الخليج والعالم
تونس تتجه نحو تأسيس جمهورية ثالثة وسط جدل دستوري وقانوني
تونس – روعة قاسم
يبدو أن تونس تسير نحو تأسيس جمهورية ثالثة وذلك مع قيام رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة خاصة بوضع مشروع دستور جديد للبلاد سيتم عرضه على الاستفتاء يوم 25 من تموز القادم؛ فتونس اليوم بصدد مسار تأسيسي جديد وذلك بعد أقل من 8 سنوات على صدور دستور 2014 بكل ما يطرحه ذلك من تحديات.
مسار جديد
ويسود جدل دستوري كبير في تونس حول هذه التحولات المصيرية التي تعيشها البلاد ومدى دستوريتها ونجاعتها اذ يؤكد العديد من خبراء القانون الدستوري في تونس أن هذا المسار الجديد يتطلب تشاركية لأنّ الدستور يتعلق بخيارات مصيرية، والحال أن الظرف الراهن ليس ملائمًا لمثل هكذا تغيير، فالحوار الوطني الراهن لا يتضمّن تمثيلية واسعة تعكس كل آراء وتصورات الفرقاء السياسيين خاصة خصوم الرئيس.
وقد اعتبر أستاذ القانون الدستوري كمال بن مسعود، خلال ندوة صحفية عقدتها الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية" "أنّ الاستفتاء الذي دعا له الرئيس التونسي قيس سعيد "غير دستوري"".
في الوقت نفسه، حذر أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ في تصريحات لوسائل إعلام محلية من أن التصويت بـ"لا" سيكون ضربة سياسية موجعة لرئيس الدولة قيس سعيد، وسيعيد العمل بدستور 2014 .
ضغط متزايد
بموازاة ذلك، تعيش تونس اليوم حالة استثنائية وفي ظرف دستوري وسياسي خاص تواجه فيه صعوبات غير مسبوقة سياسية واقتصادية ومجتمعية مما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول قدرة البلاد على الخروج من هذا المأزق بأقل الأضرار.
وقد جاء الإضراب العام الذي نفذه الاتحاد العام التونسي للشغل على كامل تراب الجمهورية وشمل الغاء كل رحلات الطيران وتوقف وسائل النقل العمومي وإغلاق مكاتب البريد، ليشكل ضغطًا متزايدًا على الرئيس قيس سعيّد .
وقد أعلن عدد من الأحزاب كـ"التيار الديمقراطي"، "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، "الحزب الجمهوري"، "حزب القطب" و"حزب العمال" عن مساندتهم للإضراب العام.
وقال البيان: "إن الأحزاب الخمسة تعبّر عن مساندتها للإضراب العام الذي يخوضه أعوان القطاع العام تنفيذًا لقرار الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل دفاعًا عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وردًا على تمادي السلطة في تجاهل مطالبهم المشروعة".
ويطالب الاتحاد الحكومة برفع أجور الموظفين في القطاع العام، وتعزيز قدرتهم الشرائية، وغيرها من المطالب الاجتماعية.
وسبق أن رفض اتحاد الشغل المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا اليه سعيد، لاعتبارات عديدة أهمها أن هذا الحوار ينطلق من مخرجات الاستشارة الإلكترونية التي لم يشارك بها الا 500 الف ناخب، وهي نسبة ضئيلة لا تعبّر عن آراء شرائح تونسية واسعة، وبالتالي لا يمكن الاستناد اليها والاعتماد عليها في مخرجات الحوار الوطني.
على صعيد آخر، أصدرت المحكمة العسكرية حكمًا بسجن المحامي سيف الدين مخلوف -الذي يتزعم حزب الكرامة المحافظ- وحرمانه من ممارسة مهنة المحاماة خمس سنوات بتهمة إهانة قاض.
يشار الى أنّ تونس تشهد منذ 25 تموز/يوليو حركة اعتقالات تطال شخصيات سياسية معارضة وذلك في إطار مناخ معقّد من التجاذبات السياسية التي تزيد إرباك الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تعيشه البلاد.