الخليج والعالم
انقسامات حزبيّة حادّة.. تداعيات ضعف المعسكر "اليميني الوسطي" في ضفتي الأطلسي
باتت المؤشرات المتتالية على المستوى السياسي تؤكد ضعف المعسكر "اليميني الوسطي" في ضفتي الأطلسي، وتؤكد أيضًا أنّ صعود التيار "الشعبوي اليميني" في أوروبا مرتبط بانقسامات بين الأحزاب "اليمينية الوسطية" حول كيفية التعاطي مع هذا التيار.
وبالعودة الى الوراء، فإنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منذ 7 سنوات أوضح أن جاذبية "الشعبوية اليمينية" بالكاد كانت مقتصرة على الولايات المتحدة، وكان النجاح اللاحق لرئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون في اختراق ما يُسمّى بالجدار الأحمر لمقاعد حزب العمال بمثابة تذكير بأن إعادة التنظيم الديموغرافي الذي قام عليه التحوّل لم يكن مجرد ظاهرة.
والأمر الأكثر أهمية هو الوجه الآخر للعملة: ليس قوة "اليمين الشعبوي" ولكن ضعف "يمين الوسط"، بحسب تقرير نشرته مجلة "بوليتيكو" (Politico) تحدّث عن ضعف المعسكر "اليميني الوسطي" سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا، حيث فُتح الباب مجددًا أمام "الشعبوية اليمينية" بعد العجز المروّع لليمين الوسط على جانبي المحيط الأطلسي.
وأشار التقرير إلى أن رئيس البرلمان الأميركي، كيفن ماركارتي (Kevin McCarthy)، عزل وزير "العدل"، ميريك غارلاند (Merrick Garland)، بعد التهم التي وُجِهت إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، بدلاً من قطع العلاقات مع الأخير، ما يدلّ على أنّه رهينة لقاعدة ترامب داخل مجلس النواب.
وبحسب التقرير، فإن العديد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ يواصلون استراتيجية قديمة تتمثل في التمني بأن يخرج ترامب من المشهد، وهذا ما يعكس مشهد "التفتت"، وهو يتكون من فئة تتعهد برفض الرئيس السابق، وفئة أخرى تريد هزيمة ترامب ولكن في نفس الوقت لا تريد أن تعرض مستقبلها للخطر، وهناك فئة مستعدة للتعامل مع ترامب.
وسمّى التقرير المنافس الجمهوري الأبرز لترامب، وهو حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس (Ron De Santis)، الذي يحاول إخراج الحزب من القبضة الترامبية.
أما في أوروبا، فقال التقرير إن "صعود التيار "الشعبوي اليميني" مرتبط كذلك بانقسامات بين الأحزاب "اليمينية الوسطية" حول كيفية التعاطي مع هذا التيار"، مضيفًا أن "هذه الأحزاب وكما الجمهوريون لا زالوا حتى الآن في حيرة حول كيفية التعامل مع هذا الموضوع".
ولفت التقرير إلى أن حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" في ألمانيا، وهو من "اليمين الوسط"، من المفترض أن يكون في وضعية جيدة للاستفادة من حالة الاستياء حيال الائتلاف الحكومي الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتز، إلا أنه نبّه من أن "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني يكتسب شعبية متزايدة وفق الاستطلاعات، مضيفاً أن أحد أسباب ذلك هو أن "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" لم يحسم كيف سيقدم نفسه.
أما في فرنسا، فقال التقرير إنّ الرئيس إيمانويل ماكرون لم يهيّئ خليفة يستطيع استقطاب "اليمين الوسط" والتغلّب على زعيمة حزب "الجبهة الوطنيّة" مارين لو بان.
وتابع التقرير بأنّ إسبانيا قد تكون النموذج الأوضح لما يحصل في أوروبا والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن قدرة الحزب "اليميني الوسطي" على تشكيل حكومة هناك قد تعتمد جزئياً على قدرته على تشكيل ائتلاف مع حزب "Vox" وهو حزب تابع لمعسكر "أقصى اليمين".
وأردف التقرير بأن إسبانيا ليست لوحدها بين الدول الأوروبية التي تعتمد على أحزاب "أقصى اليمين" لتشكيل ائتلافات حكومية ذات الميول المحافظة، حيث أن الحزب الجمهوري في أميركا يعوّل بطريقة مماثلة على التيار المؤيّد لترامب.
كذلك قال إنه ليس لدى الجمهوريين طريق نحو البيت الأبيض أو الغالبية في الكونغرس في حال امتنع أنصار ترامب عن التصويت، وأضاف بأن الجمهوريين باتوا مقيدين بمؤيدي ترامب بسبب ضعفهم في التصدي له في البداية.
كما تابع التقرير أنّ ما حصل في بريطانيا إنّما ينذر بما قد يحدث للأحزاب المحافظة في أعقاب رحيل جونسون، وقال إنّ "المحافظين في بريطانيا لم يعد لديهم الزعيم الشخصي إلا أنّهم يحاسبون على الفوضى التي حدثت خلال حقبة بوريس جونسون وعند رحيله، وبالتالي أصبح حزب العمال البريطاني مرجحًا للعودة إلى الحكم