الخليج والعالم
حقوق الإنسان في "السعودية" 2022 حصانة مستبد
نشرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي حول مآلات الواقع الحقوقي في "السعودية" خلال العام المنصرم.
واستهلت المنظمة الحقوقية تقريرها بالإضاءة على كسر ابن سلمان للعزلة الدولية التي أحاطت به على إثر قتل الصحافي جمال خاشقجي في السفارة السعودية في اسطنبول.
ومع بداية 2022، وعلى وقع أزمات الطاقة والتقلبات السياسية العالمية والحرب الروسية الأوكرانية، تكسّر "الحظر الدبلوماسي" على "السعودية"، فبعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نهاية 2021، افتتح ابن سلمان موسم الزيارات الدبلوماسية التي كانت "محظورة"، وضاعت تراتبية ملف حقوق الإنسان بين ملفات الطاقة والاقتصاد.
وفي آذار/مارس 2022 استقبل ابن سلمان رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، وفي تموز/يوليو الرئيس الأميركي جو بايدن، وفي أيلول/سبتمبر المستشار الألماني أولاف شولتس. وتشكل هذه الزيارات غيضاً من فيض التطبيع الذي قامت به الدول مع انتهاكات "السعودية".
وأكد التقرير أن "عدة دول كانت قد رجعت خطوة للخلف في علاقتها العلنية مع ابن سلمان، بعد ضغط حقوقي، تجنبًا لتشويه صورتها بعلاقة مخزية مع شخص يمارس وحشية لا يمكن التنبؤ بحدودها، بعد جريمة قتل خاشقجي الوحشية التي التصقت به، وبالتالي، ومع توالي الحج الدبلوماسي إليها في العام الفائت، تعافت السعودية وبشكل سريع من تبعات الحظر، وتحولت استجابتها للضغوط الحقوقية إلى شجاعة أكثر على ارتكاب المزيد من الانتهاكات دون رادع".
وبالتوازي مع "كسر العزلة"، أشارت المنظمة إلى تنفيذ النظام السعودي في آذار/مارس "الإعدام الجماعي الأكبر في تاريخ البلاد، تلا ذلك انتهاكات جسيمة، من بينها أحكام تعسفية وصلت إلى 90 عامًا بحق ناشطين، ليس لجرائم عظيمة، بل لمجرد تغريدات، حقًا.. مجرد تغريدات".
وأضافت المنظمة، "في أيلول/سبتمبر عين ابن سلمان نفسه رئيسًا للوزراء بأمر ملكي، معلنًا بذلك سيطرته التامة العلنية على صناعة القرار ونواحي الدولة. بعد أيام من ذلك، رفض القضاء الأميركي دعوى ضده على خلفية مسؤوليته عن قتل خاشقجي، وبررت وزارة الخارجية الأميركية الرفض في أنه بات يمتلك حصانة بصفته رئيسًا للوزارء. وفيما تكثفت الاحتفالات والمهرجانات في مناطق السعودية المختلفة، كانت محاولات فرض الصمت على المجتمع بالترهيب والاعتقال وقمع الحريات تتزايد. ولكن، وعلى الرغم من استمرار حملات الغسل الرياضي والأكاديمي والدبلوماسي والترفيهي واستمرار دفع المليارات، بقيت صور الضحايا وقصصهم تتناقل، لتظهر أن محاولات السعودية رسم صورة مزيفة لن يخفي عمق الانتهاكات".
سياسة البطش والإعدام
وقد بينت أرقام الإعدامات المنفذة التي وصلت إلى 147 (حتى تاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر)، اختلافًا جذريًا بين ما روجت له والواقع.
المسار اتضح في الأشهر الأولى من 2022، بعد تنفيذ أكبر إعدام جماعي في تاريخ البلاد، حيث قتلت السعودية في 12 آذار/مارس 81 شخصًا، معظمهم لم يواجهوا تهمًا من الأشد خطورة وحكموا بالقتل تعزيرًا. الملفت وبشكل كبير، أن ذلك حصل بعد 9 أيام من تصريح قال فيه ابن سلمان أن السعودية تخلّصت من عقوبة الإعدام ما عدا فئة واحدة مذكورة في القرآن حسب زعمه. ومع انقضاء الربع الأول من العام، وصل عدد الإعدامات المنفذة إلى 100، وفي تشرين الأول/أكتوبر وصل العدد في مجمل فترة تولي الملك سلمان وابنه الحكم، منذ كانون الثاني/يناير 2015، إلى ألف إعدام.
