الخليج والعالم
نتائج الاتفاق الإيراني السعودي تتسارع والرحلات الجوية تستأنف
تتواصل التطورات عقب الاتفاق المشترك بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية الذي يمهد لعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وذلك بعد سبعة أعوام من القطيعة السياسية.
القراءة الإيرانية للحدث عكسها مستشار آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي للشؤون العسكرية اللواء يحيى رحيم صفوي الذي وصف الاتفاق بأنه زلزال في مجال السياسة و"نهاية الهيمنة الأميركية على المنطقة"، مضيفًا أن "الاتفاق بوساطة الصين هو الضربة الصينية الثانية للولايات المتحدة".
وشدد صفوي على أن "مرحلة ما بعد الولايات المتحدة بدأت في منطقة الخليج مع الاتفاق الإيراني السعودي".
من جهته، اعتبر المتحدث باسم حكومة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي علي بهادري جهرمي أن الاتفاق الدبلوماسي مع السعودية يصحّح "خطأ استراتيجيًا" في سياسة طهران الخارجية بعد سبع سنوات من العلاقات المتوترة.
وقال بهادري جهرمي في مؤتمر صحافي إن "إعادة العلاقات مع السعودية أظهرت أن حلّ القضايا الإقليمية والعالمية لا يمر من خلال الغرب فقط، وكان هناك خطأ استراتيجي في الماضي في مجال السياسة الخارجية بهذا الشأن".
الدبلوماسية تتفوّق على الخلافات
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن هذا الاتفاق جاء نتيجة الارادة السياسية لكلا البلدين من أجل استئناف العلاقات، مضيفًا "إننا خلال العام والنصف الماضي شهدنا تحولات دبلوماسية وجولات مفاوضات بين وفود رفيعة المستوى من كلا البلدين، حيث جرت خمس منها في بغداد وثلاث منها في مسقط".
وتابع أن التوافق الذي حصل في بكين بين ايران والسعودية كان نتيجة عام ونصف من المسار الدبلوماسي من أجل حل الخلافات بين البلدين، موضحًا أن هذا الاتفاق خطوة موفقة في المسار السياسي من أجل حل وتسوية الخلافات بين الطرفين والمنطقة.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية أن الاتفاق الإيراني السعودي كشف أن الدبلوماسية تتفوق على الخلافات.
واعتبر أن الاتفاق استأنف العلاقات السياسية، حيث اتفق البلدان على فتح السفارات خلال الشهرين القادمين في الرياض وطهران وكذلك فتح القنصلية الإيرانية في جدة، وتم التوافق على لقاء وزراء خارجية كلا البلدين في أقرب وقت ممكن، وأن وزارة الخارجية كلا البلدين على اتصال من أجل تهيئة أرضية لقاء وزراء وفتح السفارات والقنصليات.
وأوضح أن البيئة الايجابية للاتفاق بين ايران والسعودية ستؤدي الى التقارب في المنطقة من أجل توفير مصالح جميع دول وشعوب المنطقة.
من جهته، رأى المدير العام للشؤون الشرق أوسطية في وزارة الخارجية الايرانية علی رضا عنایتي أن الاتفاق المعلن عنه في بكين حول استئناف العلاقات بين طهران والرياض، سيُمهّد الأرضية المناسبة للتعاون بين البلدين، بما يصب في مسار التنمية داخل المنطقة.
وفي مقابلة مع وكالة "إرنا"، أمل عنايتي أن يقود الاتفاق الى استمرار الأواصر القائمة على مبدأ حسن الجوار والتنمية المستدامة بين ايران والسعودية، ولفت الى أن الجانب السعودي أبدى عن رغبته خلال المفاوضات، لمناقشة القضية اليمنية أيضًا، مذكّرًا بأن الجمهورية الاسلامية الإيرانية لديها موقف شفّاف وواضح فيما يخصّ الأزمة اليمنية، وهو أنها شأن يعود الى اليمنيين أنفسهم وهم أدرى بما يجري في بلادهم ويعلمون كيف يمكن التعاطي معه.
