الخليج والعالم
هل تعود العلاقات السورية التركية الى سابق عهدها؟
دمشق - علي حسن
لا زال الغموض يُخيّم على الأنباء التي اوردتها صحيفة تركية عن عرض روسي لإجراء اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد من أجل التنسيق بين البلدين وردم الهوة الكبيرة بينهما.
وفي الوقت الذي نقل فيه موقع قناة "الميادين" عن مسؤول سوري رفيع المستوى لم تُكشف هويّته نفيه نفيًا قاطعًا معلومات الصحيفة التركية، رفضت الرئاسة الروسية إعطاء معلومات واضحة بشأن الاقتراح.
الناطق بلسان الكرملين ديمتري بيسكوف قال إن روسيا لا يمكنها التعليق على هذه المزاعم، موضحًا أن الشؤون السورية تمّت مناقشتها من قبل قادة روسيا الاتحادية وتركيا، ما تبقى هي القضايا الثنائية بين دمشق وأنقرة، وفق وكالة "ريا نوفوستي".
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "تركيا" المقربة من دوائر حكومية، أن هناك أنباء عن محادثة هاتفية محتملة بين أردوغان والأسد، مشيرة الى أن الزعيم الروسي دعا الأطراف للاجتماع لإجراء مناقشات.
عمل مشترك يضم الحكومة السورية
وأوضحت صحيفة "تركيا" أن أنقرة عرضت تنفيذ عمل مشترك مع روسيا وإيران وسورية، ضد "دولة القرصنة" التابعة لمنظمة العمال الكردستاني في شرق البلاد، وفق تعبيرها.
وكشفت أن دولة خليجية بالإضافة إلى دولة إسلامية أفريقية، تقومان بحركة دبلوماسية لترتيب لقاء بين أردوغان والأسد، وتابعت أن لقاء أردوغان والأسد الذي تصفه أنقرة بـ"المبكر جدًا" يمكن أن يتم بواسطة اتصال هاتفي.
وكشفت الصحيفة أن السلطات التركية والحكومة السورية وصلتا إلى مرحلة تشكيل "لجنة من الخبراء المثقفين" من الطرفين المختصين بالشأن السوري، وبهذا ينتقل التفاوض بين البلدين إلى مستوى جديد.
تقارب لا تحالف
المحلل السياسي عيسى عيسى استبعد أن تعود العلاقات الى سابق عهدها بين الطرفين، وقال لموقع "العهد الإخباري" إن هناك كمًّا هائلًا من العقبات والحواجز السياسية والاقتصادية وحتى النفسية تمنع عودة العلاقات بين الطرفين، بعد الأذى الكبير الذي ألحقته السياسة التركية بسورية، البلد الذي فتح للأتراك حدوده وأراد إقامة علاقات استراتيجية قائمة على الصداقة والمصالح المتبادلة التي تعود بالمنفعة على البلدين.
ورأى عيسى أن السياسة في النهاية لا تعرف العدو الدائم كما لا تعرف الصديق الدائم، وأن هناك ربما قنوات للحوار ستفتح من أجل التنسيق حول عدد من القضايا العالقة، ولا سيما مسألة وجود قوات قسد على الحدود الجنوبية لتركيا مع ما يحمله هذا من تهديد لأمنها، مشيرًا الى أن هناك مسائل أخرى من قبيل مسألة اللاجئين السوريين الى تركيا والذين تجاوزت اعدادهم الـ٣ ملايين وإمكانية التنسيق من أجل إعادتهم الى بلدهم.
المحلل السياسي لفت الى أن هناك قضايا عالقة لا يمكن ان تحل بسهولة، مثل الأطماع التركية في الشمال السوري ووجودها العسكري هناك ودعمها الجماعات الارهابية على اختلاف أسمائها، وقال إن تركيا تعتقد بأن المناطق التي سيطرت عليها في الشمال امتداد طبيعي لها وهي تعمد الى تدريس مناهجها هناك وتغيير اسماء المناطق والقرى الى اللغة التركية، وهذا لا يمكن أن يكون ولا بأي شكل من الأشكال مشروع وجود مؤقت بحجة مكافحة الارهاب، بل هو رغبة أكيدة من الجانب التركي في قضم أيّ بقعة جغرافية سورية يمكن لتركيا ضمها.
أسباب تغيّر اللهجة التركية
واعتبر عيسى أن الأتراك تدرجوا في تغيير تعاملهم مع سورية مع تغير الظروف، فأنقرة التي أقرّت ضمنيًا بفشل مشروعها لإسقاط الدولة السورية حاولت الاستعاضة عن ذلك بقضم أكبر مساحة من الأراضي، وعندما أرادت أن تقوم بعمليات عسكرية جديدة اصطدمت انقرة بمواقف رافضة وحاسمة من قبل سورية وحلفائها وخاصة ايران وروسيا بالاضافة الى الموقف الامريكي غير المرحب.
وبرّر المحلل السياسي اللهجة التركية الجديدة حول استعدادها للتعاون مع سورية ضد ما تصفه بالارهاب بأنها محاولة لقطع الطريق على المفاوضات بين قسد والحكومة السورية، من خلال تقديم أنقرة اغراءات الى دمشق لكي تتعاون معها في مواجهة قسد، بدلًا من التحالف معها.
وخلص الى أنه أيًّا كانت النوايا التركية وأهدافها فإن كل ما يجري على الساحة من تطورات يصبّ في مصلحة الدولة السورية التي لديها حرية التصرف الكاملة في اختيار الطرف الذي ستنسق معه من اجل استعادة حقوقها.