الخليج والعالم
"المنطقة الآمنة": مخطط لترسيخ احتلال تركيا لمناطق "درع الفرات"
دمشق - علي حسن
واقع المناطق الخاضعة لاحتلال التركي والفصائل الإرهابية التابعة له يناقض تمامًا ما يروج له النظام التركي، وذلك على الرغم من اقتراب العملية العسكرية المزمع شنها لإقامة ما يسمى بـ"المنطقة الآمنة" بالإضافة إلى العناوين الإنسانية التي تلطت وراءها أنقرة لتنفيذ مشروعها الجديد من الإعادة الطوعية للاجئين السوريين وتقديم العون لهم وتأمين "الحياة الآمنة المستقرة" في مناطق عودتهم.
أرقام مهولة
وفي هذا السياق، رصدت جمعيات حقوقية ونشطاء محليون حجم الفوضى والظلم وانعدام الأمن في مناطق درع الفرات المسيطر عليها تركيًا، فخلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2022 شهدت تلك المناطق مقتل ما لا يقل عن 147 شخصا قضوا بأعمال عنف، ونحو 100 اقتتال وتفجير، وأكثر من 400 حالة اعتقال واختطاف وما لا يقل عن 530 انتهاكًا آخر.
وبلغت حصيلة القتلى ضمن أعمال عنف في مناطق احتلال القوات التركية وحلفائها بأرياف حلب الشمالية والشرقية والشمالية الشرقية والشمالية الغربية وريف الحسكة وريف الرقة، 146 قتيلا هم: 57 من المدنيين بينهم 12 طفلا و4 سيدات، و78 من العسكريين، و9 من القوات التركية، وانتحاري وشخص مجهول.
أما في ملف الاقتتالات فقد وثق ما لا يقل عن 60 اقتتالا فصائليا وعشائريا وعائليا، ضمن مناطق احتلال القوات التركية وحلفائها، حيث تسببت تلك الاقتتالات بسقوط 54 قتيلًا، هم 7 من المدنيين بينهم طفلان، و47 من المسلحين، بالإضافة لإصابة العشرات بجراح متفاوتة، فضلًا عن حالة الذعر والرعب والاستياء لدى أهالي وسكان المنطقة.
ووقع 37 تفجيرا بأشكال متعددة كألغام ومفخخات وعبوات ناسفة، ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها حيث تسببت تلك التفجيرات، بمقتل 26 شخصا، هم: 8 من المدنيين بينهم طفل، و13 من العسكريين بينهم 5 قيادات، و3 من القوات التركية، وانتحاري وشخص مجهول، بالإضافة لإصابة العشرات بجراح متفاوتة، فضلاً عن حالة الذعر والرعب لدى أهالي وسكان المنطقة والاستياء الكبير من التفجيرات تلك.
وعن الاعتقالات فقد رصد الناشطون، توثيق 341 حالة اعتقال تعسفي من قبل الفصائل الموالية لأنقرة والمخابرات التركية بينهم طفلان اثنان و16 سيدة. وفي ملف الاختطاف
سجل 64 حالة خطف على يد مجهولين، وذلك خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري.
الإرهاب لا ينتج إلا الإرهاب
وحول الاحصائيات السوداوية التي تم نشرها عن الاوضاع في مناطق احتلال القوات التركية، قال المحلل السياسي جابر مصطفى في حديث لموقع "العهد الإخباري" إن "ما تشهده هذه المناطق هو نتيجة طبيعية بل وحتمية للسياسة التي تديرها انقرة في تلك المناطق"، وتساءل: "ماذا تنتظر ان يؤتى من عشرات الفصائل والتنظيمات المسلحة التي امتهنت القتل والإجرام طيلة السنوات الماضية؟".
واعتبر مصطفى أن "قادة تلك الفصائل هم مجموعة من اصحاب السوابق الذين كان لهم سجل طويل من الجرائم الجنائية قبل الحرب، واضافوا له بعد تفجر الأوضاع سجلا اجراميا يرقى الى مستوى جرائم الحرب"، مضيفا أن "تحكم هؤلاء في رقاب الناس وكراماتهم سيجر الويل والخراب على كل منطقة يتواجدون فيها، حيث سيدفع المواطن المسكين الذي لا ناقة له ولا جمل ثمن تلك الممارسات والسلوكات الاجرامية".
وتابع أن "تعدد تلك الجماعات ومحاولات كل طرف إثبات قوته على حساب الفصيل الآخر لإعطاء الانطباع لدى الاتراك انهم الفصيل الأكثر قوة وأنه الاجدر بأن يعتمد عليه الاتراك، زاد من حدة الفوضى واشاع قانون الغاب الذي يقف عند اي رادع أو ضوابط أخلاقية".
وفي تعليقه على المخطط التركي بشأن إقامة "المنطقة الآمنة"، اعتبر مصطفى أن "الأتراك يتعمدون وضع العناوين الاستفزازية لعملياتهم العسكرية في سورية، فالعملية التي اسموها "غصن الزيتون" تسببت في قتل آلاف السوريين وتهجير مئات آلاف آخرين والسيطرة على أملاكهم، وها هم اليوم يطلقون اسم "المنطقة الآمنة" على أحد أخطر الأماكن في سورية بل وفي العالم وهم لا يجدون اية مشكلة في مثل هذا التناقض".
وعن تأثير أعمال العنف على المشروع التركي، قال إن "الاتراك سيجدون صعوبة كبيرة في اقناع العالم بصوابية عمليتهم العسكرية خاصة في ظل الفوضى العارمة في مناطق سيطرتهم، كما أن اية عملية عسكرية تستوجب التفاهم أولا مع الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، وهذا أمر مستبعد تماما في ظل الصراع العنيف الذي يدور بين الطرفين بعد الحرب الأوكرانية".
وذكر مصطفى أن "تركيا ستواجه هذه المرة الجيش العربي السوري وحلفاءه الذين عززوا من وجودهم في تلك المنطقة، وقد اعلن الرئيس بشار الأسد ان سورية ستواجه اي عدوان تركي جديد بالمقاومتين الشعبية والعسكرية المباشرة".