الخليج والعالم
الشيخ الحبيب.. معاناة طويلة في سجون النظام السعودي
يمارس النظام السعودي مسارًا طويلًا من الظلم والتعذيب والانتهاكات بحق معتقلي الرأي ورجال الدين الشيعة داخل سجون مملكة الإرهاب، في مشهدية لا تخبو أبدًا، من بين الكثير من القضايا الجائرة المبتوت بها أو تلك التي ما زالت تخضع لسياسة تغليظ الأحكام.
ولا تنفصل قضية اعتقال الشيخ محمد حسن الحبيب التعسفي عن سياق الظلم الممنهج بحق رجال الدين من أبناء منطقة القطيف، حيث أكد الفريق العامل بالاعتقال التعسفي في "السعودية" أن اعتقال الشيخ يأتي في سياق الاعتقالات الممنهجة والواسعة النطاق التي تشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي.
وفي رأي كان قد تبناه في آذار/مارس 2021، ناقش الفريق العامل المعلومات التي وصلته من المصدر حول قضية الشيخ الحبيب، ورد النظام السعودي، انتهى إلى دعوة النظام إلى إطلاق سراحه بشكل فوري وإعطائه حقه في التعويضات.
وبحسب الفريق العامل فإن قضية الحبيب" تتضمن انتهاكات واسعة، كما أنها تعكس سوء استخدام القوانين وتجاهل الحكومة السعودية للتوصيات والآراء.
وبالتزامن مع إحياء الذكرى الثانية لاستشهاد الشيخ الفقيه نمر باقر النمر، بعد إعدامه من قبل السلطات السعودية استناداً إلى حكم اتخذ بموجب قرار سياسي، قضت المحكمة الجزائية المتخصصة المعنية بقضايا الإرهاب، بالحكم بالسجن سبع سنوات على العلامة الشيخ محمد حسن الحبيب، المعتقل في سجون المباحث السعودية منذ 8 تموز/ يوليو 2016.
يُذكر أنّ الشيخ محمد حسن الحبيب (1964) هو رجل دين من "السعودية" معروف بتأييد الاحتجاجات ضد التمييز الممنهج في السعودية، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2012، تم استدعاؤه على خلفية خطبة استنكر فيها الكراهية الدينية ضد الشعية ودعا الحكومة إلى وضع حد للطائفية.
كما اتهم بإهانة القيادات والمراجع الدينية والدعوة إلى الطائفية والتحريض ضد الحكام، واضطر للتوقيع على تعهد بعدم إلقاء الخطابات، وهو ما يعتبر تقييدًا لحقه في التعبير.
وخلال خطبة ألقاها في 17 تموز/ يوليو 2015، رداً على التفجيرات التي تم تنفيذها ضد مساجد الشيعة والحسينية في السعودية، ذكر الحبيب كيف تروج المناهج المدرسية لإيديولوجية الكراهية تجاه الشيعة من خلال تصويرهم على أنهم "كفار"، ودعا إلى تعزيز الحوار بين المسلمين.
وفي تموز/ يوليو 2016، أثناء سفره إلى الكويت تم اعتقاله من قبل عناصر المديرية العامة للمباحث من دون مذكرة اعتقال واقتيد إلى سجن المباحث بالدمام حيث احتجز في الحبس الانفرادي.
ويُشار إلى أنّ الحبيب بقي أربعة أشهر في السجن الانفرادي وحرم من حقه في التواصل مع عائلته كما تعرض خلال هذه الفترة للتعذيب وسوء المعاملة، كما حُرم من النوم وأجبر على تناول أدوية هلوسة واضطر للبقاء في وضع القرفصاء لمدة طويلة وأجبر تحت التعذيب على التوقيع على إقرارات.
وفي تموز/ يوليو 2017 حكمت المحكمة ببراءة الشيخ الحبيب، إلا أن محكمة الاستئناف نقضت الحكم، وفي كانون الثاني/ يناير 2018 حكم عليه بالسجن 7 سنوات.
