الخليج والعالم
تونس: ندوة فكرية دولية بمناسبة الذكرى الـ 60 لليوم العالمي لأفريقيا
عبير قاسم - تونس
أُقيمت في العاصمة التونسية ندوة فكرية دولية تحت عنوان: "التحوّلات الجيو-استراتيجيّة في إفريقيّا ومقاومة الاستعمار والعنصريّة والصهيونيّة"، نظّمتها وحدة الدراسات الإفريقيّة في مركز مسارات للدّراسات الفلسفيّة والإنسانيّات بتونس والرابطة الدّوليّة للخبراء والمحلّلين السياسيين وشركائهما في بقية عالم الجنوب.
الندوة أقيمت لمناسبة الذكرى الستين لليوم العالمي لأفريقيا، وبمشاركة كارلوس فيو سفير فنزويلا، ومريم مارتينيز سفيرة كوبا بتونس، بالإضافة إلى مجموعة من ممثلي منظمات المجتمع المدني.
كما شارك في الندوة عن بعد كل من المطران عطا اللّه حنّا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس من فلسطين، ورئيس الرابطة الدّوليّة للخبراء والمحلّلين السياسيين ورئيس المركز الاستشاري للدّراسات والتوثيق من لبنان محسن صالح عبد الحليم فضل اللّه.
افريقيا في عالم الجنوب
وتضمّنت محاور المواضيع التالية: "التاريخ وذاكرة النضال المشترك" - "إفريقيا والتحوّلات الجيو-استراتيجيّة العالميّة الرّاهنة" - "إفريقيا في مواجهة ثلاثية الاستعمار والعنصريّة والصهيونية".
وقد حذر المشاركون من خطر التكتيكات المتبعة، التي تتلخص في تقديم المساعدات الفنية للجيوش والأجهزة الأمنية واختراقها والاهتمام بالحراسات الخاصة للقيادات الإفريقية، بالإضافة إلى توفير الدعم العسكري للدولة ومعارضيها كضمان في حال تغير الأوضاع، ودعم المعارضة في الدول غير الموالية لنشر حالة من عدم الاستقرار السياسي.
مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء
وأشار مدير مركز دراسات ارض فلسطين للتنمية والانتماء عابد الزريعي في تصريح لموقع "العهد الإخباري" على هامش الندوة، إلى أن "كلمته ركزت على استراتيجية التغلغل الاسرائيلي"، موضحًا أنها "عبارة عن مسار اتصالي لخلق بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مؤيدة لـ"إسرائيل" في افريقيا، ومضادة لأية محاولة عربية لبناء علاقة ايجابية مع القارة، وهي تدار بشكل شبه كامل من قبل "إسرائيل"، لكنها لا تعبر عن مصالحها الخاصة فقط، وإنما تنضوي على مصالح أمريكية وأوروبية، الامر الذي يوفر لها دعم خارجي"
وأضاف الزريعي: "شهدنا 3 مراحل من العلاقات الإسرائيلية الافريقية، وهي: أولا: مرحلة البناء التدريجي للعلاقات من العام 1948 إلى 1967، وثانيًا: مرحلة تراجع العلاقات من العام 1967 إلى 1977، وثالثًا: مرحلة تسارع العلاقات وتطورها من عام 1977 إلى 1990، إذ بات لـ"إسرائيل" 48 سفارة وبعثة ديبلوماسية في القارة التي يبلغ عدد دولها 53 دولة".
وقال لـ"العهد": "إذا كان التراجع قد ارتبط بحرب العام 1967 وحرب العام 1973، فإن تطور العلاقاتارتبط بمتغيرين رئيسين هما اتفاقيات التسوية والتطبيع العربي الإسرائيلي من ناحية، وانهيار الاتحاد السوفيتي من ناحية ثانية"، مشيرًا إلى أن "هذه الاستراتيجية تتبدى في صياغتها النظرية والعملية في 5 ركائز هي التحدي، والرؤية والأهداف، والموكلون بتحقيق هذه الاهداف، والتكتيكات المتبعة وهي عبارة عن استراتيجيات صغرى".
استراتيجية التغلغل الأمني والعسكري
ووفقا للزريعي، فإن "هدف هذه الاستراتيجية محدد بربط المنظومة العسكرية والأمنية لدول القارة بالمنظومة الإسرائيلية تدريبًا وتنظيمًا وتسليحًا، وتوكل مهمة الإنجاز الى الشركات الأمنية الإسرائيلية أو الوسيطة، والمجموعات العرقية المحلية، وخبراء الأمن العاملين في القارة".
وفيما يتعلق باستراتيجية التغلغل المادي، فقد أوضح أنها "تشتغل عبر مدخلين: الأول: اقتصادي وهدفه تكريس صورة "إسرائيل" كـ"دولة" متقدمة تقنيا واقتصاديا، تساعد أفريقيا على التطور بدون أطماع، أما الموكلون بإنجاز الهدف فهم البرنامج الدولي لمحاصيل الأراضي القاحلة والذي تتبناه جامعة بن غوريون، بالإضافة إلى المستثمرين والشركات الصناعية والتجارية الاسرائيلية والمختلطة، في كافة المجالات الاقتصادية"، لافتا إلى "التكتيكات المتبعة في إقامة المشاريع مثل "حديقة السوق الأفريقية" في مجال الأمن الغذائي، ومحاصيل الأراضي القاحلة، واستصلاح الأراضي، والريّ والصرف الصحي، وتشجيع المستثمرين الإسرائيليين للذهاب إلى الدول الأفريقية، وتقديم الخبرات الفنية والعلمية، وتركيز المشاريع الزراعية التي تعتمد سحب المياه في دول منابع النيل".
