الخليج والعالم
أميركا على خطى الاتحاد السوفياتي.. هل سيكون مصيرها الانهيار؟
نبّه مدير تحرير موقع "ناشونال إنترست" (National Interest)، كارلوس روا (Carlos Roa)، من انهيار أجندة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لا سيما في ما يتعلق بالشق الاقتصادي للولايات المتحدة، مذّكرًا بفشل رئيس الاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف في إجراء تغييرات إصلاحية في الاتحاد، متسائلًا إنْ كانت إدارة بايدن قد تعلمت من هذا الدرس، ومنبّهًا إلى عقبات تعترض طريق الرئيس الأمريكي في تطبيق سياسته الاقتصادية الجديدة، مشيرًا إلى ضعف الموقف الأمريكي حاليًّا، لا سيما بوجود معارضين أقوياء للتغيير الذي يتطلع إليه بايدن.
"روا" أشار في مقالته إلى الخطاب الذي ألقاه غورباتشوف بعد تسلّمه منصب الأمين العام للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، مذكراً بما قاله الأخير وقتها حول ضرورة التغيير، لافتًا إلى أنه أقدم بعد ذلك على إصلاح النظامين السياسي والاقتصادي، إلا أن مشروعه فشل، حيث إن النظام السوفياتي لم يقدر على إجراء مثل هذه التغييرات، دون أن تؤدي إلى الانهيار.
الكاتب أشار إلى خطاب ألقاه مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، مؤخراً في معهد "بروكينغز" (Brookings)، والذي حمل عنوان "تجديد القيادة الاقتصادية الأميركية"، قال فيه إنّ "كلام سوليفان في هذا الخطاب عكس تحوّلًا كبيرًا في الفكر الأميركي الاستراتيجي والاقتصادي، واعترافًا بأن الكثير مما فعلته الولايات المتحدة على مدار عقود لم يكن في محلّه"، مضيفًا أنّ كلام سوليفان عكس اعترافاً بضرورة إجراء إصلاحات مؤلمة وملحة.
وتابع الكاتب المذكور قائلًا: إنّ "غورباتشوف اكتشف أنّ الاعتراف بضرورة التغيير وتنفيذ التغييرات أمران مختلفان"، متسائلًا عماّ "إذا كانت إدارة بايدن في طريقها نحو تعلّم ذات الدرس المؤلم".
كما شدّد على أنّ "كلمة سوليفان لا تعكس فقط آراءه الشخصيّة، إذ إنّها وُصفت قبل إلقائها بأنها ترسم الخطوط العريضة لعقيدة إدارة بايدن في مجال الاقتصاد الدولي"، وأردف بأن الخطاب عكس رفضًا قويًّا للسياسات الاقتصادية التي تعتمد نهج الأسواق الحرة، والتي اتبعتها واشنطن منذ قرابة 40 عامًا.
وأشار "روا" إلى أنّ سوليفان اعترف أيضًا بخطأ إعطاء أولوية للقطاع المالي مقابل "الاقتصاد الحقيقي" (السلع المادية)، لافتًا إلى ما ذكره سوليفان عن تحديين جديدين، هما الأزمة المناخية والتفاوت الاقتصادي، مضيفًا أن هاتين القضيتين غيّرتا في المشهد الاقتصادي، وتتطلبان مقاربة اقتصادية جديدة.
وشدد الكاتب على أنّ الاعتراف بالمشكلة ليس سوى خطوة أولى على طريق معالجتها، كما تحدّث عن ثلاث عقبات تواجهها إدارة بايدن، والتي قد تعطل مساعيها للإصلاح.
- وذكر أولاً الاسم الذي أعطي للسياسة الاقتصادية الجديدة، وهو "الإجماع الجديد في واشنطن"، حيث قال إنّ "هذه التسمية تشير بوضوح إلى مقاربة الأسواق الحرة المعتادة"، معتبراً أن ذلك إنما يعكس عدم القدرة على التخلي الكامل عن النموذج الحالي.
- أما ثانياً، فقال الكاتب إنّ "الخطاب لم يعكس حقيقة نوايا الولايات المتحدة حيال الصين"، مشيرًا إلى تشديد سوليفان على أن بلاده لا تبحث عن مواجهة مع الأخيرة، وأردف بأن ذلك لا يعكس الواقع، لافتًا إلى أنّ إدارة بايدن قامت منذ توليها الحكم بوضع قيود مشدّدة على أشباه الموصلات (semi conductors)، فضلًا عن وضع العديد من الشركات الصينية على اللائحة السوداء.
وأضاف بأن واشنطن، على ما يبدو، تعترف بضرورة الإصلاحات المؤلمة، والتي تتطلّب التراجع النسبي لنظام القطب الواحد، وفي نفس الوقت تريد الحفاظ على هذا النظام، متسائلًا عمّا إذا كان يمكن تحقيق ذلك.
- أما ثالثاً، وهو الأهم برأي الكاتب، فهو هو اعتراف سوليفان بضرورة معالجة مشاكل وتحديات أميركا الاقتصادية، منبّهًا من أنّه ليس واضحًا ما إذا كان ممكنًا تحقيق التغيير في ظل المناخ السياسي والاجتماعي الاقتصادي القائم في الولايات المتحدة.
وأعرب عن شكوكه في ذلك، مشيراً إلى كيفية تعاطي واشنطن مع ملفات مثل وباء الكورونا والحرب في أوكرانيا، واعتبر أن أميركا أصبحت في موقع أضعف بكثير مما كانت عليه، متحدثًا عن تآكل التلاحم الداخلي والسياسي خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وتحدث الكاتب عن جهات قد لا تكون راغبة بالتغيير، مثل "وول ستريت" ومؤسسة الصناعات العسكرية.
كما اعتبر أن تنفيذ إستراتيجية صناعية أميركية لن يكون سهلًا، مشيرًا إلى الانقسامات السياسية داخل البلاد وعدد من المنافسين، فضلًا عن مصالح جهات داخلية غير راغبة بإجراء التغييرات المطلوبة.
وخلص الكاتب إلى أن أجندة إدارة بايدن قد تنهار دون وضع خطة "هجوم" واضحة.