كذلك في نيسان/ أبريل 2018 وجهت له تهم إضافية بينها دعم المظاهرات، وفي آب/ أغسطس 2019 أضافت المحكمة 5 سنوات على الحكم الأول. إلى ذلك، في آب/ أغسطس 2020 ردّ النظام السعودي على الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي واعتبر أن الادعاءات الواردة في البلاغ غير دقيقة وبلا أدلة.
من جهتها قالت "الحكومة السعودية" إنّ الحبيب أتيحت له إمكانية الوصول إلى محام، وأشارت إلى أنّ المحكمة اتخذت التدابير اللازمة للتحقق من معلومات تعرضه للتعذيب لإكراهه على الاعتراف، واعتبر الرد أنّه لا يوجد تمييز بين المواطنين وأنّ القوانين تجرم التمييز.
يُذكر أنّ الفريق العامل ناقش المعلومات التي وردته من المصدر ورد "الحكومة السعودية" عليه، وأكد أن عدم تقديم مذكرة توقيف هو انتهاك للقانون الدولي، وأشار إلى اجتهاداته السابقة المتعلقة بـ"السعودية"، التي اعتبرت أن أمر التوقيف الذي يصدر عن وزير الداخلية أو أجهزة مفوضة مثل المديرية العامة للمباحث، غير قانوني حيث يجب أن يخضع أمر السجن إلى الرقابة الفعلية من سلطة قضائية.
وأوضح الفريق أن الشيخ الحبيب بقي 100 يوم بمعزل عن العالم الخارجي قبل أن يمثل أمام المحكمة، وأكد أنه تلقى عددًا من الشكاوى حول ممارسات مشابهة من قبل مواطنين وأجانب ومقيمين، مؤكدًا أن الحبس الانفرادي الذي يفتقر إلى أي أساس قانوني سليم هو تعسفي بطبيعته، لأنه يضع الضحايا خارج حماية القانون ويحرمهم من أي ضمانات قانونية.
بدوره الفريق العامل أشار أيضًا إلى أنّ الشيخ الحبيب حكم بموجب المادة 6 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.
وأوضح أنّ قراراته السابقة كانت قد أكدت أن هذه المادة مصاغة بعبارات غامضة وفضفاضة، في انتهاك لمبدأ اليقين القانوني، وشدّد على أنّ مبدأ الشرعية يتطلب صياغة القوانين بدقة كافية بحيث يمكن للأفراد الوصول إلى القانون وفهمه وتنظيم سلوكهم وفقًا لذلك.
كذلك لاحظ الفريق العامل أنّ القوانين التي صيغت بصياغة غامضة وواسعة النطاق قد تكون كذلك لها تأثير رادع على ممارسة الحقوق في حرية الفكر والدين وحرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وحرية المشاركة في الشؤون السياسية والعامة والمساواة وعدم التمييز.
ومن الجدير التنويه إلى دور الشيخ محمد الحبيب أثناء تشييع الشهيد خالد اللباد والشهيدين حسن الزاهري ومحمد المناسف، إذ أكدّ العلامة أن مطالب الأهالي هي العدل والحقوق، والكرامة والعزة، والإباء والحرية، وتساءل "هل هذه المطالب تُعاب علينا؟!".
يُشار إلى أنّ مواقفه المُعلنة وآراءه حول الممارسات القمعية للسلطة السعودية بحق أبناء "القطيف والأحساء"، عرّضه مرّات عدّة للمضايقات والاستدعاء والاعتقال.
وفي العام 2012، اعتقلته السلطات من مطار "الملك فهد" الدولي في الدمام، أثناء عودته من سلطنة عُمان بعد مشاركة في فعالية ثقافية، واقتادته السلطات إلى جهة مجهولة، بحسب الحساب الرسمي للشيخ الحبيب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حينذاك، إلا أنها أفرجت عنه بعد ساعات.