أما المدخل الثاني، فأشار الزريعي إلى أنه يتعلق بـ"المجال الاجتماعي والصحي والرياضي، وهدفه تكريس صورة إنسانية وخيرية لـإسرائيل" في مختلف الأوساط الافريقية. وتوكل مهمة تحقيقه الى السفارات الإسرائيلية ومنظمات المجتمع المدني والناشطون، الذي يعتمدون مجموعة تكتيكات تتبدى في توزيع مواد دراسية والواح الكترونية على الطلاب في المدارس النائية، ومواد غذائية على المناطق الفقيرة بشكل عام وخلال شهر رمضان للمسلمين، وإنشاء مراكز صحية وطبية في المناطق النائية، والقيام بحملات علاج في المناطق النائية، وإقامة معسكرات ومدارس كرة قدم لاجتذاب المواهب الافريقية الناشئة والتي تنقصها الإمكانيات".
التغلغل الثقافي
المشاركون في الندوة أكدوا أن "استراتيجية التغلغل الثقافي تهدف الى بناء صورة لـ"إسرائيل" كـ"دولة ديمقراطية"، متقدمة تكنولوجيا وتنمويا، ومركز اشعاع حضاري، صديقة لأفريقيا، ويجمعها بها تاريخ مشترك من الاضطهاد بسبب اللون والدين، وتكريس صورة للعرب كأنظمة ديكتاتورية، يستثمرون في افريقيا لمصلحتهم، بينما تستغل جالياتهم ابناء القارة، وتاريخ علاقتهم بأفريقيا يقوم على تجارة الرقيق"، لافتين إلى أن "هذه المهمة أوكلت لمجموعة من الأجهزة الثقافية والخبراء والباحثين وأساتذة الجامعات والفنانين وغيرهم".
وبحسب المشاركين، تتلخص التكتيكات المعتمدة بـ:
أولًا: في القصف الاعلامي، فقد خصصت الإذاعة الإسرائيلية برامج للبث باللهجات الإفريقية عل 15 موجة من 4 محطات إذاعية، وتبث برامجها ب 11 لغة افريقية محلية. اضافة الى عشرات الصحف في عديد البلدان الافريقية.
ثانيًا: في العمل الثقافي من خلال الحفلات والمهرجانات، بمشاركة الفرق الغنائية والموسيقية الإسرائيلية. وتنظيم المهرجانات والمؤتمرات والندوات، وترجمة اعمال ادبية افريقية.
ثالثًا: من خلال السياحة الدينية، بتنظيم رحلات الحجاج الأثيوبيين إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج.
رابعًا: في النشاط التبشيري الذي تقوم به جماعات تبشيرية يهودية، من بينها "شهود يهوه".
خامسًا: بالترويج لمقولة اليهودية والصهيونية السوداء، وان إسرائيل جزء من التراب الإفريقي، وان مينليك أحد اجداد الامبراطور هيلاسيلاسي، هو ابن بلقيس وسليمان. وان القبيلة العاشرة التائهة موجودة بأفريقيا الأيديولوجي، والعمل على إضفاء المسحة الصهيونية على الحركة الجامعة الأفريقية، تحت عنوان الصهيونية السوداء.
سادسًا: اللجوء الى التلفيق التاريخي الذي يعد أحد نماذجه كتاب الامريكي الصهيوني هنري اوبن والمعنون بـ"إنقاذ أورشليم.. التحالف بين العبرانيين والأفارقة عام 701 قبل الميلاد ".
سابعًا: توظيف الحقائق الطبغرافية المرتبطة بفلسطين، لبناء علاقات ثقافية مع بلدان القارة، ومن ذلك توظيف الأخدود الأفريقي العظيم لاختراق القارة الافريقية وتطويق العالم العربي، وإدماج إسرائيل في نسيج المنطقة الثقافي والطبيعي والجيولوجي، لتصبح جزء من المنطقة، على صعيد التاريخ والتكون الجيولوجي والجغرافي للمنطقة وأنها ليست عنصراً طارئاً وعارضاً في حاضر وتاريخ المنطقة".
اتحاد علماء إفريقيا
من جهته، حذر عمر بمبا المدير التّنفيذي لاتحاد علماء إفريقيا من مالي في حديث لـ"العهد" من "خطر استخدام الإعلام للترويج للدعاية الإسرائيلية"، وقال إن "استراتيجية التغلغل الثقافي والإعلامي برمتها تشوبها ثغرات وتنضوي على سلبيات كثيرة، يمكن توظيفها ضمن بناء استراتيجية مضادة في مواجهة المشروع الصهيوني ودحره في الساحة الافريقية".