وبحسب إحصائية فإن الأشخاص المهددين بالإعدام، يبلغ عددهم حتى نهاية العام 61 شخصًا. المؤشرات التي رصدتها المنظمة تؤكد أن العدد أكبر بكثير، ويتوزع المهدّدون على مختلف درجات التقاضي.
بالمقابل، صدرت أحكام ابتدائية جديدة بحق القاصرين جواد قريريص، وعلي السبيتي الذي يعد أصغر معتقل سياسي يواجه عقوبة القتل في السعودية حاليًا، وبحق أفراد تعرضوا لتعذيب وحشي بينهم سعود الفرج ومحمد اللباد. وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة أحكامًا أولية قضت بإعدام ثلاثة من قبيلة الحويطات، شادلي وعطالله وإبراهيم الحويطي، وذلك على خلفية رفضهم لمخططات التهجير القسري.
إضافة إلى ذلك، يواجه مواطنان بحرينيان خطر الإعدام في أي لحظة بعد أن صادقت المحكمة العليا على حكميهما، على الرغم من الانتهاكات التي شابت محاكمتهما، فيما صادقت محكمة الاستئناف المتخصصة على عدد من أحكام الإعدام، بينها حكم بحق القاصرين عبد الله الدرازي وجلال اللباد، فيما أعادت المحكمة الحكم بقتل القاصر عبد الله الحويطي قصاصًا بعد أن كانت المحكمة العليا قد نقضت الحكم بقتله بحد الحرابة. الإصرار على إصدار أحكام إعدام بحق قاصرين، هو من أبرز صور التدهور الكبير الذي حدث في هذا الملف، وحاليًا، يواجه 8 قاصرين خطر الإعدام على الأقل.
إضافة إلى ذلك، أكد تقرير المنظمة على استمرار النظام السعودي في نهج احتجاز الجثامين، حيث وصل عددها إلى 132 جثمانًا على الأقل، يعود 12 منها على الأقل إلى قاصرين، كما أكدت المعلومات أنها حرمت عائلات الضحايا من حقهم بإقامة العزاء العلني عبر تهديدات مباشرة، إلى جانب الحرمان من الحق في الوداع الملائم، حيث تمت الإعدامات من دون إبلاغ العائلات.
التعذيب وسوء المعاملة
وقد تعرض المعتقلون الذين يواجهون خطر الإعدام إلى انتهاكات واسعة، بما في ذلك سوء معاملة وتعذيب داخل السجن.
قمع حرية الرأي والتعبير
لم يصل مستوى القمع في السعودية إلى ما وصل إليه في عهد الملك سلمان وابنه، إلا أن 2022 شكلت صدمة إضافية في المدى الذي قد تصل إليه في قمع الحريات حيث ضاعفت السعودية الأحكام الصادرة بشكل تعسفي ضد أفراد على خلفية تعبيرهم عن رأيهم وممارسة حقوق مشروعة، كما صعّدت من استخدامها السيئ للقوانين من بينها قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وقانون مكافحة جرائم المعلوماتية، لملاحقة الناشطين، وشهد 2022 أحكامًا غير مسبوقة، وصلت إلى عقود من السجن والمنع من السفر.
انتهاك حقوق الطفل
على الرغم من ادعاء السعودية في المحافل الدولية أنها تلتزم بتعهداتها في ما يتعلق بحقوق الطفل، وخاصة كونها دولة طرفا في اتفاقية حقوق الطفل، استمرت الانتهاكات على أكثر من صعيد.
وبحسب توثيق المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، يواجه 8 قاصرين على الأقل خطر الإعدام، وهم عبد الله الدرازي، يوسف المناسف، حسن زكي الفرج، علي السبيتي، جواد قريريص، جواد اللباد، مهدي المحسن وعبد الله الحويطي.
كما يشير رصد المنظمة إلى أن "السعودية" تعتقل العشرات من القاصرين، كما تستمر المحاكم بإصدار أحكام القتل التعزيرية بحق القاصرين في مخالفة واضحة للقانون.
انتشار الفقر
تنعدم الشفافية في تعامل السعودية في موضوع أرقام وحقائق الفقر، ويعزز غياب المعلومات انعدام أي دور للمجتمع المدني أو المنظمات التي من الممكن أن تنقل الوقائع، على الرغم من ذلك، تبيّن المؤشرات أن نسبة الذين يعانون من الفقر لا زالت مرتفعة.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024