الخليج والعالم
تهديدات عسكرية من تركيا للشمال السوري
دمشق - علي حسن
على الرغم من القمة الثلاثية التي عُقدت في طهران، وتأكيد كل من الرئيسين الإيراني والروسي على ضرورة عدم التصعيد في الشمال السوري، والتماس الحلول الدبلوماسية بدلًا من ذلك، إلا أن تركيا - الطرف الثالث في تلك القمة - ما لبثت أن جددت تهديداتها بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري ضاربة عرض الحائط بالمساعي الايرانية والروسية للحل.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أمس الأربعاء، إنه من الممكن تنفيذ العملية العسكرية لبلاده بشمال سوريا "في أي وقت"، وفقًا لتقييم المخاطر الأمنية بالنسبة لأنقرة، على حسب زعمه. ونقلت قناة "تي آر تي" عن قالن قوله "إننا لن نطلب الإذن من أحد لتنفيذ العملية العسكرية بشمال سوريا، لسنا مضطرين لإخبار أحد عن موعدها".
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو قد أدلى بنفس التصريحات الخميس الماضي، قائلًا إن تركيا "لا تطلب الإذن مطلقًا" من أي أحد قبل شن عملية عسكرية في سوريا. وأوضح أنه يمكننا تبادل الأفكار، لكننا لم ولن نطلب مطلقًا إذنًا لعملياتنا العسكرية ضد الإرهاب، لافتًا إلى أن "ذلك يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها بشكل غير متوقع".
قرار على مستوى المحور بمواجهة الأطماع التركية
وأمام عودة التهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة، برز الموقف الواضح للحكومة السورية وحلفائها برفض التهديدات التركية والعمل لمنع ترجمتها على الأرض.
وخلال القمة الثلاثية مع إيران وروسيا الأسبوع الماضي في طهران، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - الذي يهدد بشن عملية عسكرية تركية في سوريا منذ أيار - إنه يعول على "دعم روسيا وإيران في محاربة الإرهاب"، لكن نظيريه حذرا من أن أي عملية في شمال شرقي سوريا ستلحق ضررًا بأطراف مختلفة في المنطقة.
وفي سياق تعليقه على التهديدات التركية، قال المحلل السياسي عيسى عيسى إن هناك قرارًا واضحًا على مستوى محور المقاومة وروسيا أيضًا بمنع اي هجوم تركي ومواجهته بالطرق المناسبة، وكان لافتًا البيان العسكري السوري الذي أصدرته وزارة الدفاع السورية أمس والتي أكدت فيه جهوزية الجيش السوري لمواجهة الأطماع التركية.
واعتبر عيسى أن الأمر لم يقتصر على البيان بل تعدى ذلك الى خطوات عملية تمثلت بحشود عسكرية سورية دفعت الى خط المواجهة مع التركي وعملائه، والتنسيق مؤخرًا مع قسد في نقاط الاشتباك لمواجهة اي هجوم محتمل، ولعل في القصف المركز الذي وقع بالأمس على احدى النقاط المتقدمة للجيش التركي في ريف حلب والذي أوقع ٣ قتلى في صفوف الجيش التركي و٧ جرحى اشارة واضحة الى أن الموقف الرافض للعملية التركية لا يقتصر على الكلام.
ورأى المحلل السياسي أن التحركات الأخيرة في مواجهة القوات التركية في شمال العراق من خلال عمليات القصف التي تعرضت لها والحاق خسائر مادية وبشرية فيها، وكذلك قصف القنصلية التركية، والمواقف الشعبية الداعية للرد على المجزرة الاخيرة بحق المواطنين العراقيين الابرياء الذين استشهدوا على يد القوات التركية خير دليل على أن المحور ككل يقف ضد الاطماع التركية، وسيعمل على افشالها، عدا عن الموقف الروسي الرافض والذي قدم مؤشرات على رفضه لأي تحرك تركي عبر تسييره طلعات جوية فوق نقاط التماس.
الموقف الرسمي كان واضحًا وقد عبّر عنه وزير الخارجية الروسي ومن قبله الرئيس الروسي في قمة طهران الأخيرة. ووفقًا لعيسى، فإن الحكومة التركية فشلت أيضًا في اقناع الولايات المتحدة باعطاء الضوء الأخضر بتنفيذ الهجوم، فأميركا تربطها بقسد علاقات وثيقه، في الوقت نفسه فإنها غير مطمئنة للمواقف الضبابية لانقرة التي لم تحسم امرها تمامًا في الوقوف الى جانب طرف بعينه في الحرب التي تدور رحاها اليوم في أوكرانيا.
3 عمليات عسكرية في سوريا
يذكر أن تركيا نفّذت منذ 2016 ثلاث عمليات عسكرية في سوريا على حدودها الجنوبية، استهدفت فصائل وتنظيمات كردية، كما أطلقت هجومًا مطلع عام 2020 ضد قوات الجيش السوري، فيما تسيطر وحدات حماية الشعب على جزء من شمال سوريا، وهي الفصيل الكردي الرئيس في سوريا، وتعتبره أنقرة فرعًا من حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.