الخليج والعالم
بعد الانفتاح التركي على دمشق.. ضياعٌ في صفوف المعارضة السورية
دمشق - علي حسن
لا تزال تداعيات التقارب التركي مع دمشق تلقي بظلالها على المشهد السياسي في سورية وخاصة على الجماعات المسلحة التي بقيت طوال ثلاثة عشر عاما تقاتل حاملة البيارق التركية وضمن أجندتها.
وفي هذا السياق، التقى قادة الائتلاف السوري المعارض وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للتحري عن مصيرهم في حال سارت العلاقات السورية التركية نحو الأمام.
على الرغم من أن أوغلو أكد استمرار دعم المعارضة السورية وأن العلاقات مع دمشق واللقاء مع مسؤوليها لن يتم رغمًا عن المعارضة السورية، إلّا أن أوغلو ناقض هذه التطمنيات في التصريح ذاته عندما أكد أن لقاءه مع نظيره السوري قد يتمّ في النصف الثاني من هذا الشهر، أي بعد أيام قليلة على أن يجري لاحقًا تقييم إمكانية عقد لقاء رئاسي يجمع الرئيس بشار الأسد بنظيره التركي رجب الطيب أردوغان.
وإزاء هذه المعطيات، تجد المعارضة السورية نفسها في موقف حرج يُهدّد مصيرها ويجعلها مشروع أضحية يقدم على مذبح عودة العلاقات بين سورية وتركيا.
ومنذ بداية الانعطافة التركية نحو دمشق، صدرت ردود أفعال من قبل المعارضة السورية لا تعكس حقيقة مخاوفها، والذي يعني بالضرورة تدمير الجسم الصلب لبنيتها العسكرية وتفكيك مؤسساتها التي تمولها تركيا بشكل كامل خاصة في المناطق التي يسيطر عليها مايسمى الجيش الوطني.
وباستثناء بعض المظاهرات المتفرقة والتصريحات الخجولة المعبّرة عن رفضها الإتفاق لم يصدر ردّ فعل قوي من جانب تلك المعارضة.
عن أسباب ذلك، قال المحلل السياسي خالد عامر لموقع "العهد" الاخباري إن هذه الجماعات والعصابات المسلحة التي ارتهنت للأتراك بشكل كامل تقيم تحالفًا ذيليًا معهم وبالتالي فهي لا تملك حتى ترف معارضتهم حتى لو تعلق الأمر بمصيرها وإمكانية تسليمها للجانب السوري.
وبحسب عامر، فإن هذا هو المصير الحتمي لكل من يرتضي خيانه وطنه والعمل لصالح الغير مع كل ما يتضمنه ذلك من المسيره السوداء لهذه الجماعات التي قتلت ونهبت وباعت مقدرات بلادها للتركي بأبخس الاثمان وعن إمكانية إستمرار هذه التنظيمات في عملها بدون الدعم التركي استبعد المحلل ذلك بشكل كامل مؤكدا أن من اعتمد بشكل كامل في معارضته على الدعم الخارجي عاجز تماماً عن الإستمرار بل إنهم حتى لايملكون قرارهم في الإستمرار بدون الدعم التركي ولن تكون هذه الجماعات إلا كبش فداء أو فرق عملة لإعادة العلاقات السورية التركية.
أسباب الانعطافة التركية تجاه دمشق
وفي تعليقه على أسباب التغير الجذري في التوجه التركي نحو دمشق، قال عامر إن "تركيا وبعد قرابة 12 عامًا من محاولاتها الحثيثة إسقاط الدولة السورية والأذى الكبير الذي الحقته ببنيتها التحتية ونسيجها الوطني، وجدت نفسها في طريق مسدود، وبات جليًا أن إمكانية إسقاطها باتت ضربًا من الخيال، ولم يبقَ من هذه المحاولات إلّا تبعاتها السلبية بعد نزوح أكثر من 4 ملايين مواطن سوري إلى تركيا ودفعها رواتب شهرية لعشرات الآلاف من الجماعات المسلحة والكوادر السياسية المرتبطة بهم، مما أوقع حكومة أردوغان في مأزق كبير، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التركية وخطر فقدان حزب العدالة والتنمية الأغلبية وخروجه من الحكم، كما أن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تُصيب تركيا وقيمة عملتها المتدهورة كانت العنوان العريض التي انطلقت منه المعارضة التركية في تحميل أردوغان المسؤولية عن هذه النتائج نتيجة سياسته في سورية وتدفق اللاجئين إلى أنقرة، وبدلًا من إضعاف الجماعات المسلحة الكردية ازدادت قوتها وباتت تشكل قوة مستقلة داخل الأراضي السورية وعلى حدود تركيا محمية من الجانب الأمريكي.
عامر أشار الى أن كل هذا الحصاد المر كان يستوجب "التكويعة التركية" حتى لو كان الثمن رأس المعارضة السورية وتنظيماتها بشكل كامل، واعتبر أن لتركيا أيضا هدفًا آخر من العلاقات مع دمشق وهو عودة الترانزيت البري مع دول الخليج التي بدأ أردوغان بالتصالح معها، وهو أمر لا يمكن تنفيذه إلا بعودة العلاقات مع سورية الطريق الأساس والوحيد إليها.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024