الخليج والعالم
تجدد الاشتباكات الدامية بين الفصائل الإرهابية في ريفي الباب وعفرين
دمشق - علي حسن
على الرغم من محاولات التهدئة التي تبذلها كل من تركيا وبعض الفصائل الإرهابية الموالية لها، عادت أجواء التوتر إلى الميدان على إثر تجدد الاشتباكات العنيفة في محيط مدينة الباب شرقي محافظة حلب بعد ساعات على مهاجمة "الفيلق الثالث" مقار "فرقة الحمزة" (فصيلان تابعان لـما يسمى الجيش الوطني).
وأفادت مصادر أهلية في المنطقة أن اشتباكات شهدتها أطراف مدينة الباب بين الفصيلين أدت إلى استشهاد مدني وإصابة ثلاثة مدنيين آخرين بجروح.
وذكرت وكالة "سانا" الرسمية السورية أن الاقتتال المستمر بين الإرهابيين المدعومين من قوات الاحتلال التركي التابعين لما يسمى "الجبهة الشامية" وما يسمى "فرقة الحمزة" أو "الحمزات"، أسفر خلال الساعات الماضية عن مصرع 17 إرهابيًا، وإصابة 31 آخرين من الطرفين، إضافة إلى استشهاد ثلاثة مدنيين جراء القصف العشوائي المتبادل بين التنظيمين الإرهابيين.
تجدد القتال في محيط مدينة الباب، دفع ما يسمى الشرطة العسكرية و"هيئة ثائرون" و"الفيلق الأول" إلى التدخل والتحشد في مداخل ومخارج المدينة كقوات فصل لوقف الاقتتال، في خطوة أولى من مبادرة تحدث عنها ناشطون وقياديون في فصائل ما يسمى "الجيش الوطني".
شرارة المواجهات
وتدعي قوات الفيلق الثالث التي أشعلت المواجهة أنها هاجمت مقرات "فرقة الحمزات" بحجة ضلوعهم باغتيال الناشط الإعلامي محمد أبو غنوم مؤكدة أنها لن توقف هجماتها قبل تسليم الضالعين بالعملية.
بدورها، أصدرت ما تسمى "الحكومة السورية المؤقتة" بيانًا دعت فيه إلى التوقف الفوري عن الاقتتال، لمنع "إراقة الدماء"، وفتح الطريق أمام المؤسسات الأمنية والقضائية لمتابعة عملها.
القائد العسكري في "فرقة السلطان مراد" التابعة لـ"ثائرون"، الملقب بـ"أبو رياض"، قال عبر تسجيل صوتي، إن مبادرة أطلقتها مجموعة من الفصائل العسكرية لإيقاف المواجهات، ودخول قوات فصل لربط الطرقات في مدينة الباب ومحيطها. في حين استمر الطرفان باستقدام التعزيزات العسكرية إلى مناطق التماس بينهما في أرياف حلب الشمالية والشرقية، ولم يعلّق الطرفان على المبادرة الأخيرة بشكل رسمي.
حشود في عفرين
مصادر أهلية في عفرين قالت إن حشودًا عسكرية لـ"الفيلق الثالث" شهدتها المدينة تحضيرًا لشن عملية عسكرية شاملة ضد "فرقة الحمزة" التي تتمركز في مناطق متفرقة من شمالي وشرقي محافظة حلب، بينما يقع مقرها الرئيس في ريف مدينة الباب، وفي منطقة بزاعة بالتحديد.
وأضافت المصادر أن "الفيلق الثالث" نشر قواته العسكرية على الطريق الواصل بين عفرين والباسوطة شمالي حلب، في حين أُبلغ أصحاب المحال التجارية بضرورة إغلاق محالهم في الباسوطة جنوبي مدينة عفرين، بينما حشدت "فرقة الحمزة" قواتها العسكرية في بلدة الباسوطة، إذ تسيطر الفرقة على البلدة وتُعتبر مركزًا لقواتها في المنطقة.
وبحسب معلومات متقاطعة فإن مدارس بلدة الباسوطة أعلنت تعليق دوامها منذ الساعة 11 ظهرًا على خلفية التوتر، في حين شهدت قرية بابليت جنوبي عفرين اشتباكات بين "الفيلق الثالث" و"فرقة الحمزة" دون تفاصيل عن نتائجها حتى لحظة تحرير هذا الخبر.
"تحرير الشام" على الخط
وتزامنًا مع التوتر في مناطق نفوذ "الجيش الوطني"، تحدثت حسابات إخبارية مقربة من "تحرير الشام"، التي تسيطر على محافظة إدلب، عن حشود للأخيرة على جانبها من معبر "الغزاوية" الذي يصل بين مناطق نفوذ الطرفين.
وأغلق "الفيلق الثالث" المعبر والطرق المؤدية إليه تزامنًا مع الحديث عن حشود، بحسب معلومات تناقلتها حسابات إخبارية محلية عبر تطبيق "تلجرام" الشائع استخدامه في المنطقة.
وتحدثت أيضًا عن تعزيزات عسكرية "ضخمة" من جانب "هيئة تحرير الشام" من مدينة إدلب باتجاه دارة عزة ومعبر "الغزاوية"، إضافة إلى أرتال عسكرية تتجهز للدخول من طرف منطقة دير بلوط.
التخبط
المحلل العسكري أحمد العلي قال لموقع "العهد الاخباري" في تعليقه على الحدث إن الاشتباكات المتواصلة بين كافة الجماعات الإرهابية تعكس حالة التخبط والتوتر التي أصابت تلك الجماعات مع كثرة الحديث عن قرب التوصل إلى تطبيع تركي - سوري تكون نتيجته المنطقية أن يتم تقديمهم كبش فداء لتلك التسوية.
ورأى المحلل العسكري أن الثارات الشخصية والتنافس على الزعامة يلعبان أيضًا دورًا رئيسيًا في تلك المواجهات، معتبرًا أن الأيام القادمة ستشهد المزيد من الاقتتال والصراع البيني بين تلك الفصائل.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد ضجت مساء الاثنين الماضي، بتسجيل مصوّر عرضه ناشطون وصفحات محلية لـ"الفيلق الثالث"، تضمّن اعترافات عناصر "الخلية" المسؤولة عن عملية اغتيال الناشط "أبو غنوم" وزوجته الحامل قبل أيام.
ومع اتساع دائرة تداول هذه التسجيلات، زادت حدة التوتر الأمني بين "الفيلق الثالث" و"فرقة الحمزة".
وعرض التسجيل اعترافات للعنصر أنور محمد سلمان، العامل في مجموعة يقودها شخص يدعى "أبو سلطان الديري" تتبع لـ"الحمزة"، وتقديمه على أنه أحد المسؤولين عن اغتيال الناشط الإعلامي.
وقال أنور إنه تلقى تعليمات مباشرة من شخص يدعى "أبو هيثم" بمراقبة الناشط الإعلامي "أبو غنوم"، مشيرًا إلى أن عملية المراقبة كان يفترض أن تكون روتينية بحسب الأوامر التي تلقاها، نافيًا معرفته بخطة اغتيال الناشط.
وعلى خلفية هذه الأحداث، اندلعت اشتباكات بين الطرفين (الفيلق والحمزات) في مدينة الباب، تخللها قصف بالأسلحة الثقيلة من جانب "فرقة الحمزة" طال وسط مدينة الباب، على خلفية سيطرة "الفيلق" على جميع مقارها العسكرية في المدينة.