وأكد عنايتي أن مفاوضات بكين التي افضت الى الاتفاق حول استئناف العلاقات بين طهران والرياض، جاءت بعد المحادثات على مدى عاميْن التي جرت في بغداد ومسقط، والتي هيّأت الأرضية اللازمة من أجل التوصل الى الاتفاق المذكور.
وكشف عن لقاء مرتقب بين وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ونظيره السعودي فيصل بن فرحان سيبحث تفاصيل عودة سفيري البلدين.
عودة الرحلات الجوية بين إيران والسعودية
من جانب آخر، أعلن المتحدث باسم منظمة الطيران المدني الإيرانية جعفر يازرلو عن البدء بدراسة تسيير رحلات جوية إلى السعودية، مشيرًا إلى أن هذه الرحلات سيتم إطلاقها بعد إصدار التصاريح اللازمة.
وأضاف: "بعد استكمال دراسة هذا الموضوع، سيتم إصدار التصاريح الرسمية اللازمة لهذه الرحلات، وسيتم تسييرها بين البلدين".
السعودية تأمل مواصلة الحوار البنّاء مع إيران
على صعيد السعودية، أعربت الرياض عن أملها في الاستمرار بمواصلة الحوار البنّاء مع إيران وفقًا للمرتكزات والأسس التي تضمَّنها الاتفاق، وبما يعود بالخير والنفع على البلدين والمنطقة بشكل عام، ويعزّز السلم والأمن الإقليميين والدوليين.
وأعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان أمس أن الاستثمارات السعودية في إيران يمكن أن تحدث سريعًا جدًا بعد الاتفاق بين البلدين. وأوضح الجدعان خلال منتدى القطاع الخاص الأول لصندوق الثروة السيادي السعودي أنّ هناك الكثير من الفرص للاستثمارات السعودية في إيران.
ولفت الجدعان إلى أنه لا يرى أية معوقات للاستثمار مع إيران في ظل تحقيق الاستقرار في المنطقة "طالما سيتم احترام بنود أي اتفاق".
ومن خلاصات الاتفاق الموقع بين إيران والسعودية برعاية الصين أن المحادثات التي تجري خلف الأضواء تأتي أقوى وأنجح.
وكان مجلس الوزراء السعودي تطرَّق خلال جلسته التي عقدت في قصر عرقة بالرياض الثلاثاء الماضي إلى ما تمَّ التوصل إليه بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في بكين استجابة لمبادرة الرئيس الصيني شي جينبينغ، من اتفاق يتضمَّن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.
تحوّل جيوسياسي في الشرق الأوسط
أما مديرة مركز "مالكوم كير" فرع مؤسسة كارنيجي للسلام بالشرق الأوسط مها يحيى فقد اعتبرت أن خطوة استعادة إيران والسعودية علاقاتهما الدبلوماسية بعد قطيعة استمرت 7 سنوات تمثل تحولًا جيوسياسيًا مهمًا بالشرق الأوسط يصب فى مصلحة طهران والرياض.
وقالت الباحثة في تحليل نشره موقع مركز كارنيجي للشرق الأوسط إن الاتفاق انطوى على مفاجأتَين، هما أولًا الوساطة الصينية في إبرامه، وثانيًا توقيته في هذه المرحلة بالذات، وأشارت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتدخّل فيها بكين بهذه القوة في دبلوماسية الشرق الأوسط، بالتزامن مع مساعٍ أميركية لزيادة الضغوط على إيران من خلال توسّطها بين السعودية والعدو الإسرائيلي تمهيدًا لإقامة علاقات دبلوماسية بينهما.
ولفتت إلى أنه من ناحية السعودية يبدو جليًا أن الاتفاق سيفتح باب التفاوض من أجل التوصّل إلى تسويات عدة في أماكن تحتلّ أهمية جوهرية للأمن القومي السعودي وأبرزها اليمن.
وأوضحت أن الاتفاق عزّز كذلك العلاقات السعودية مع الصين الشريكة التجارية الأكبر للمملكة من خلال منحها انتصارًا دبلوماسيًا.