الخليج والعالم
كيف يبدو المشهد في بريطانيا بعد استقالة تراس؟
تعيش بريطانيا حالة من الفوضى العارمة، بعد التغييرات في رؤساء الحكومات والوزراء في ظرف شهريْن فقط، في ظل استقالة رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، التي دخلت التاريخ السياسي لبلادها من أوسع أبوابه، كأقصر مدة تقضيها رئيسة حكومة في منصبها، وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية وغياب الاستقرار السياسي، وإصرار حزب المحافظين على البقاء في السلطة، ورفض تنظيم انتخابات عامة قد تُعيد رسم المشهد السياسي البريطاني.
وأتت استقالة تراس بسبب تداعيات إعلانها الموازنة المصغرة واعترافها بارتكاب أخطاء ضمن خطتها الاقتصادية التي أربكت الاقتصاد، مما رفع من سقف المطالبات باستقالتها، حتى من داخل حزبها المحافظ الذي يشهد انقسامات بين أعضائه.
وأحدثت استقالة تراس تداعيات كبيرة، دعت على إثرها رئيس حزب العمال كير ستارمر الى المطالبة باجراء انتخابات مبكرة قد تكون فرصة الحزب لتولي الحكم من جديد، بعد تراجع شعبية حزب المحافظين في البلاد، في الوقت الذي تمت فيه الموافقة على اجراء انتخابات لحزب المحافظين لاختيار البديل الأسبوع القادم.
من المرشحون؟
ومباشرة بعد إعلان تراس تقديم استقالتها من زعامة حزب المحافظين، بدأت التكهنات حول الأسماء المرشحة لخلافتها، وهذه المرة ستتم عملية اختيار رئيس الوزراء في غضون أسبوع، حسبما أعلن غراهام باردي رئيس "لجنة 1922" المكلفة بتنظيم استقبال طلبات الترشح لزعامة المحافظين وإعلان الفائز منها.
أما عن الأسماء المرشحة فهي نفسها تقريبا التي تنافست على خلافة بوريس جونسون، وفي مقدمها وزير الدفاع بن والاس، والذي يحظى باحترام كبير داخل حزبه وعلى الصعيد الشعبي.
أما المرشح الثاني فهو بوريس جونسون، حيث أعلن ستيفن سوينفورد محرر الشؤون السياسية في صحيفة "تايمز" البريطانية أن جونسون يخطط بالفعل لإعلان ترشحه والعودة لرئاسة الوزراء، "وذلك خدمةً للصالح العام"، حسب ما تم تسريبه للإعلام.
أما المرشح الثالث فهو وزير الخزانة الحالي جيرمي هانت.
وتبقى بيني موردونت زعيمة المحافظين في البرلمان، من الأسماء الحاضرة وبقوة للمنافسة على هذا المنصب، إلا أن كثيرين يقولون إن المناصب التي سبق وشغلتها تجعلها غير قادرة على التعامل مع هذه الأزمة السياسية.
وهناك مستشار الخزانة السابق ريشي سوناك، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الوصول لرئاسة الوزراء. ونال سوناك الحد الأدنى المطلوب من الأصوات للترشح لمنصب زعيم حزب المحافظين بعد استقالة رئيسة الوزراء ليز تراس، وفق ما أفاد نواب مؤيدون. وكتب النائب المحافظ البارز في مجلس العموم توبياس إلوود عبر "تويتر": "يشرفني أن أكون النائب الـ100 عن حزب المحافظين الذي يدعم ريشي"، وتبعه مؤيدون آخرون أكدوا تجاوز سوناك حاجز الـ100.
وسيصبح سوناك تلقائيًا زعيمًا لحزب المحافظين ورئيسًا للوزراء في حال فشل منافساه بيني موردنت، وبوريس جونسون، في مسعاهما لنيل 100 ترشيح من زملائهما المحافظين في البرلمان، في حين يجري الحديث عن عودة بوريس جونسون الذي استقال بدوره بسبب مجموعة من الفضائح وتوالي استقالات أعضاء في الحكومة التي بلغت 50 عضوًا. كل ذلك يجري وسط إمكانية إجراء انتخابات عامة مبكرة يخشاها حزب المحافظين، وسط تخوف كبير من خسارة شعبيته لصالح حزب العمال.
وتشير نتائج التصويت حتى الآن الى تقدم بوريس جونسون بحصوله على 58 صوتًا، يليه ريتشي سوناك بـ 32 صوتًا، علما بأن المرشح الذي يحصل على 100 صوت يتقلد المنصب.
كيف سيتم اختيار خليفة تراس؟
بإعلان رئيس "لجنة 1922" أن اختيار زعيم جديد لحزب المحافظين سيتم خلال أسبوع، فهذا يعني أن بريطانيا لن تشهد حملة انتخابية كما حدث لاختيار خليفة بوريس جونسون.
وتذهب بعض الترجيحات إلى أن يتم تكرار سيناريو سنة 2003، عندما تم الاقتصار على مرشحيْن اثنين، وبعد انسحاب أحدهما لصالح منافسه مايكل هوارد، بقي الأخير المرشح الوحيد وتم اختياره زعيما لحزب المحافظين.
ومن المتوقع أن تطلب "لجنة 1922" الإبقاء على المرشحين الذي يحصلون على دعم 50 نائبًا من المحافظين لتسريع الانتخابات، في حين يستبعد الكثيرون أن يتم التوافق بين قادة المحافظين على مرشح واحد دون الحاجة لخوض انتخابات، بالنظر لحجم الانقسامات داخل الحزب.
أزمة اقتصادية خانقة
ووفقًا لبيان استطلاع الرأي الجديد الصادر الذي أجرته "Opinium"، فإن أكثر من نصف البريطانيين يقلصون من التدفئة والماء الساخن والكهرباء في ضغط تكلفة المعيشة، وإن واحدًا من كل سبعة أشخاص يتخلى عن وجبات الطعام، لكن هذا يرتفع إلى واحد من كل خمسة أشخاص فيما يقرب من 50 دائرة انتخابية في جميع أنحاء البلاد. وفي ظل ازدياد أزمة الديزل المتوقعة في أوروبا مع بدء فصل الشتاء، فإن الوقود لن يكون متوفرًا لملايين الأسر في بريطانيا.