع القضيّة إلى كانون الأول/ديسمبر من العام 2020، عندما نشر "بوكيوض" المقيم في قطر تدوينات يرفض فيها الاتفاق الذي قضى حينها باستئناف المغرب علاقاته مع دولة الاحتلال في ذلك الوقت، واعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الصحراء الغربية، بحسب ما شرح محاميه. وأوضح المحامي أنّ المتهم :"حذف تلك التدوينات، وأغلق حسابه على "فيسبوك"، عندما علم أنّ هناك قضيَة ضده في المغرب".
هذا؛ واعتقل "بوكيوض"، في مطار محمد الخامس في الدّار البيضاء صباح الاثنين 24 تموز/ يوليو الماضي، حينما كان قادمًا برفقة أسرته من قطر، حيث لوحق بقانون يعاقب "كلّ من أساء إلى الدّين الإسلامي أو النظام الملكي أو حرض ضد الوحدة الترابية". وحُكم عليه، يوم الاثنين الماضي، في المحكمة الابتدائيّة في الدّار البيضاء بالسّجن 5 سنوات.
وصف محامي الدفاع الحكم بأّنه: "قاسٍ وغير مفهوم"، موضحًا أنّ موكله: "أكّد للمحكمة قصده التنديد بالتّطبيع، وليس الإساءة للملك"، وأشار إلى استئناف الحكم.
تعليقًا على ما جرى، قالت منظّمة "الفضاء المغربي لحقوق الإنسان" إنّ: "هذه المتابعة تأتي على خلفيّة سبع تدوينات ينفي نشره إياها على إحدى الصفحات في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى إثر ثلاث تدوينات سبق للمعني بالأمر أن نشرها في صفحته على "فيسبوك"، في نهاية العام 2020ـ، ندّد فيها بسياسات تطبيع السّلطات المغربيّة مع الكيان الصهيوني". إزاء هذا التوضيح رأت المنظّمة أنّ هذا القرار: "فيه خيانة للقضيّة الفلسطينية، ولا يتساوى مع الموقف الشّعبي الرافض للتطبيع والمناهض للاعتراف بكيان قاتل للأطفال والنساء والمدنيين العزل ومغتصب للأرض، ومخالف لكلّ المواثيق والعهود الدوليّة".
كما رأت المنظّمة أنّ الحكم: "يمسّ بحريّة الرأي والتعبير"، مؤكّدة ":غياب ضمانات المحاكمة العادلة في ملف السعيد بوكيوض، حينما جرت متابعته في حال اعتقال، وحينما لم تستجب المحكمة للدفع الشكلي الرامي ببطلان المتابعة الذي أثاره دفاعه، كون الأفعال المتابع من أجلها تدخل ضمن ما هو منصوص عليه في قانون الصحافة والنشر، وليس فصول القانون الجنائي".
أعربت المنظّمة، أيضًا، عن استغرابها: "من السّرعة التي جرت فيها المحاكمة، والتي استغرقت أقل من أسبوع، شملت مراحل البحث التمهيدي والتقديم أمام النيابة العامة، والمناقشة في الجلسة وصدور الحكم، على عكس ما يحدث في القضايا المتعلقة باختلاس المال العام والفساد التي تعمّر في ردهات المحاكم طويلاً من دون أن تجد للإنصاف سبيلا".
إزاء ذلك؛ طالبت المنظّمة: "بإطلاق سراح "بوكيوض" واسترجاع حريته فورًا، حتى يتسنى له المثول أمام المحكمة في المرحلة الاستئنافية حرًا طليقًا، إعمالًا بمبدأ قرينة البراءة المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، وللمادتين 11 و 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدّولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة".
كما استنكرت "الهيئة الوطنيّة لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير" في المغرب اعتقال "بوكيوض"، مؤكّدة أنّ المحاكمة اكتست الطابع التعسفي؛ لأنّها جرت على خلفيّة تدوينات بـ"فايسبوك" يعبّر بها عن رأيه بخصوص سياسات تطبيع السّلطات المغربيّة مع الكيان الصهيوني.
وصفت الهيئة الحكم بحقّ "بوكيوض" بالظالم، و:"الناجم عن متابعة باطلة قانونًا لمخالفتها بسبب عدم وجود شكاية طرف يدّعي تضرّره من التدوينات التي يعبّر فيها عن استنكاره للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب".
وأكّدت الهيئة أنّ ما قام به "بوكيوض" لا يمكن عدّه فعلًا مجرّمًا، كون حريّة الرأي والتعبير من الحقوق الأساسيّة التي يضمنها الدّستور والعهد الدّولي للحقوق المدنيّة والسياسيّة الذي يلزم السّلطات المغربيّة. وأنهت الهيئة بيانها مطالبةً بالإفراج الفوري عن الشاب "بوكيوض" وإسقاط الدعوى بحقّه.
في القصيّة؛ أنّه في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2020، بعد توقفها العام 2000؛ أعلن الاحتلال الإسرائيلي والمغرب استئناف علاقاتهما الدبلوماسيّة برعاية الرئيس الأميركي "دونالد ترامب"، ضمن ما يُعرف بـ"اتفاقات أبراهام". وفي الـ22 من الشهر نفسه، وقّعت الحكومة المغربية "إعلانا مشتركا" مع "تل أبيب" وواشنطن، خلال أوّل زيارة لوفد رسمي "إسرائيلي" أمريكي إلى العاصمة الرباط.