الخليج والعالم
السعودية تتجاهل كارثة سورية
كشف الزلزال المدمّر الذي أصاب سورية وتركيا معًا عن حجم اللا إنسانية وازدواجية المعايير التي تتعاطى بها الدول الغربية، حيث كشفت الولايات المتحدة الأميركية ومعها دول عدّة عن الضمائر الميتة التي تتعامل من خلالها مع الشعوب وحجم التمييز والعنصرية والتفرقة التي لم ينج منها حتى الأطفال، فيما تتغنى هذه الدول إعلاميًّا فقط بالإنسانية.
وفي ما خصّ السعودية، فلطالما أظهر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عداءه الواضح للرئيس السوري بشار الأسد، لا سيما من خلال دعمه للإرهاب وجرائمه. وقد أكد بن سلمان وقوف نظامه إلى جانب الشعب السوري من بوابة الإحجام عن تقديم أي شكل من أشكال الإعانة للآلاف من الأسر المشردة والضحايا، حتى أنه انبرى إلى تقديم واجب العزاء إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دون التنازل وتسجيل موقف "إنساني" بالاتصال بالرئيس السوري لغرض التعزية.
تجاهل النظام السعودي الكارثة التي حلّت على سورية، باعتبار أن "السياسة أبدى"، وتماشيًا مع واقع البعد القيمي لآل سعود ومفهوم التضامن والمساعدة لغرض إنساني، وهي التي لا يمنعها أي شيء عن إطلاق أحكام الإعدام بحق أصحاب الرأي في شبه الجزيرة العربية. مارس الإعلام السعودي الخباثة عينها، في تغطيته للكارثة التي حلّت على سورية، مطلقًا تساؤلات لا تخلو من الاستهزاء والإهانة كأن تقول قناة "الحدث"، "هل يُريد النظام السوري أن يأخذ أوامر من إيران وروسيا في طلب المُساعدات الدولية؟ ولماذا لم يلجأ للدول العربية؟".
أتى ذلك على الرغم من مناشدة سورية المجتمع الدولي "مد يد العون" لها لدعمها بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد ومركزه تركيا، مخلفًا مئات القتلى وآلاف المصابين.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين -في بيان- "تناشد سورية الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة ووكالاتها وصناديقها المختصة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من شركاء العمل الإنساني من منظمات دولية حكومية وغير حكومية، لمدّ يد العون ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية في مواجهة كارثة الزلزال المدمر".
وذلك، دون تجاهل ترويج خبر كاذب عن طلب سورية دعمًا صهيونيًّا، حيث زعم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو – الاثنين- أنًه "وافق على إرسال مساعدة إلى سورية التي ضربها زلزال عنيف مصدره تركيا، بناء على طلبها عبر قنوات دبلوماسية"، وهو الأمر الذي نفته دمشق.
وقال نتنياهو -أمام نواب حزبه الليكود- إنّ "إسرائيل" "تلقت طلبًا عبر مصدر دبلوماسي لتقديم مساعدة إنسانية لسورية، ووافقتُ على ذلك". وأضاف أنه سيتم إرسال المساعدة قريبًا.
هذه التصريحات استدعت ردًّا نشرته صحيفة الوطن السورية نقلًا عن مصدر رسمي نفيه طلب الحكومة المساعدة من "إسرائيل" في جهود الإغاثة عقب الزلزال الذي تعرضت له البلاد في وقت سابق اليوم الاثنين.
وقال المصدر إن كل ما ينشر في وسائل إعلام العدو لا يعدو أن يكون حملة دعائية لرئيس وزرائه، مضيفًا "كيف لسورية أن تطلب المساعدة من كيان قتل وشارك في قتل السوريين طوال العقود والسنوات الماضية".
هكذا تقف سورية منكوبة وحيدة، محاصرة، مدمرة، يُسمع أنين أبنائها تحت الركام دون القدرة على إنقاذهم، ويزيدها قانون قيصر عجزًا بفعل العقوبات. أما على المقلب التركي، فتكاد اسطنبول لا تعرف من أين يأتيها العون، لفظيًّا وماديًّا. كيف لداهية ومصيبة واحدة، أصابت بلدين، في اللحظة ذاتها، وبالأداة نفسها، أن تفرّق بين الضحايا. كيف لمعايير الإنسانية أن تكون مشروخة إلى هذا الحدّ، منفصمة إلى هذا الحدّ. وحدها السياسة تفرّق وتعكس أبشع صورها وأبعادها.