الخليج والعالم
احتدام المعارك بين الفصائل المسلحة في "رأس العين" السورية
دمشق - علي حسن
لا تزال أحياء وشوارع مدينة "رأس العين" شمال غرب محافظة الحسكة ساحة مفتوحة للمعارك والاقتتال الداخلي بين الفصائل المسلحة التابعة لتركيا، والتي اخذت بعدًا عشائريًا. وذكرت الأنباء أن القتال قد احتدم بعد قيام فصيل "الحمزات" بإعدام أحد عناصر فصيل آخر تابع لـ "أحرار الشرقية"، ويعود بأصوله الى قبيلة "العكيدات"، الأمر الذي دفع العشيرة وأنصارها الى مهاجمة مواقع فصيل "الحمزات" وقبيلة "الموالي" التي يتبع لها القتلة من بعد مصرع أحد العناصر المسلحة الذي تعود أصوله الى قبيلة "العكيدات".
الاحتلال التركي يتدخل
وقد دخلت القوات التركية على خط الفصل بين أدواتها المشتبكة فيما بينها، حيث قامت بقطع الطرقات وإغلاق مداخل ومخارج المدينة، وسط تحليق مكثف لمروحيات تركية في الأجواء.
وأشار ناشطو ما يسمى "المرصد السوري لحقوق الإنسان " إلى أن الاشتباكات العنيفة لا تزال مستمرة، وتوسعت إلى قريتي "تل حلف" و"دويرة" بريف رأس العين الغربي، بالإضافة لاعتقالات متبادلة بين الطرفين، إذ تطالب "العكيدات" والمسلحون الموالون لها من أبناء المنطقة بطرد المسلحين من أبناء المحافظات الأخرى.
وقال المرصد السوري إنه وعلى خلفية مقتل عنصر من "أحرار الشرقية" ينتمي إلى قبيلة "العكيدات" ليلة أمس في مدينة "رأس العين" على يد قيادي من عشيرة "الموالي" ضمن فصيل "الحمزات"، عمدت قبيلة "العكيدات" إلى حشد جميع ابنائها وانصار لها من قبيلة "العدوانة" و"القرعان" في "رأس العين" وريفها بريف الحسكة، ليبدأ المسلحون هجومًا عنيفًا مع ساعات الفجر الأولى من يوم الأربعاء على مسلحين من عدة فصائل متواجدة في المدينة من باقي المناطق السورية.
وتمكنت عشيرة "العكيدات" من السيطرة على عدة أحياء في "رأس العين"، بالإضافة للسيطرة على مقرات عسكرية وأسلحة لفصائل من خارج "رأس العين"، وأسفرت الاشتباكات العنيفة عن مقتل 3 مقاتلين وإصابة 8 آخرين من الفصائل التي هاجمها عناصر "العكيدات"، كما تمكن الأخير من أسر 8 عناصر من الفصائل، فيما أصيب 3 مدنيين بينهم طفل وسيدة بجروح وذلك لوقوع الاشتباكات بين الأحياء المدنية وسط حالة من الخوف والذعر.
وشهدت قرى تابعة لـ "رأس العين" كحلف ودويرة قتالًا عنيفًا بين الطرفين، حيث جددت "العكيدات" وقبائل محلية أخرى مطالبتهم بطرد من تصفهم بالغرباء من مناطقهم التي يسكنون فيها، في اشارة الى قبيلة "الموالي" التي يتقاتلون معها.
وكان عناصر من عشيرة "الموالي" قتلوا بالأمس عنصرًا من الفصائل الموالية لتركيا في مدينة رأس العين، ثأرًا لمقتل أحد أفراد العشيرة خلال اشتباكات سابقة بين الفصائل منتصف نيسان الفائت.
اتساع المواجهات الى ريف حلب رغم تدخل الاتراك
وعلى الرغم من تدخل الجيش التركي، وقيامه بإغلاق الطرق والشوارع بالدبابات، والتحليق المكثف للطيران المروحي التركي في الأجواء، إلا أن كل ذلك لم يفلح في وقف المعارك، بل شهد التوتر بين الطرفين تصعيدًا كبيرًا بانتقاله إلى ريف حلب وتحديدًا الى مدينة "جنديرس" بريف المدينة، حيث قام عناصر "الحمزات" بنصب الحواجز وإلقاء القبض على خمسة مواطنين لمجرد أن أصولهم تعود الى المنطقة الشرقية التي تتبع لها "العكيدات" الأمر الذي دفع بالأخيرة لاستنفار عناصرها واستدعائهم الى عفرين التي تتبع لها "جنديرس" لمواصلة القتال هناك.
سياسة الاتراك ترتد عليهم
المُحلّل السياسي عيسى عيسى قال لموقع "العهد الإخباري" إن الصراعات التي لا تتوقف في مناطق سيطرة الأتراك ترجمة طبيعية لسلوكهم القائم أساسًا على التفرقة واثارة الصراعات، فالاعتماد على عدد لا يحصى من الفصائل وتخويف كل طرف منها بالآخر بالاضافة إلى اختيار عتاة المجرمين لتسلم تلك الفصائل كان سببًا جوهريًا لتلك النزاعات.
واعتبر عيسى أن تفجر الصراعات القبلية والعشائرية عائد للفراغ والضياع الذي أحدثه ضرب الهوية الوطنية للمواطنين السوريين في تلك المناطق، حيث بات الانتماء إلى القبيلة والعشيرة والمذهب الملجأ الوحيد للمواطن في ظل انعدام القانون والنظام في الأجزاء الخاضعة لسيطرة تلك الفصائل.
ورأى عيسى أن هذه الفوضى ستصعب المهمة على الاتراك في إقناع دول العالم وسكان المناطق على السواء في اقامة المنطقة الآمنة المنشودة التي لا يرى منها الا ما يناقض هذه التسمية تمامًا من فوضى واضطراب وانعدام للأمن.